نشرت مجلة "نيورون" دراسة رائدة أجراها باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، واستكشفت مفارقة جوهرية في الإدراك البشري: لماذا يعالج الدماغ المعلومات ببطء شديد رغم امتلاكه مليارات الخلايا العصبية وأنظمة حسية فائقة السرعة؟
وقام الفريق بقياس معدل نقل المعلومات الفعلي للفكر الواعي، ووجدوا أنه لا يتجاوز 10 بتات في الثانية، أي أبطأ بكثير من أي حاسوب حديث، وأبطأ بأكثر من 100 مليون مرة من مدخلاتنا الحسية.


والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن هذا لا يعود إلى خلل في التوصيلات أو قيود بيولوجية، بل إلى كيفية تصميم الدماغ.
يعالج الدماغ الخارجي المدخلات الحسية بالتوازي، بينما يتعامل الدماغ الداخلي مع عملية صنع القرار بتسلسل صارم. هذا الاختناق التطوري يُقيدنا بفكرة واعية واحدة في كل مرة. ولكنه يفسر أيضًا سبب شعورنا بالتركيز الشديد في واقعنا: يصفي الدماغ 99.99999% من البيانات فقط للحفاظ على قدرتنا على العمل.
يعيد هذا البحث صياغة نظرتنا إلى الانتباه، وتعدد المهام، وحتى الذاكرة، وهذا يشير إلى أن صفاءنا العقلي لا يعتمد على قوة المعالجة الخام، بل على قدرة أدمغتنا على تجاهل كل شيء تقريبًا، والتركيز على ما هو أكثر أهمية.