تشير دراسة جديدة إلى أن الأشخاص النرجسيين، خاصة أصحاب النرجسية الفوقية (grandiose narcissists)، لا يشعرون فقط بالإقصاء أكثر من غيرهم، بل هم بالفعل يُقصون من دوائرهم الاجتماعية بوتيرة أكبر بسبب سلوكياتهم المزعجة مثل الغطرسة والعدوانية. وعندما يشعرون بالإقصاء، تزداد هذه السلوكيات سوءًا.

الدراسة، التي نُشرت في مجلة Journal of Personality and Social Psychology، شملت أكثر من 77,000 مشارك عبر تجارب وسيناريوهات واقعية. ووجدت أن النرجسيين حساسون جدًا للمكانة الاجتماعية والإشارات الغامضة، ما يجعلهم يفسرون المواقف بشكل مبالغ فيه وكأنهم مستبعدون، حتى إن لم يكن ذلك هو الحال.

تقول الدكتورة راماني دورفاسولا، عالمة نفس إكلينيكية في لوس أنجلوس، إن النرجسيين "رهيفو الإحساس"، وقد يتأثرون من مجرد نظرة أو تجاهل منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن حين يبالغون في ردود أفعالهم تجاه ما يظنونه إقصاءً، قد يبدأ المحيطون بهم في تجنبهم فعلًا. وهنا تبدأ حلقة مفرغة من النرجسية والإقصاء، حيث تزيد تصرفاتهم العدوانية شعورهم بالعزلة، مما يعزز سلوكياتهم السلبية أكثر.

توضح الباحثة الرئيسية كريستيانا بوتنر من جامعة بازل في سويسرا أن هذه السلسلة تؤثر في تطور شخصية النرجسي، ما يؤدي إلى إقصاءات مستقبلية أيضًا.

أنواع النرجسيين وسلوكهم في المجتمع

• النرجسيون الذين يسعون للإعجاب والمكانة: يُقصون بدرجة أقل لأنهم يتصرفون بطرق اجتماعية أكثر قبولًا.

• النرجسيون الذين يرون الآخرين كمنافسين: أكثر عرضة للإقصاء بسبب سلوكهم العدواني.

هل يمكن تغيير النرجسيين؟

رغم صعوبة الأمر، تؤكد دورفاسولا أن التدخل المبكر ضروري. يجب أن تبدأ التوعية بالنرجسية في المدارس، ليس فقط من خلال سياسات مكافحة التنمر، بل أيضًا بمنع الإقصاء الاجتماعي للأطفال المختلفين عن أقرانهم.

في حال لم يتلقَ الأطفال علاجًا، فإن خصائص النرجسية تتفاقم في مرحلة البلوغ. ويحتاج البالغون إلى علاج نفسي مستمر يأخذ بعين الاعتبار العوامل البيئية والارتباطات المبكرة التي ساهمت في تكوين شخصيتهم.

وتضيف أن النرجسيين غالبًا لا يلجؤون إلى العلاج إلا عند مواجهة مشاعر الحزن أو القلق، ومع ذلك يلومون الآخرين: "رئيسي لا يعاملني بعدل"، "زوجي قاسٍ"، "لا أملك ما يكفي من المال".

طرق العلاج المقترحة تشمل:

• العلاج السلوكي المعرفي

• تدريب المهارات الاجتماعية

• تمارين التأمل والتنفس العميق

• إعادة تأطير الأفكار السلبية

كيف تتعامل مع شخص نرجسي؟

في بيئة العمل أو داخل الأسرة، من الصعب التعامل مع نرجسي بسبب التاريخ العاطفي العميق. توصي دورفاسولا باستخدام أساليب مثل:

• الانسحاب المتعاطف (Empathic Disengagement)

• تقنية “الصخرة الصفراء” (Yellow Rock): أن تبقى مهذبًا لكن لا تفرط في إرضائهم على حساب صحتك النفسية.

في العمل، قد لا يلتزم الزميل النرجسي بواجباته، ما يجبر الآخرين على تحمل عبء إضافي. أما داخل العائلة، فغالبًا ما يتم عمل "خطط بديلة" تحسّبًا لعدم وفاء النرجسي بوعوده.

وعن قرار قطع العلاقة نهائيًا، تؤكد دورفاسولا أنه قرار شخصي. البعض ينسحب بعد عدة مواقف، بينما يستمر البعض الآخر في التحمل لسنوات أو حتى عقود.