أدّت النجمة كاترين دونوف رمز السينما الفرنسية دور البطولة في عدد هائل من الأفلام، حقّق معظمها نجاحات دولية كبيرة، وحازت على عدد كبير من الجوائز في أهم المهرجانات حول العالم، مع بعض كبار المخرجين والممثلين في أوروبا، وباعت قسماً من أزيائها بالمزاد العلني بعد أن تخلت عن منزلها.
الولادة والنشأة:
ولدتكاترين دينوف، واسمها الأصلي كاترين دورلياك الملقبة بالأيقونة في 22 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1943، وهي تُعد من أشهر الممثلات الفرنسيات خلال ستينيات القرن الماضي.
نشأت في عائلة فنية، فوالدها هو الممثل موريس دورلياك ووالدتها الممثلة رينيه سيمونو، وقد كانت جدتها لأمها تعمل ملقّنة في المسارح. أما شقيقتها فرنسواز فكانت ممثلة أيضاً.
أولى الخطوات السينمائية:
بدأتكاترين دونوفحياتها الفنية عام 1956 باسم كاترين دورلياك. وكانت أولى خطواتها في السينما بدور صغير في فيلم بعنوان "طالبات الثانوية". وبعد موافقة أسرتها على دخولها المجال الفني، نجحت في العديد من الاختبارات، وبعد 4 سنوات على هذا الفيلم ألحت عليها شقيقتها الكبرى فرنسواز لكي تعيد تجربتها الفنية مرة أخرى، فاقترحت عليها بأن تشارك في فيلم جديد باسم "الأبواب المتخبطة". لكن فرنسواز فارقت الحياة في سن الشباب، الأمر الذي شكل صدمة لكاترين. ورغم حزنها على غياب شقيقتها، واصلت العمل في السينما.
مشوارها الفني:
اختيرتكاترين دونوفمن بين أجمل الفنانات الفرنسيات خلال السنوات الأربعين السابقة.. عملت تحت إدارة كبار مخرجي السينما العالمية. كانت توصف بالمرأة الباردة لكنها تمكنت من الحصول على أدوار مع كبار مخرجي القرن الماضي، أمثال فرنسوا تروفو ورومان بولانسكي ولارس فون ترير وأندريه تشينيه وماركو فيريري ولوي بونويل وتوني سكوت. وخلال هذه المسيرة شاركت في عشرات الأفلام السينمائية أبرزها: فتاة النهار 1967، الفتيات الصغيرات من روشيفورت 1967، مايرلينغ 1968، راقصة في الظلام 2000، أنا ذاهب للبيت 2001، مجلس الحجر 2006، في طريقي 2013، برأس مرفوع 2015، العهد الجديد جدًا 2015، البقاء عالياً 2015، لا أحد كامل 2017، القابلة 2017، الحقيقة 2019...
الحياة الشخصية:
ارتبطتكاترين دينوفبعلاقة مع المخرج روجيه فاديم عام 1962 بعد حب عاصف ورزقت منه بابنها كريستيان. وفي عام 1965 تزوجت المصور البريطاني ديفيد بايلي وكان المغني مايك جاغر رئيس فريق "الرولينغ ستون" شاهداً على الزواج. وبعد تلك التجربتين اقترنت بالممثل الإيطالي مارشيلو ماستروياني وأنجبت منه ابنتها كيارا التي امتهنت التمثيل أيضاً. وفي كل مسيرتها، حرصت دونوف على إحاطة حياتها الخاصة بستار من التكتم. وكان من بين عشاقها الإعلامي بيير ليسكور، الذي كان رئيس مهرجان "كان".
مناصرة القضايا:
رغم شهرتها كفنانة جليدية شاركتكاترين دينوففي كل المعارك التي خاضتها الفرنسيات في سبيل المساواة، وناصرت المعارضين للنظام الكوبي، واستخدمت شهرتها للدفاع عن الصحافيين الفرنسيين المخطوفين، ودعمت المرشحة سيغولين روايال في حملتها للفوز بالرئاسة عام 2007، ودافعت عن المهاجرين غير الشرعيين، وكانت حاضرة في قضايا المعاقين والمرضى المزمنين، وغيرها من سجالات الحرية والحقوق المدنية.
ثيابها بالمزاد العلني
في عام 2019 باعتكاترين دينوف268 قطعة من أفخم ثيابها في مزاد علني في مقر دار كريستيز للمزادات في باريس. وكانت الفساتين والمعاطف والأحذية تحمل توقيع صديقها المصمم الراحل إيف سان لوران الذي، وخلال أكثر من نصف قرن، صمم لها العشرات من البدلات والفساتين والمعاطف والأحذية والقبعات والحقائب والأكسسوارات التي ارتدتها في أفلامها، أو في حياتها خارج الشاشة. ومن بين القطع المطروحة في المزاد، فستان قصير مرصّع باللؤلؤ من مجموعة ربيع صيف 1969 ارتدته دونوف خلال لقاء في تلك السنة بالمخرج ألفرد هيتشكوك، فضلاً عن فستان طويل من الموسلين لونه أزرق مائل إلى الأخضر من مجموعة خريف شتاء 1997 لبسته الممثلة خلال حفل ختام مهرجان كان.
والجدير ذكره أن سان لوران قدم لها أجمل الفساتين التي تألقت بها على السجادة الحمراء في مهرجان "كان"، وفي حفلات جوائز "سيزار"، وفي أدوارها على الشاشة، بعد أن ربطته بها صداقة طويلة الأمد. وتقول في هذا الصدد "كنت محظوظة لأنني تعرفت عليه في العشرين من العمر وصقلت ذوقي بفضله". وقد تغنّت كاترين دونوف بسان لوران قائلة "أجمل قصة حبّ في حياتي هي معك" في كانون الثاني/يناير 2002، خلال الاحتفال بمسيرة المصمم الممتدة على 40 عاما في مركز بومبيدو.
وكانت دونوف قد تخلت عن منزلها في النورماندي في فرنسا حيث كانت تحتفظ بهذه الملابس.
الجوائز:
بعد رسوخها في المهنة اختيرتكاترين دينوفعضواً في لجان تحكيم كثيرة ورئيسة لمهرجان السينما الأميركية في دوفيل. ورشحت أول مرة لنيل جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في فيلم إندوشينا عام 1993، ورشحت كأفضل ممثلة لنيل جائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام عن دورها في فيلم "يوم جميل" في عام 1967. نالت جائزة ديفيد دي دوناتيلو كأفضل ممثلة عام 1981 عن دورها في فيلم "المترو الأخير". كذلك نالت جائزة (Women in Film Crystal Awards) في عام 1993. وفي عام 1997 فازت بجائزة مهرجان موسكو السينمائي الدولي، وفازت بـ"كأس فولبي" لأفضل ممثلة عن أدائها في فيلم "Place Vendôme" عام 1998. وحصلت في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2002 على "جائزة الدب الفضي"، وفي عام 2005 نالت السعفة الذهبية الشرفية بمهرجان كان السينمائي، وفي عام 2006 حصلت على جائزة Golden Kinnaree Career Achievement Award بمهرجان بانكوك السينمائي الدولي، كما فازت عام 2008 بإحدى الجوائز التقديرية بمهرجان كان السينمائي. وفي عام 2022 منحت مؤسسة "بينالي البندقية" دونوف جائزة "الأسد الذهبي للإنجار الإبداعي" في الدورة الـ79 لمهرجان فنيسيا السينمائي الدولي.
ورغم مرور السنوات وفقدان معظم شركائها في أفلامها، قاومت دونوف فكرة الاعتزال، لكنها أدت الكثير من أدوار الأم والجدة في أفلامها الأخيرة.