هناك تفصيل لافت لا يمكن تجاهله في كل مناسبة أو احتفال مهيب، وهو "السجادة الحمراء" أو Red Carpet، التي تُفرش لتُمهّد الطريق نحو الحدث. إنها سجادة مخملية بلونها الأحمر العميق، ترمز إلى الفخامة، والاحترام، والتقدير.
تُستخدم هذه السجادة للإعلان عن لحظة استثنائية، سواء في الممرات المذهّبة داخل القصور الملكية، أو على بوابات المهرجانات العالمية، مرورًا بحفلات توزيع الجوائز، والاستقبالات الدبلوماسية، وحتى حفلات التخرّج الحديثة. ونظرًا لما يحمله اللون الأحمر من دلالات ترتبط بالهيبة وقوة العاطفة، لم يكن اختياره عشوائيًا. فالمشي على هذه السجادة يُعدّ دخولًا إلى مساحة تحتفي بالشخص وتمنحه وهجًا خاصًا، لا يشبه اللحظات العادية، خصوصًا في ظل وجود المصورين والكاميرات التي توثق عبور المارّين عليها.
وهكذا، تحوّلت السجادة الحمراء إلى رمز عالمي تتوارثه الطقوس الرسمية، وتستلهمه أبرز الفعاليات الكبرى حول العالم.

تاريخ:

هناك عدة روايات وأساطير متداخلة حول تاريخ السجادة الحمراء. وبحسب الرواية الأولى، فإن البابليين في القرن الخامس قبل الميلاد هم أول من استخدمها، حيث فُرش خصيصًا للملوك باعتباره رمزًا للفخامة والثراء.
أما الرواية الثانية فتقول أن أول ذكر أدبي للسجادة الحمراء في مسرحية "أجاممنون" لإسخيلوس عام 458 ق.م، حيث مدت الملكة كليتيمنيسترا زوجة الملك الإغريقي، بساطًا أحمراً يمتد من بوابة المدينة إلى القصر، لاستقبال زوجها المنتصر في حرب طروادة، والذي قاد الانتصارات الكبيرة في القرن الخامس قبل الميلاد. ما اعتبره البعض تكريما له، إنما في المقابل، هناك رواية تقول أن هذا المشهد اتخذ لاحقاً طابعاً مأساوياً، إذ بعد رجوعه للبلاد أرادت زوجته الاحتفال به ولكن في ظل خيانتها له مع شخص آخر، لذلك أقامت ممرا باللون الأحمر الذي يشير إلى الدم أي إلى العداء، وبالفعل تم قتله بعد انتهاء مراسم الاحتفال.
هناك رواية أخرى ترى أن السجاد8 الأحمر بدأ استخدامه العملي لاحقًا في الولايات المتحدة عام 1902 في محطات القطارات لتوجيه الركاب بطريقة لافتة. ومع مرور الزمن، أصبح السجاد الأحمر رمزًا عالميًا للاحتفاء بالشخصيات البارزة في الاحتفالات والمناسبات الكبرى.

لماذا اللون الأحمر؟

تم اختيار اللون الأحمر للسجادة لما يحمله من رمزية تاريخية عريقة. فكان هذا اللون منذ العصور القديمة لونا مميزا للأغنياء والنبلاء. وبالرغم من أنه كان اللون الأول الذي تعلمت الحضارات القديمة انتاجه، إلا أنه كان صعب التصنيع وتكلفته مرتفعة. في القرن السادس عشر، تم استخلاص اللون القرمزي من صباغ الدودة القرمزية، التي كان موطنها إمبراطورية الآزتيك في مرتفعات أميركا الوسطى والجنوبية، ويتم تخفيفها بطرق خاصة للاستخدام في المنسوجات الاحتفالية.
أصبح السجاد الأحمر خلال عصر النهضة، رمزًا للفخامة والسلطة، يُفرش تحت أقدام كبار الشخصيات وأصحاب النفوذ. كما استخدمه الرومان في احتفالات النصر، مما عزز ارتباط اللون بالأبهة والتكريم. مع تطور الأصباغ الصناعية في القرن التاسع عشر، أصبح السجاد الأحمر أكثر انتشارًا، لكنه حافظ على مكانته كرمز للتكريم والاحتفاء بالشخصيات المهمة، وهو ما جعله اللون المثالي للمناسبات الرسمية الكبرى.

الظهور الأول للسجادة الحمراء:

في عام 1821، ظهرت السجادة الحمراء لأول مرة، حين فرشت لاستقبال الرئيس الأميركي جيمس مونرو خلال إحدى جولاته الداخلية، وذلك للتكريم والترحيب به.
في عام 1902، استعانت سكك حديد نيويورك المركزية بالسجاد الأحمر في محطات القطارات لتوجيه الركاب وإضفاء لمسة من الفخامة، خصوصًا لركاب الدرجة الأولى.
وفي عام 1922، كان أول ظهور للسجادة الحمراء في عالم الأضواء، وذلك عندما فرشت أمام المسرح المصري في هوليوود خلال العرض الأول لفيلم "روبن هود" بطولة دوغلاس فيربانكس.
أما الانتشار الحقيقي للسجادة الحمراء في عالم السينما، فكان مع حفل توزيع جوائز الأوسكار الثالث والثلاثين عام 1961، وحينها أصبحت السجادة رمزًا أساسيًا لمراسم الاحتفال واستقبال النجوم، وتحولت إلى تقليد عالمي في المهرجانات السينمائية، والمناسبات الفخمة، والفنادق الراقية.

أين يتم استخدامها؟:

عالميًا:

  1. مهرجان كان السينمائي (فرنسا): من أبرز المهرجانات التي تشتهر بعروض السجادة الحمراء الفاخرة.
  2. حفل توزيع جوائز الأوسكار (الولايات المتحدة): تعتبر السجادة الحمراء هنا حدث بحد ذاته، مع تغطيات إعلامية مكثفة.
  3. مهرجان البندقية السينمائي (إيطاليا): هو أقدم مهرجان سينمائي، ويتميز بسجادة حمراء كلاسيكية وعريقة.
  4. مهرجان تورونتو السينمائي الدولي (كندا): من النهرجانات التي تعتمد السجادة الحمراء للعروض الأولى للأفلام.
  5. مهرجان برلين السينمائي (ألمانيا - "البرليناله"): يشتهر بسجادته الحمراء التي تجمع نجوم السينما من حول العالم.
  6. جوائز الغولدن غلوب (Golden Globe Awards): مناسبة بارزة للسجادة الحمراء قبل توزيع الجوائز.
  7. ميت غالا (Met Gala): ليس مهرجانًا سينمائيًا بل حفل خيري للأزياء، لكن سجادته الحمراء من الأشهر عالميًا.

عربيًا:

  1. مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (مصر): يخصص سجادة حمراء للاحتفاء بالنجوم المصريين والعرب والعالميين.
  2. مهرجان الجونة السينمائي (مصر): عرف بتميز سجادة حمراء تُسلط الضوء على أزياء المشاهير.
  3. مهرجان البحر الأحمر السينمائي (السعودية): يعتمد سجادة حمراء راقية تجمع أهم نجوم الفن العربي والعالمي.
  4. مهرجان قرطاج السينمائي (تونس): مهرجان عريق يعتمد مراسم سجادة حمراء لاستقبال ضيوفه.
  5. مهرجان مراكش الدولي للفيلم (المغرب): من أبرز الأحداث الفنية في العالم العربي ويهتم بالسجادة الحمراء.

في لبنان ايضا توضع السجادة الحمراء في العديد من حفلات الجوائز نسمي منها حفل الموريكس دور وحفل تكريم نجوم "الزمن الجميل" ، مهرجان بيروت السينمائي، مهرجان إضافة وغيرهم..

السجاد الأزرق في تركيا :

يستخدم السجاد الأزرق في تركيا في المناسبات الرسمية، كبديلا عن السجاد الأحمر، وهو ما أثار الانتباه في مختلف المناسبات، إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذا اللون ليس وليد صدفة، بل مستند إلى قرار رسمي صدر في تركيا عام 2013.
وفي 19 تشرين الثاني/ نوفمبر من ذلك العام، قرر مجلس الوزراء التركي اعتماد السجاد الأزرق بدلاً من الأحمر خلال مراسم الاستقبال الرسمية، وتم تنفيذ القرار فعلياً في مختلف المناسبات الدبلوماسية. وبحسب الروايات، قيل أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما كان رئيساً للوزراء، أعرب عن انزعاجه من أن يكون السجاد الأحمر بلون العلم التركي، معتبراً أن السير عليه بالأقدام لا يليق برمز الدولة، لذلك قرر تغيير اللون.
وتم اختيار اللون الأزرق الذي يرمز إلى لون بحر مرمرة الذي يعتز به الأتراك، وهو لون منتشر في معظم أبنية تركيا.

السجاد البنفسجي في السعودية:

أما السعودية، يُعتمد اللون البنفسجي بدلا من الأحمر التقليدي في سجاد حفل "Joy Awards" الكبير، الذي يُعد أحد أبرز الفعاليات الفنية في المملكة، كما أصبح اللون الرسمي في مراسم استقبال ضيوف الدولة من رؤساء وسفراء وممثلي الدول. وبحسب ما أعلنته وزارة الثقافة في السعودية، فإن السبب في اختيار هذا اللون، هو ارتباطه العميق بالطبيعية السعودية حيث تغزو زهرة الخزامى البرية الصحاري والهضاب في فصل الربيع.
وقالت وزارة الثقافة في بيانها: "يتماهى السجاد البنفسجي مع لون صحاري المملكة وهِضابها في فصل الربيع عندما تتزين بلون زهرة الخزامى ونباتات أخرى مثل العيهلان والريحان، التي تُشكّل في مجموعها غطاءً طبيعياً بلون بنفسج، يعكس ترحيبَ أرض المملكة بعابريها وكرمها الذي يتماثل مع كرم أهلها".
وأضافت: "سجاد المراسم البنفسجي يتضمن حضوراً بارزاً لعنصر ثقافي سعودي آخر يتمثّل في فن حياكة السدو التقليدي الذي يُزيّن أطراف السجاد الجديد".
وتابعت: "يُضفي بُعداً ثقافياً إضافياً كونه من الحِرف الشعبية الأصيلة في المملكة، والمُسجّل رسمياً في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو. حيث تمتد النقوش المميزة للسدو على جانبي السجاد، لتمنح هذا الفن الوطني العريق مساحة جديدة تضاف لاستخداماته المتعددة في حياة السعوديين".

حفل الـ MET GALA

يعتبر حفل الـ MET GALA من أبرز الأحداث السنوية في عالم الموضة والفن، والتي يتألق فيه المشاهير على السجادة الحمراء لإبراز أزياءهم المستوحاة من موضوع الحفل السنوي. اعتمد هذا الحفل من انطلاقه بشكل رسمي عام 1948، على اللون الأحمر للسجاد التي يستقبل عليها المشاهير، إلا أنه لاحقا بدأت تختلف ألوان السجاد من عام إلى آخر، لتواكب فكرة الحفل. ويعتبر عام 2015 نهاية استخدام السجادة الحمراء التقليدية، ففي عام 2016 اعتمد اللون الوردي والأحمر والكريمي للسجادة، أما في عام 2017 فتم اختيار اللون الأزرق النقي مع الأبيض. وفي عام 2018 اعتمد اللون الكريمي مع تأثير الزجاج الملون وخطوط حمراء على الأطراف للسجادة.
في عام 2019 اختير اللون الوردي للسجادة، وفي عام 2021، كان لون سجادة الحفل أبيض مع نقوش أوراق خضراء، وثم في عام 2022، ظهرت السجادة في الحفل باللون الأحمر مع خطوط بيضاء وزرقاء. في عام 2023 اعتمد اللون البيج مع الخطوط الزرقاء والحمراء للسجادة، أما في عام 2024، تم اختيار السجادة البيضاء مع تأثير أوراق خضراء، وأخيرا في عام 2025، اختير اللون الأزرق الغامق للسجادة مع ورود صفراء وبيضاء.