من المشهد الأول في مسلسل "البطل"، يحيى فيك الحنين إلى الماضي بذروته، حالة من الشوق للأعمال السورية القديمة، التي إرتبطت بذاكرتنا بالجو الماطر ورائحة "القهوة على النار" ورغبة عميقة في العودة إلى الماضي، ما الذي خلق هذا الشعور بداخلنا منذ اللحظة الأولى من العمل؟ تقديم الممثل السوري بسام كوسا العمل وإرتباطه المتين بحقبة من حياتنا كانت أسهل وأبسط هو السبب الأول والأخير.

تنوعت العائلات التي رافقته من مسلسل "الفصول الأربعة" إلى "أحلام كبيرة"، إلى "قانون ولكن" و"ضبوا الشناتي"، وغيرها الكثير الكثير، ولكن بقيت صورة الأب المحب لعائلته والخائف على مصلحتها، مرتبط به بشكل كبير ويشبهه إلى حد أكبر.

قدم الممثل السوري بسام كوسا دور "الأستاذ يوسف" في مسلسل "البطل" في الموسم الرمضاني الفائت إلى جانب الممثلين السوريين هيما إسماعيل بدور زوجته، ونور علي ووسام رضا بدوري ولديه إضافة إلى محمود نصر الذي قدم دور "فرج الدشت" وهو الشاب الذي يعطف عليه منذ طفولته والذي يظهر مع الحلقات أنه حاول طوال حياته تقليده وكسب رضاه بشتى الطرق، وهو ما يفسر البوستر الرسمي للعمل والذي يجمع وجهيهما.

تبدأ القصة عندما يصر الأستاذ يوسف على إستضافة أهالي القرية المجاورة لقريتهم في مبنى المدرسة بعد أن يتم تهجيرهم بسبب دخول المسلحين، رغم معارضة بعض الأهالي، وتتوالى الأحداث حتى يشتعل حريق كبير يؤدي إلى وقوعه عن سطح المدرسة أثناء محاولته إنقاذ أحد الأطفال، وفقدانه القدرة على المشي.

وهنا يبدأ التغير الدراماتيكي في الشخصية، فيوسف هو البطل في نظر أهل القرية الذي ضحى بنفسه من أجل إنقاذ الطفل، أما بنظره فهو أصبح عاجز غير قادر على فرض سلطته كالماضي وعلى مساعدة ومساندة الآخرين كما إعتاد، وتبدأ معركته مع نفسه ومع قدراته تتفاقم مع تفاقم الأحداث، ومع إزدياد المشاكل التي تعاني منها العائلة ككل.

شخصية "يوسف" بدت غاضبة وضعيفة أمام المصائب، عاجزة بالرغم من إدراكها حقيقة المواقف وحجم المشاكل وهذا أصعب نوع من العجز، وهذا بالتحديد ما تطلب قدرات تمثيلية لا يمكن أن يقدمها بهذا القدر من الإبداع إلا أستاذ حقيقي في التمثيل، ينقل هذا الخليط الهائل من المشاعر، يوصل حزنه وإنكساره وقهره على ولديه وحلمه بواقع مختلف وعاطفته كلها وبإمكانيات محدودة من التحرك، فتحية للأستاذ يوسف الذي لمسنا جميعاً، وتحية للأستاذ بسام كوسا الذي جعل هذه الشخصية تصل لنا بأفضل الطرق، وجعل شخصيات كثيرة قبلها تعشش في ذاكرتنا.