والت ديزني حلم بدأ بإفلاس و40 دولار ونجاح انطلق من فأر

في هذا الجزء من قصة حياة الرائد في عالم الرسوم المتحركة والترفيه والت ديزني سنتحدث عن إنطلاقته المهنية وكيف سعى جاهداً ليكون في مجال الإعلانات والسينما والرسوم المتحركة وكيف وصل إلى أن يؤسس الشركة الأهم حول العالم في مجال الرسوم المتحركة وصناعة الترفيه، كما سنتناول في هذا الجزء أمور ميزت شركة ديزني منذ البداية.

بدايات والت تأرجحت بين الإفلاس والفشل والنجاح، وكان يقول:"إنه أمر ممتع أن تنجز المستحيل" وسنعرف في السطور التالية لماذا قال هذه العبارة.

الإنطلاقة المهنية

بعد الحرب، عاد والت ديزني إلى مدينة كانساس في الولايات المتحدة الأميركية حيث عمل عام 1919 في مجال الرسوم التوضيحية للإعلانات والكتالوغات، وهنا كون والت المعارف من الرسامين المحترفين.

واشترى والت المستلزمات الخاصة بالرسم حين أقنع صاحب دار نشر بأن يعمل تصاميم إعلانات توضيحية له.

وعن طريق الصدفة بعد مرور وقت، رأى والت إعلاناً من شركة كنساس سيتي فيلم آد المختصة بدعاية الأفلام حيث أن هذه الشركة تريد رسام كرتون، فترك عمله مع دار النشر وقدم على الوظيفة، وأصبح والت من أهم العاملين في الشركة، ثم أسس والت شركة إنتاج خاصة به هي LAUGH O GRAM FILMS INC وكان يريد أن ينتج فيلماً كرتونياً لكن لم يسعفه المال الذي معه، فباع حصة من شركته إلى عدد من الأشخاص والمبلغ الذي تقاضاه خوّله أن ينتج فيلمان قصيران كرتون لكن رغم أنه وزرعهما ولاقيا الإقبال فلم يحقق عوائد مادية جيدة.

وعلى هامش كل تلك المعلومات لا بد أن نورد معلومة أن والت كان يريد صناعة أفلام كرتون مقتبسة من الحكايات الشعبية.

إفلاس والت ديزني وسقوطه ثم وقوفه مدى الحياة

العوائد المادية الضعيفة أدت إلى إفلاس والت ديزني بعد أشهر قليلة، وكان في ذلك الوقت أنهى التحضير لفيلم أليس في بلاد العجائب واحتفظ بنسخة.

وبقي والت مثابراً وراء هدفه فعمل في إحدى الصحف كمصور فوتوغرافي، وعام 1923 توجه إلى هوليوود وليس في جيبه سوى 40 دولارا وادوات الرسم والفيلم الذي جهزه، وفي هذا الوقت كان شقيقه روي يعيش في كاليفورنيا وجمعا سوياً مبلغ 250 دولار واقترضا مبلغ 500 دولار، وصمما كاميرا وضعاها في مرآب عمهما فكان اول طلب للعمل معهما من نيويورك لفيلم.

حتى تمكن من تأسيس شركة اسمها Disney Brothers Cartoon Studio (وهي شركة ديزني اليوم) وذلك بالتعاون مع شقيقه روي ديزني في عام 1923، وروي استلم الشق المالي في الشركة بينما والتر الشق الإبداعي، وكان مصير هذه الشركة ليس النجاح العادي بل نجاحاً عالمياً في مجال الرسوم المتحركة وصناعة الترفيه في العالم، كما أن الشركة تدير عدة مدن ترفيهية وفنادق واستوديوهات ومحطات تلفزيونية.

لكن لم يكن أمر هذه الشركة بهذه السهولة فقد حققت أرباحاً طائلة من خلال فيلم الكرتون الشهير سنو وايت والأقزام السبعة عام 1937، لكنها لم تحقق النجاح الكبير بأفلام بينوكيو وبمبي وفانتازيا وجاءت الحرب العالمية الثانية وحقق والت خسائر كبيرة وباع أسهم كثيرة من شركته لينقذها.

أول نجاح هائل وأول جائزة أوسكار

اللحظة التي يجب أن نقف عندها في مسيرة والت ديزني هي عندما أنتج عام 1937 فيلم "سنو وايت والأقزام السبعة" الذي كان أول فيلم رسوم متحركة كامل يعرض في دور السينما.

حقق العمل ايرادات بلغت 8 ملايين دولار مع الإشارة أن تذكرة السينما كانت قيمتها لا تتعدى الـ25 سنتاً أميركياً.

ونجاح هذا العمل كان في 46 دولة وترجم لـ 10 لغات، وفي العام التالي نال العمل جائزة الأوسكار الفخرية في حفل توزيع جوائز الأوسكار كونه يعد أول فيلم رسوم متحركة طويل يقدم في التاريخ والجائزة عبارة عن تمثال أوسكار كبير الحجم يتبعه سبع تماثيل أوسكار صغيرة ترمز إلى شخصيات فيلم سنو وايت والأقزام السبعة.

الشخصية الكرتونية الأحب إلى قلبه

في إحدى المرات سؤل والت ديزني في مقابلة تلفزيونية عام 1954 عن أي الشخصيات الكرتونية التي ابتكرها أقرب إلى قلبه، فاختار ميكي ماوس، وقال عنه:"آمل ألا ننسى أبداً أمراً واحداً، وهو أن كل هذا النجاح انطلق من فأر".

وشخصية ميكي ماوس ظهرت للمرة الأولى في 15 أيار مايو 1928 في فيلم صامت بعنوان "الطائرة المجنونة" ثم أطل ميكي ماوس في فيلم صامت ثانٍ تحت عنوان Gallopin Gaucho في العام 1928، والفيلمان المذكوران لم يحققا النجاح ولم يلفت ميكي ماوس الانظار إلى أن باتت هذه الشخصية ناطقة في الفيلم الأول الذي يستعمل الصوت المتزامن في شكل تام وهو الباخرة البخارية ويلي -Steamboat Willy عام 1928 وكان ميكي في هذه المرحلة يصدر أصوات الضحك أو البكاء أو الصفير فقط ولا يتكلم.

عام 1929 صدر الفيلم الرابع لميكي ماوس The Barn Dance وفي نفس العام أصدر ديزني حوالي 12 فيلماً لميكي لكن في فيلم THE CARNIVAL KID تحديداً نطق ميكي أول جملة وهي هوت دوغ HOT DOG.

شخصية ميكي ماوس كرمتها عصبة الأمم عام 1935 بميدالية ذهبية ومنحتها اللقب الدولي ليصبح ميكي ماوس سفيراً للنوايا الحسنة.

ونشير انه كان من المقرر أن يكون اسم الفأر "مورتيمر" لكن ليليان زوجة والت استطاعت إقناع زوجها بستميته "ميكي".

وإن النجاح الذي حققه ميكي ماوس كشخصية كرتونية لم يكن عادياً بل انتشر على الملابس وفرش الأسنان وظهر ميكي ماوس للمرة الاولى مباشرةً في أول مدينة ديزني لاند تم افتتاحها في كاليفورنيا.

أشهر أفلام ميكي ماوس هو الجزء الذي أطل فيه في فيلم "فانتازيا" الذي صدر 1940، ويحمل الجزء الذي أطل فيه ميكي ماوس إسم The Sorcerer's Apprentice حيث جسد ميكي ماوس شخصية ساحر متدرب، فانتازيا يمثل تجربة ديزني الأكثر جرأة حتى الآن، فقد جلب والت إلى الحياة رؤيته لمزج الصور المتحركة مع الموسيقى الكلاسيكية وكان وسيلة لتعزيز مسيرة ميكي ماوس المهنية والذي ازدهر ليصبح ميزة كاملة تظل فريدة من نوعها في تاريخ الرسوم المتحركة.

وفي عيده الـ50 بات ميكي ماوس أول شخصية كرتونية تتلقى نجمة على ممشى النجوم في هوليوود.

أدى صوت ميكي ماوس أربعة أشخاص فقط هم والت ديزني نفسه من عام 1928 الى 1947 جيمس ماكدونالدز من عام 1948 الى عام 1983 ثم وين ألوين من عام 1983 حتى عام 2009 وبريت إيوان من عام 2009 حتى الآن.

أمور ميزت شركة ديزني منذ البداية

لم تكن ديزني بالنسبة للشركات الموجودة شركة عادية بل حاولت أن تطور كثيراً ومن ضمن التكنولوجيا التي جربتها في بداياتها استخدام تقنية "التيكنوكولور" ثلاثية الألوان، وهي التقنية التي أدخلت اللون الزهري إلى خدود ثلاثة خنازير صغيرة في فيلم قصير يحمل الاسم نفسه عام 1933.

كما أن الكاميرات التي استخدمتها الشركة كانت شديدة التطور حينها حيث جعلت أنف "بينوكيو" يبدو أطول بكثير في عام 1940.

وما ميز أفلام ديزني هو أنها كانت تقدم أول أفلام رسوم متحركة مع حركات يمكن تصديقها أنها واقعية ومنطقية رغم أنها شخصيات خيالية.

وأسلوب الرسم في شركة ديزني محترف للغاية ففي فيلم دامبو الذي تم طرحه عام 1941، شعر الجمهور بمدى ثقل الأفيال التي سقطت فوق بعضها في السيرك من خلال الرسم المحترف.

وما زالت شركة ديزني حتى اليوم تستمر في الإهتمام بأن تكون الرائدة في التكنولوجيا حتى أنها أدخلت خدمة البث المباشر مع منصة ديزني بلاس.

تابعونا في جزء ثالث عن قصة والت ديزني المشوّقة، ويتمحور الجزء حول معلومات مهمة عن مسيرة والت ديزني بينها تأسيس ديزني لاند ودخول شركته كتاب غينيس، كما نرصد معلومات عن حياته العائلية، وأفكار والت ديزني وأيديولوجياته وعلاقته بالماسونية وقصة تدخل الحكومة الأميركية في أفلامه وقصة عمالته للـFBI.