في قلب صحراء نيفادا القاحلة، وتحديدًا على بعد نحو 135 كيلومترًا شمال مدينة لاس فيغاس، تقع واحدة من أكثر المنشآت العسكرية غموضًا في التاريخ الحديث: "المنطقة 51". وعلى الرغم من أن وجودها ظلّ لسنوات طويلة في طيّ الكتمان، فإنها اليوم باتت رمزًا للجدل بين الواقع العلمي ونظريات المؤامرة التي تأبى أن تموت.
التأسيس
تأسست المنطقة 51 في خمسينيات القرن الماضي، وتحديدًا عام 1955، كجزء من برنامج سري لتطوير طائرات التجسس، أبرزها طائرة "لوكهيد يو-2". ومع مرور السنوات، توسعت مهام القاعدة لتشمل اختبار طائرات متقدمة مثل "SR-71" و"F-117 نايت هوك"، وقد ظلت خاضعة لإشراف سلاح الجو الأميركي، ضمن نطاق "ميدان اختبار وتدريب نيفادا"، ولم تعترف الحكومة الأميركية رسميًا بوجود المنطقة إلا في عام 2013، عندما كشفت وثائق لوكالة الإستخبارات المركزية (CIA) تفاصيل محدودة عنها في استجابة لطلب بموجب قانون حرية المعلومات.
إجراءات أمنية صارمة
الوصول إلى محيط المنطقة 51 ممنوع منعًا باتًا، وتحظر الطائرات المدنية من التحليق فوقها. أما من يغامر بالاقتراب منها، فيواجه خطر الإعتقال أو حتى إطلاق النار، وتنتشر كاميرات المراقبة والرادارات وأجهزة إستشعار الحركة في محيط القاعدة، مما يجعل من اختراقها حلمًا مستحيلًا.
كائنات فضائية أم برامج عسكرية؟
ظلت المنطقة 51 محورًا لعدد لا يُحصى من نظريات المؤامرة. أبرزها الإدعاءات بأن الحكومة الأميركية تخفي هناك حطام مركبة فضائية وكائنات فضائية تم العثور عليها إثر حادثة "روزويل" الشهيرة عام 1947. وقد زادت هذه النظريات بعد تصريحات "بوب لازار"، الذي زعم في أواخر الثمانينيات أنه عمل في منشأة سرية مجاورة، واطّلع على تقنيات من خارج كوكب الأرض.
رغم غياب الأدلة العلمية الموثوقة، فإن عشرات الشهادات المصورة لمشاهدات غريبة في السماء قرب القاعدة غذّت هذه الفرضيات لسنوات، لتتحول المنطقة إلى مرجع ثقافي في أفلام الخيال العلمي وأدبيات الماورائيات.
"اقتحام المنطقة 51".. مزحة تحولت إلى هوس عالمي
في عام 2019، أطلق شاب أميركي دعوة ساخرة عبر "فيسبوك" لاقتحام المنطقة 51 تحت شعار "لا يمكنهم إيقافنا جميعًا"، ما أثار موجة عالمية جذبت ملايين المتابعين، وانتهت بتنظيم مهرجان موسيقي قرب المنطقة، وسط مراقبة أمنية مشددة.
ما بين الأسطورة والحقيقة
اليوم، تُستخدم المنطقة 51 وفق تقارير عسكرية لتطوير تقنيات طيران متقدمة، من بينها الطائرات دون طيار والأسلحة الذكية، بينما تبقى الأساطير معلّقة في أذهان الكثيرين، ما بين مهووسي الكائنات الفضائية والمتشككين في الرواية الرسمية.
وفي ظل التعتيم الإعلامي المستمر.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل المنطقة 51 مجرد قاعدة عسكرية سرية.. أم أنها تخفي أسرارًا أكبر من أن تُقال؟
المصادر:
Encyclopedia Britannica
National Geographic
Space.com
TIME Magazine
Sky at Night Magazine
Military.com
CBS News