تميز الشاعر موسى زغيب "الملك" في الشعر الزجلي بحضوره في ميدان الزجل لدى الجمهور اللبناني، وبقوة حنجرته وبقدرته الخارقة على الإرتجال. اشتهر على مدى أكثر من خمسين عاماً في الشعر الزجلي وشارك في عدة جوقات زجلية وترك العديد من المؤلفات.
ومن بين مؤلفاته "بهونيك ليلة شتي كان القمر نعسان.. والنهر يزرع نغم والأرض غفياني..والجرد يشلف تلج ويجلد الصوان..ومزراب سطح البيوت يرندح غناني"، و"ختيار قآعد عاجنب الموقدة وبردان وشبيب يورق غزل مع بنت جهلاني يعني بهاك الزمن فاق المعنى وكان..في كل محضر إلو جولات رناني".
البدايات:
موسى زغيب الذي لُقَب بـ"المَلِك"، هو شاعر لبناني من أشهر شعراء الزجل في لبنان والوطن العربي. ولد في بلدة حراجل عام 1937 في عائلة مؤلفة من ستة أولاد. والده يوسف موسى زغيب (مزارع وشاعر مناسبات)، ووالدته ديبه طنوس خليل.
تلقى علومه الإبتدائية والتكميلية في مدرسة الفرير - عمشيت، حيث بدأ ينشد القصائد الشعرية ويعلّم رفاقه إلقاءها وهو في سن العاشرة من عمره. في سن الرابعة عشرة تخلّى عن الدراسة. وبسبب حبه للشعر شكّل جوقته الأولى التي حملت إسم "باز الجبل" وضمّت الشعراء غنطوس صليبا، أحمد حمادة وسليم رشدان، وكان زغيب أصغرهم سناً. واعتلى المسرح حين كان في السابعة عشرة من عمره. وقد أحيت فرقة "باز الجبل" حفلات متواضعة في جميع القرى اللبنانية. وبدأ إسم الشاعر الصغير يكبر ويُعرف بين محبي الزجل في لبنان.
الحياة العائلية:
عام 1960 تزوج موسى زغيب السيدة أنطوانيت يوسف مهنا ورزقا بثلاثة أولاد، ربيع (طبيب أسنان وشاعر)، وسام (مهندس مدني)، ميرنا (مهندسة ديكور وحائزة على ماجستير بالمسرح).
في البرامج التلفزيونية:
في ستينيات القرن الماضي، أطلّ موسى زغيب مع إنطلاقة تلفزيون لبنان، في "ليالي الزجل"، وكذلك في برنامج "زجل وعتابا" على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال (Lbc) مع "جوقة القلعة"، كما أطلّ على شاشة تلفزيون الجديد من خلال حلقات تمّ تصويرها في معظم القرى اللبنانية.
كذلك شارك في برنامج "أوف" الخاص بهواة الزجل الذي عرض على شاشة الـ Otv بين العامين 2010 و2012.
مع جوقة خليل روكز:
كان موسى زغيب في العشرين من عمره حين أقام مع الشاعر خليل روكز مباراة في جبيل لاقت نجاحاً كبيراً، وعلى أثرها إنضم زغيب إلى جوقة خليل روكز المعروفة بـ"جوقة الجبل". وظل موسى زغيب رفيق الشاعر روكز حتى وفاة الأخير عام 1962.
في تلك الحقبة لمع نجم موسى زغيب كشاعر منبري، وبعد وفاة الشاعر خليل روكز، ترأس الجوقة وأطلق عليها إسم "جوقة خليل روكز" تخليداً لذكراه. وقد شارك في تلك الجوقة الشعراء: أنيس فغالي، جريس البستاني، بطرس ديب، أحمد السيد، أنطوان سعادة، إلياس خليل، رفيق بولس وعادل خدّاج. وعندما استعاد أولاد الشاعر روكز إسم الجوقة، أطلق زغيب على جوقته إسم "جوقة القلعة".
ويُعتبر موسى زغيب القطب الأبرز في مباريات التحدي بين الفِرَق الزجلية في لبنان. وقد حصلت عدة لقاءات بين جوقته وجوقة زغلول الدامور التي تألفت، إلى جانب زغلول الدامور، من الشعراء ادوار حرب، زين شعيب وطليع حمدان، وذلك في مناطق متفرقة في لبنان لا سيما في المُشرِف وشتورا والمدينة الرياضية وميروبا والمتَين وعدة أماكن أخرى في لبنان وخارجه.
المشاركة في الجوقات الزجلية:
شارك موسى زغيب في العديد من جوقات الزجل: "جوقة الأرز" مع حنا موسى، جوقة "المنتخب الفني" مع طانيوس الحملاوي، ومن ثم جوقة "زغلول الدامور" برفقة الشعراء جوزف الهاشم، زين شعيب وجان رعد.
حفلة التحدي:
تبقى حفلة التحدي الكبيرة التي جرت بين موسى زغيب وزغلول الدامور في "مهرجانات القلعة" في بيت مري الأنجح في تاريخ الزجل في لبنان. وقد حضرها حوالي أربعين ألف شخص، ودامت حتى الخامسة صباحاً، وتميزت بتفوق جميع الشعراء الذين أحيوها، وذلك باعتراف كل من موسى زغيب وزغلول الدامور على حد سواء. وقد اعتُبرت هذه الحفلة فريدة في لقاءات الفِرَق الزجلية بفضل الضجة والشهرة التي اكتسبتها.
أمير المنابر:
شارك الشاعر موسى زغيب في عشرات المباريات الزجلية والمهرجانات، كما أقام مئات الحفلات في لبنان وبلاد الإغتراب لمدة تزيد عن ثلاثة وخمسين عاماً. وبعد مسيرة طويلة من العطاء المتواصل، شعر أن مستوى الزجل بدأ بالهبوط، فاعتزل من فرقة القلعة مسلّماً رئاستها إلى إبن شقيقته المحامي سميح خليل.
مؤلفات:
صدر للشاعر موسى زغيب عدّة مؤلفات منها:
"عشرين سنة" (1968)، يتضمن وصفاً لمأساة فلسـ طين، "قناديل الزمان" (1977) يحاكي فيه الحـ رب اللبنانية، "قلم ودف" (1992)، "أنا والسهر" (1999)، "وصايا" (2006)، "مبارح وبكرا" (2011) مخصّص لتدريس الرثاء.
وللشاعر أيضاً نحو 400 قصيدة شروقية، إضافة إلى الموشحات، العتابا والزجل.
جوائز وأوسمة:
تقديراً لعطاءاته خلال خمسين عاماً، نال الشاعر الزجلي موسى زغيب العديد من جوائز التقدير والأوسمة، منها:
وسام الاستحقاق اللبناني منحته إياه الحكومة اللبنانية لنشره رسالة التراث اللبناني في لبنان وجميع بلدان الاغتراب عام 1973، وتقديراً لجهوده وشعره المميز.
وسام الإستحقاق اللبناني قلّده إياه وزير التربية الراحل ماجد حمادة (1974).
درع تقديري من الملك حسين (1974).
درع وزارة الثقافة (1998).
شهادة تقدير من رئيس بلدية باريس السيد دو لاتوا (2000).
درع أسبوع لبنان في الأردن (2000).
وسام الأرز الوطني من رتبة فارس قلّده إياه رئيس الجمهورية العماد إميل لحود (2002).
درع عمالقة الشرق (2002).
جائزة سعيد عقل (2006).
وسام الأرز من رتبة ضابط قلّده إياه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.
شهادة تقدير من الحكومة الأسترالية، تخوّله الحصول على رتبة مواطن شرف أسترالي.
وبمناسبة مرور 55 عاماً على مسيرة إبداعه الشعري والزجلي، كرّمته بلدية حراجل بوضع نصب تذكاري له في ساحة البلدة (2011).