هي رحلة إيمان نادرة عاشتها نهاد الشامي، المرأة اللبنانية التي تحوّلت قصتها إلى شهادة روحية تُروى على المنابر وتتداولها وسائل الإعلام. علاقتها بالقديس شربل لم تبدأ مع الأعجوبة الكبرى التي حصلت معها عام 1993، بل تعود إلى طفولتها، إذ رافقتها تجارب إيمانية متعدّدة، توالت خلالها الأعاجيب التي وصفها الأطباء آنذاك بأنها "معجزات غير مفسّرة".

قصة نهاد لم تنتهِ برحيلها الجسدي، اذ ان ذكراها ستبقى حيّة، كما أن الحركة الإيمانية التي أطلقتها، ولا سيما المسيرة التي تُنظّم في الثاني والعشرين من كل شهر إلى ضريح القديس شربل في دير مار مارون – عنايا، ستخلّد اسمها إلى الأبد كشاهدة على الأعاجيب... وقد تكون يوماً ما على درب القداسة.

بداية الحكاية

ولدت نهاد الشامي في كنف عائلة مؤمنة، والدتها كانت أول من علمها الصلاة وهي رغم عمرها الصغير كان حبها ليسوع المسيح قصة عشق ايماني كبير اذ كانت تقضي معظم وقتها في الكنيسة. في عام 1950، وفي سنّ الثانية عشرة، زارت نهاد محبسة القديس شربل ووقفت متأثرة بشدة حتى البكاء. حين سألتها والدتها عن سبب دموعها، أجابت: "يا ريت بعيش حياتو، لا بدي مال ولا قصورا".

تلقت نهاد عرض زواج وقَبل والدها من دون رغبتها فما كان منها الا ان تهرب الى دير الراهبات حيث كانت خالتها راهبة وأرادت ان تمشي هي ايضاً على هذا الدرب قبل ان يعيدها والدها الى المنزل ويلغي هذا الزواج احتراماً لشعور ابنته.

الزواج والعذاب

بعد فترة، تمّ تدبير زواج نهاد من الشاب المندفع سمعان الشامي، من خلال شقيقتها وشقيقته، فتزوّجا رغم رفض والدته الشديد لهذا الزواج، إذ تعهّدت بأن تجعل حياة نهاد "سواداً"، وبالفعل بدأت معاناتها منذ اليوم الأول، حيث تعرّضت لسوء المعاملة. عاشت حياة قروية قاسية: من الطبخ والغسيل على الحطب، إلى العناية بالحيوانات والزراعة. وعلى الرغم من صعوبات الحياة، لم تنقطع نهاد عن الصلاة، وحرصت على تعليم أولاد الضيعة أصول الإيمان المسيحي، حتى في ظلّ معارضة زوجها أحياناً.

رزقت نهاد من سمعان بـ12 ولداً، ورغم ما بذلته من جهد في تربيتهم والقيام بكل الأعمال المنزلية، استمرّت في التعرّض للعنف الجسدي والمعنوي والإهانات المتكررة من حماتها، حتى وصلت إلى حافة الانهيار، وحاولت إنهاء حياتها مرّتين: الأولى عندما همّت بالقفز عن الجسر فأنقذها ابنائها، والثانية عندما حاولت شرب السمّ، لكن تدخّل زوجها في اللحظة الأخيرة وأنقذها. وقد شكّلت هذه الحادثة الأخيرة نقطة تحوّل في شخصية زوجها سمعان، الذي بدأ يرى الأمور بوضوح، فغيّر موقفه وأصبح مدافعًا شرسًا عن زوجته.

ورغم كل الألم والمعاناة، بقيت نهاد وفيّة لرسالتها الإنسانية، فخدمت حماها وحماتها على فراش المرض. واستطاعت، من خلال معاملتها الحسنة، أن تغيّر قلب حماتها التي طالما أذتها، فبُدّل الحقد إلى محبة، ولم تغادر الحياة قبل أن تطلب من نهاد السماح.

الأعجوبة الجسدية الأولى: عملية في الحلم

روت نهاد الشامي كيف شُفيت من حصوة في الكلية كانت تتسبب لها بآلام مزمنة والتهابات متكررة. كانت الحصوة، التي بلغ طولها نحو 1.5 سم، تستدعي دخولها المتكرر إلى المستشفى خصوصاً انها كانت وقتها حامل، حيث كانت تمضي أسبوعاً كاملاً تحت المراقبة، ثم تعود إلى المنزل ليوم أو يومين فقط، قبل أن تضطر للعودة من جديد بسبب تفاقم الألم.

حينها، قرّر الطبيب أنطوان الشامي، صاحب مستشفى "سيّدة مارتين"، أن يجري لها عملية جراحية. إلا أن الولادة الحديثة التي كانت قد مرّت بها حالت دون تنفيذ العملية في حينها. تقول نهاد إنها، في خضمّ الألم والعجز، قرّرت التوجّه إلى محبسة مار شربل في عنايا. هناك، ركعت وصلّت بحرقة، وأخذت قليلاً من التراب الموجود أمام المحبسة وابتلعته.

وفي تلك الليلة، رأت في حلمها القديس شربل : "ناداني باسمي قائلاً: نهاد، نهاد، واعية؟ أجبته: نعم، أنا واعية. قال لي: اجلسي، أية كلية تؤلمك؟ أجبته: الكلية اليسرى". وتابعت : "شعرت به يشقّ جسدي، وفزعت حين رأيت جلدي مفتوحاً من دون أن يسيل منه دم. فصرخت مستنجدة بالعذراء: يا عدرا دخيلك، كيف بدو يعملي عملية بلا بنج؟ فأجابني بهدوء: أنا بونا شربل، عملتلك عملية للبحصة".

في تلك اللحظة، استيقظت نهاد على صرختها، ليهرع زوجها متسائلاً عمّا جرى. وعندما أخبرته بالرؤية، اقترب ليتفحّص مكان الألم، فشاهد بعينيه بقعة حمراء يخرج منها سائل، وكأن عملية حقيقية قد أُجريت بالفعل. ومنذ تلك اللحظة، اختفى الألم كلياً، ولم تعد نهاد تعاني من أي عارض مرتبط بالكلية. تصف نهاد هذه التجربة بأنها أول أعجوبة جسدية حقيقية تشهدها في حياتها على يد القديس شربل، والتي لم تكن سوى بداية لسلسلة من الأحداث الخارقة التي ستغيّر مسار حياتها كلياً.

شلل نصفي و"عملية ثانية" في المنام

في مساء التاسع من كانون الثاني عام 1993، تعرّضت نهاد الشامي لنكسة صحية خطيرة ومفاجئة: شُلّت يدها ولسانها من الجهة اليسرى، وسرعان ما أدخلت إلى مستشفى "سيدة مارتين" في جبيل بحالة طارئة. تولّى الفريق الطبي المؤلف من الدكتور جوزيف الشامي، اختصاصي القلب والشرايين والأعصاب، إلى جانب الدكتور أنطوان نشاناقيان وطبيب العائلة الدكتور مجيد الشامي، تشخيص حالتها. وبعد إجراء الصور والفحوصات اللازمة، ظهرت النتيجة الصادمة: انسداد بنسبة 80% في الشريان السباتي الأيسر، و70% في الشريان الأيمن، ما أدّى إلى شلل نصفي، يُعرف طبّياً بـ"داء الفالج".

كان وقع التشخيص قاسياً، خصوصاً مع العبارة التي واجهها بها أحد الأطباء: "فالج لا تعالج!". ومع غياب أي علاج مباشر لحالتها، نُصحت نهاد بالعودة إلى منزلها، على أن تعود بعد ثلاثة أشهر لإجراء صورة جديدة في مستشفى "أوتيل ديو"، حيث قد يكون من الممكن حينها إجراء عملية جراحية لاستبدال الشرايين المسدودة بأخرى اصطناعية.

لم تقف العائلة مكتوفة الأيدي. حمل ابنها البكر سعد حزنه وإيمانه وتوجّه إلى دير مار شربل في عنايا، حيث صلّى بحرقة أمام تمثال القديس شربل، وعاد حاملاً معه بركة من زيت وتراب قبر القديس. قامت ابنة نهاد بمسح وجهها ويديها ورجليها بالزيت، وفي تلك اللحظة شعرت نهاد بتنميل غريب يسري في جسدها.

خرجت نهاد من المستشفى بعد تسعة أيام، لتعود إلى المنزل في حالة شبه شلل كامل. لم تكن قادرة على الحركة أو الأكل أو الشرب وحدها، فكان زوجها يحملها إلى الحمام، فيما أولادها يقدّمون لها الطعام والماء باستخدام "شاليمونة" أو أنبوب. ثلاثة أيام مضت بعد عودتها إلى المنزل وهي طريحة الفراش، لا حول لها ولا قوة... إلى أن بدأت رحلة جديدة، تروي فيها نهاد لاحقاً أن الإيمان وحده هو الذي غيّر المعادلة، وأن أعجوبة القديس شربل كانت على وشك أن تُكتب في جسدها وروحها.

لحظة التحوّل في حياة نهاد الشامي

بعد مرور أيام على خروجها من المستشفى، وبينما كانت لا تزال طريحة الفراش، روت نهاد الشامي أنها رأت في منامها مشهداً غيّر حياتها إلى الأبد. تقول: "رأيت نفسي أصعد درج محبسة عنايا، حيث سمعت قدّاساً يُقام مع الرهبان داخل المحبسة، وهناك، ناولني القدّيس شربل القربان المقدّس بيده".

وفي فجر يوم الجمعة، 22 كانون الثاني 1993، استيقظت نهاد من نومها تتألم بشدة في رأسها وفي الجهة اليمنى من جسدها. من عمق أوجاعها، رفعت صلاتها إلى العذراء مريم والقدّيس شربل: "أنا شو عاملي؟ ليش كرسحتوني؟ شو خاطية؟ ربّيت 12 ولد بالعذاب والصلاة، وإذا مشيئتكن تشفوني، بشكركن، وإذا بدكن تاخدوني، راضية! بس ما تخلّوا أهلي يتعذّبوا فيي!" ثم ناجت العذراء قائلة: "سامحيني يا عدرا... لازم إحمل الصليب وما اهرب من الألم، مع آلامك يا يسوع." تركتها عائلتها لترتاح قليلاً. وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً، وبينما كانت نائمة، شعّت غرفتها بنور قوي، وتقدّم راهبان نحو سريرها، يتوسطهما القدّيس شربل. اقترب منها، كشف عن عنقها ووضع يده عليه قائلاً: "جايي أعملّك عملية!"

تروي نهاد أنها لم تتمكن من رؤية وجهه بوضوح، بسبب النور الساطع المنبعث من عينيه وجسده. سألته بخوف: "يا أبونا، ليش بدّك تعمللي عملية؟ مش قايلين الحكما إنّي ما بحاجة لعملية؟" فأجابها بثبات: "لا، إنتي لازمك عملية، وأنا الأب شربل جايي أعملّك ياها." توجهت بعينيها نحو تمثال العذراء الموجود قرب سريرها، متوسّلةً شفاعتها، لكنها فوجئت بأن التمثال تحوّل إلى شخص حيّ ينبض بالنور والحياة، ووقف بين الراهبين. عندها شعرت بألم شديد في عنقها تحت أصابع القدّيس شربل، الذي بدأ ما وصفته بـ"العملية الروحية".

ما إن انتهى مار شربل من إجراء العملية، حتى اقترب منها مار مارون، رفع وسادة ووضعها خلف ظهرها، ثم أمسك بكوب ماء كان بجوار سريرها، وأزال منه الشاليمون، وقال لها: "إشربي هذا الماء." أجابته: "ما بقدر، لازم شاليمون." فقال بثقة: "مبلا، نحنا عملنالك العملية، وصار فيكي تشربي وتقومي تمشي." أمسك برأسها بيده اليمنى، وسقاها الماء بيده اليسرى.

في صباح اليوم التالي، توجّهت نهاد الشامي برفقة زوجها وابنتها إلى محبسة عنّايا لتقديم الشكر للقدّيس شربل. هناك، التقوا بالأب مخايل مغامس، المسؤول عن المحبسة في ذلك الوقت واخبرته بما حصل معها فقال لها متأثّراً: "هيدا الجرح مش لإلك وحدك… هيدا علامة لكل العالم. لازم تخبري الإعلام، وتظهري على التلفزيونات ليعرفوا الناس." لكن زوجها ردّ بتواضع: "الحمدلله المرا شفيت، ومار شربل ما بدّو دعاية."

شاركوا مع الأب مغامس في قدّاس المحبسة، ثم عادوا إلى المنزل، حيث كانت المفاجأة بانتظار الجيران والأقارب الذين اعتادوا زيارتها وهي طريحة الفراش. جاء فريق من تلفزيون الأل بي سي وصوّر نهاد، وسرعان ما انتشر الخبر في كل لبنان، وبدأت الوفود بزيارة منزلها، من مختلف المناطق اللبنانية ومن الخارج، حتى غصّ البيت بالزوّار الذين جاؤوا يطلبون بركة مار شربل، ويتلمّسون أثر الأعجوبة.

زيّاح مار شربل والصورتين اللتين رشحتا زيتاً

منذ حدوث الأعجوبة معها، تابعت نهاد الشامي تلاوة زيّاح مار شربل في منزلها في بلدة حالات، كل يوم خميس، وهو اليوم الذي حصلت فيه الأعجوبة الأولى. وفي 15 آب 1993، بينما كانت في قريتها "المزاريب"، ظهر لها القدّيس شربل في الحلم، وقال لها بوضوح: "نهاد، بدي تعملي زيّاح الورديّة كلّ يوم سبت من أوّل شهر، ببيتك، على نيّة عيلتك، ولسنة كاملة."

في صباح اليوم التالي، كعادتها، وقفت أمام المذبح في بيتها، أشعلت شمعة، وأحرقت البخور وبدأت صلاتها. لكنها حين نظرت إلى صورة القدّيس شربل، لاحظت أن الزيت بدأ ينضح منها. وفي 6 تشرين الثاني، وأثناء أول زيّاح ورديّة حسب وصية مار شربل، وأمام حضور كبير من الزوّار، بدأت صورة القدّيس مار مارون أيضًا ترشّح زيتًا.

ثم، في 2 أيلول، ظهرت لها القدّيسة ريتا في المنام بينما كانت نهاد تصلي أمام مزار السيّدة قرب بيتها الجبلي. وضعت يدها على كتفها، قبّلتها على جبينها، وقالت: "بهنيكي بهالإيمان!" وعندما أرادت نهاد أن تروي لها ما حدث معها، ابتسمت القدّيسة ريتا وقالت: "أنا عارفة… مار شربل عملّك عمليّة، ومار مارون عطاك كوب الميّ."

أوراق السنديان: شفاء لكل المرضى

كالعادة كل سنة، كانت نهاد تُحضّر مغارة الميلاد في بيتها. ولأن قطع شجر الصنوبر أصبح ممنوعًا من قبل الدولة، طلبت من ابنها عصام أن يحضر لها غصن سنديان من الحرش بدلًا من شجرة صنوبر. كان الغصن جميلاً وكثيف الأوراق، أشبه بقبّة جرس.

وفي ليلة عيد الغطاس، رأت في المنام الأب شربل برفقة مار مارون، وقالا لها: "جايين نبارك شجرة الميلاد." ركعت معهم للصلاة، وتلوا معًا "أبانا والسلام" ثلاث مرّات. ثم رتّل الأب شربل ترتيلة جميلة باللغة السريانية. بعد الصلاة، أحضر سطل ماء وفيه مرشّة، وعندما وضعه على السجادة، شعّ منه نور، وبدأ برش الماء على المغارة، ثم على غصن السنديان، ثم تابع الرشّ في أرجاء المنزل، قبل أن يغادر.

بقيت نهاد أمام المغارة مع مار مارون، الذي قال لها: "هادا الغصن ما بتكبّيه بالزبالة… بتعطيه بركة للناس." وأضاف مفسّرًا طريقة استخدامه: "بيغلو 3 أوراق عا اسم الآب والابن والروح القدس، بيشيلوهم وبيحرقوهم، والميّ بيشربو منها وبيصلّوا مرة أبانا ومرة السلام على نيّة جروحات يسوع، وبيسقوا منها مرضاهم."

لكن نهاد لم تستوعب الأمر فورًا، وقالت لنفسها: "مين رح يصدّق؟ رح يقولوا نهاد جنّت وبلّشت تعمل أخبار!" وظلّت سنتين تعيش هذا الصراع بين الخوف من كلام الناس وبين طمأنينة الحلم. وفي كل مرّة، كان مار شربل يزور حلمها ويقول: "ما تخافي… الله اختارك تا تكوني علامة على الأرض. كتار رح يرجعوا للإيمان على إيدك. تابعي، ولا تتكدّري من كلام العالم."

رغم خوفها، بدأت نهاد توزّع بعض الأوراق للزوّار الذين يأتون إلى بيتها للصلاة. وفي أحد الأيام، أخبرها البعض أن جارتها نوال عيد مريضة وتستعد عائلتها لأخذها إلى المستشفى. لكن نوال سبقتها في الصباح إلى منزل نهاد، وقالت لها: "صابتني نوبة ربو، وكانوا بدّن ياخدوني عالمستشفى. قلت لبنتي: حطي بالركوة 3 ورقات سنديان من اللي أخدناهم من نهاد وغلّيهم."

وبعد أن شربت نوال من الماء، قالت: "حسّيت إني شفيت… ارتحت كتير. وهالمرض ما رجع لعندي من وقتها!" ثم أضافت مؤكدة: "ما تخافي تعطي الناس أوراق السنديان… في بركة حقيقية فيها!"

أعجوبة التوأمين

في إحدى زياراتها، جاءت طبيبة أطفال تُدعى كارولين أبو جودة، وقفت أمام صورة مار شربل التي كانت تنضح زيتاً، وانفجرت بالبكاء. سألتها نهاد بلطف: "ما بكِ؟" فأجابت الطبيبة وهي تغالب دموعها: "ما عندي ولاد… جربت كل الطرق، خضعت لعلاجات كثيرة، وزرعت مرتين وما حملت. صارلي 20 سنة متزوجة، وقطعت الأمل!" فقالت لها نهاد، بثقة المؤمن: "الله قدير على كل شيء، لا تفقدي الرجاء."

ثم أعطتها أوراق سنديان من تلك التي باركها مار شربل، وصلّت معها. وبعد شهر واحد، اتصلت بها الطبيبة وبشرتها بخبر حملها. تابعت نهاد الصلاة من أجلها، حتى أنجبت كارولين توأماً: صبي وبنت.

هذه لم تكن الأعجوبة الوحيدة بل تكررت معها مئات المرّات، لعائلات لم تُرزق بأولاد وكانت نهاد عرّابة لما يقارب 450 طفلاً، ولدوا بشفاعة مار شربل.

رحلة الإيمان إلى المكسيك

كان القديس شربل محبوباً في المكسيك، بشكل لافت. تماثيله وُضِعت في الكنائس والمستشفيات والمنازل وحتى في المحلات وعلى سيارات الأجرة. تتابع نهاد: "طلبتني الجالية اللبنانية عبر سيادة المطران بشارة الراعي لأزور المكسيك. وعندما وصلت، أقاموا لي استقبالاً كبيراً وأقاموا مهرجاناً ضخماً. احتفلنا بالقداس الإلهي في الملعب البلدي بسبب كثافة الحضور، وبدأت أدهن المؤمنين بزيت مار شربل لأكثر من ثلاث ساعات."

وخلال تلك الأيام، تحققت أعاجيب عديدة:

-شاب في الثلاثين من عمره، كان يستخدم العكّازات، تركها ومشى أمام أعين الناس.

-فتاة في التاسعة، مصابة بسرطان في الرحم، نالت الشفاء الكامل.

-امرأة حامل، تبيّن أن جنينها مصاب بالسرطان، وكانت تنوي إجهاضه. نهاد شجّعتها على الاتكال على الله، وفعلاً، في آخر يوم لها في المكسيك، عادت الأم لتقول إن الطبيب أكّد لها أن الطفل شُفي تمامًا.

وتتابع نهاد: "في القدّاس الأخير في كنيسة سيّدة غوادالوبيه، أتت امرأة عمياء، تقودها ابنتاها. مسحتُ عينيها بقطنة مغموسة بزيت مار شربل، وصلّيت بحرارة. بعد دقائق قليلة، وبينما كانت تجلس في مكانها، صرخت بصوت مرتفع: ’أنا صرت أبصر!‘" عمّ المكان تصفيقٌ وبكاء، وانفجرت الكنيسة بدموع الفرح والشكر. كان مار شربل، كما دوماً، حاضرًا بشفاعته ومحبّته في كل خطوة، داخل لبنان وخارجه.

جالت نهاد الشامي العالم والتقت بالاف المسيحيين حول العالم بعد ان اصبحت قصها على سيرة كل لسان.

مسيرة بالآلاف في 22 من كل شهر

تحوّل إيمان نهاد الشامي الى قصة إلهام حقيقية نقلتها إلى آلاف المؤمنين الذين باتوا يرافقونها في مسيرة الثاني والعشرين من كل شهر من مختلف المناطق اللبنانية إلى دير مار مارون – عنّايا، حيث يرقد ضريح القديس شربل (1828–1898).

وهناك، يُشارك المؤمنون في مسيرة صلاة خشوعية تنطلق من محبسة مار بطرس وبولس، المكان الذي قضى فيه القديس شربل 23 سنة من حياته في التأمّل والتقشّف، وتنتهي في دير مار مارون، حيث يُختتم النهار الروحي بالاحتفال بالقداس الإلهي، في جو من الخشوع العميق والتسليم الكامل لمشيئة الله.

فيلم يروي قصة حياتها

في 26 آذار 2025 طرح في دور السينما فيلم يروي قصة حياة نهاد واعجوبة القديس شربل معها التي شفتها من داء الفالج، وحمل اسم "نهاد الشامي: للإيمان علامة". الفيلم من انتاج ابنها عصام الشامي، إخراج سمير حبشي، الذي شارك في كتابة السيناريو مع علي مطر، من بطولة الفيلم الممثلون جوليا قصار، يورغو شلهوب ومايا يمين، إلى جانب الممثلتين ميليسا عزيز وتريزيا طوق، بالإشتراك مع الممثلين مارينال سركيس، جورج حران، مارون شرفان وغيرهم..

وثّق هذا الفيلم قصة حياتها، التي لم تخلُ من العذاب والتضحيات ليكون تكريماً لها ولاسمها وقيمة مضافة إلى السينما.

في العرض الاول للفيلم، حضرت نهاد الشامي على كرسي متحرك وفي يدها "مسبحة" وقالت : "أنا كتير اشتقتلكم والعدرا تحميكم يا رب. الظروف حكمتني شو بدنا نعمل. الله معكم يا رب".

وفاتها

في 14 أيار غيّب الموت نهاد الشامي وستقام مراسم دفنها اليوم الخميس في كنيسة مار مخائيل الغابات.

تقبل التعازي اليوم في منزلها الكائن في حالات قبل الدفن وبعده في صالون كنيسة مار مخائيل الغابات، ويوم الجمعة 16 ايار من الساعة الثانية بعد الظهر لغاية السادسة مساءً في منزلها حالات وتختتم بقداس المرافقة في كابيلا-مار شربل.

وبعد رحيلها انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الصور الأخيرة لها خلال وداع الاحبة لها الذين اجتمعوا حولها. المؤمنون يبكون اليوم في وداعها الاخير كما بكي يسوع على أليعازر لكنه كان متأكدا من قيامة هذا الاخير ، والمؤمنون بدورهم متأكدون من قيامة نهاد الشامي ورجائها بالمسيح.