جذب مسلسل "إش إش" جمهوراً كبيراً منذ حلقاته الأولى، ليس فقط على الصعيد العربي، بل العالمي أيضاً، ومنذ المشهد الأول، تنقلنا الممثلة المصرية مي عمر بحسها الفكاهي، وإقتباسها للشخصية بشكل متقن، إلى عالم "العوالم" كما تصفه، فتظهر ضحكتها رغم الفقر، وحالة التشتت التي تعيشها، بين قبول الواقع والسعي إلى التغيير.


إنتقالاً إلى القوالب العملية، فإننا نجد بين أيدينا نصاً متماسكاً، وإخراجاً مميزاً، وممثلين برعوا في تجسيد أدوارهم، وتقمسوا الشخصيات بأصواتهم وملامحهم وأدائهم.

أظهر لنا المخرج محمد سامي الممثلة مي عمر بكل رصانة، فتم إختيار فساتين الرقص بعناية، بعيدة عن "الإبتذال"، جذابة ومميزة، وأظهر لنا أن الرقص يرتبط بالشخص وليس بملابسه، إلا أن البعض ما زال يوجه تهمًا لا صحة لها، ضد بعض الأعمال التي حققت نجاحات مهمة ونسب مشاهدة عالية، ظنًا منهم أنهم بهذه الطريقة، يستطيعون الوقوف أمام محبة الجمهور لهذه الأعمال، والمشكلة في الموضوع أننا في عالم السوشيال ميديا، وأصبح كل فرد، سواء كان يفهم في الدراما أو لا، سواء شاهد العمل أو لم يشاهده، قادرًا على إعطاء رأيه، ما يؤدي إلى إنتشاره، ليتبناه آخرون من دون فهم التفاصيل.
واجه مسلسل "إش إش" منذ بداية عرضه، تهمًا غريبة، إذ اعتبر البعض أنه يسيء إلى الأخلاق، بسبب مشاهد الرقص فيه، مع العلم أن العمل يتناول قصة حياة راقصة شعبية، هدفها الحصول على الأموال لتعتاش، وليس على الشهرة، لذا لا بد من وضع النقاط على الحروف.
مي عمر تجسد شخصية راقصة شعبية بكل احترام واحتراف، حتى أن بدلات الرقص التي تم اختيارها لها، هي محتشمة للغاية مقارنة ببدلات الراقصات الشرقيات، كما تعكس القصة زاوية مختلفة عن الإغراء في حياة الراقصات، فهذا العمل سلط الضوء على المشاكل والعقبات التي قد تواجه العاملات في هذا المجال، واللواتي قد يكن أكثر احترامًا وشهامة من عاملات في مجالات أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، فإن محمد سامي بخبرته وموهبته، تمكن من جعل مشاهد الرقص تبدو أكثر إحتشاماً من زوايا متعددة، وحدد اللقطات ومدى قربها، مركزاً على كل التفاصيل التي تظهر "فن الرقص"، بعيدًا عن الإيحاءات.
العمل اجتماعي، وكل المواضيع المطروحة فيه، هي من صلب الواقع، وليس فيه أي مشهد مخل بالآداب العامة، حتى أن الرقابة وافقت عليه قبل العرض، بالإضافة إلى حرص محمد سامي على تقديم الأعمال، التي يكون فيها عبرة اجتماعية، لذا يجب التخلي عن فكرة محاربة أي عمل ناجح، من خلال إلصاق تهم سيئة به، لأن العمل المتميز سيظهر رغم أنوف الحاقدين، والدليل على ذلك تصدر مسلسل "إش إش" المسلسلات الرمضانية عالميًا على منصة "شاهد".

تسارع الأحداث أبعدنا عن الملل، والإخراج شوقنا أكثر، بإنتظار ما سيحصل في الحلقات المقبلة، متمنين لفريق العمل كل التوفيق.