أثارت منشورات متداولة على مواقع التواصل الإجتماعي، جدلاً واسعاً حول طبيعة الحياة في جزيرة سفالبار، الواقعة في المحيط المتجمد الشمالي، إذ ادعى البعض أن الولادة فيها غير ممكنة، وأن الدفن محظور، بسبب عدم تحلل الجثث في التربة المتجمدة.
وتُعد سفالبار، وهي أرخبيل نرويجي يقع بين القطب الشمالي والنرويج، واحدة من أكثر المناطق المأهولة قرباً من القطب الشمالي، ويبلغ عدد سكانها أقل من 3000 نسمة، لكنها تستقبل نحو 140 ألف سائح سنوياً. ومع إغلاق أغلب مناجم الفحم التي شكّلت في السابق العمود الفقري للاقتصاد المحلي، أصبحت السياحة والبحث العلمي النشاطين الرئيسيين في الجزيرة، وتُغطّي المحميات الطبيعية حوالى 65% من مساحة الأرخبيل، ويُفرض على الزوار والسكان احترام قوانين صارمة لحماية الحياة البرية، بما في ذلك غرامات مشددة على صيد الدببة القطبية أو قطف الزهور. ففي عام 2017، غرّمت السلطات النرويجية مرشداً سياحياً بمبلغ 1300 يورو لمجرد إزعاجه دباً قطبياً أثناء رحلة سياحية، وتشكل زيارة سفالبار تجربة قطبية فريدة، تجمع بين مشاهد الطبيعة البرية، والدببة القطبية، وظاهرة شمس منتصف الليل، أو الشفق القطبي بحسب الموسم. كما تحتضن الجزيرة منشأة استثنائية تُعرف بـ"قبو بذور سفالبار"، الذي أُنشئ عام 2008 لتخزين أكثر من مليون نوع من بذور النباتات، لحمايتها من الانقراض في حال الكوارث أو النزاعات العالمية.
وتجذب سفالبار اهتمام الباحثين والمغامرين حول العالم، نظراً لموقعها الجغرافي الفريد وظروفها المناخية القاسية، التي تجعل من الحياة اليومية فيها تحدياً في حد ذاته. ورغم الطبيعة النائية للمنطقة، إلا أن الأرخبيل يضم مطارًا دوليًا، ومرافق خدمية حديثة نسبياً، إلى جانب مؤسسات علمية متقدمة تعمل في مجالات مثل المناخ والجيولوجيا والبيئة القطبية.
ويخضع سكان سفالبار لقوانين نرويجية خاصة، أبرزها أن أي شخص يمكنه الإقامة والعمل في الجزيرة، من دون الحاجة إلى تأشيرة، طالما يستطيع إعالة نفسه، وذلك وفقًا لمعاهدة سفالبار الدولية. وتُعد الجزيرة نموذجًا فريدًا للتعايش بين جنسيات متعددة في بيئة قاسية ومحمية في الوقت ذاته.
ويستمر الغموض حول بعض تفاصيل الحياة اليومية في سفالبار، خصوصاً مع انتشار معلومات مبالغ فيها أو غير دقيقة عبر وسائل التواصل، ما يدفع العديد من الجهات الرسمية والعلمية إلى توضيح الحقائق من أجل تصحيح المفاهيم وتقديم صورة دقيقة عن الحياة في أقصى شمال الأرض.