تعرض مسرحية "قبل ما فل" على مسرح مونو، كتابة ديمتري ملكي، تمثيل كمال قاسم وكريس غفري وعلي بيضون، إخراج شادي الهبر. كان من المقرر أن يكون أول عرض للمسرحية في 29 أيلول/سبتمبر الماضي، ولكن الظروف الأمنية حينها لم تسمح بإقامة العرض، وأقفل مسرح مونو.

موضوع المسرحية

تدور أحداث مسرحية "قبل ما فل"، حول رجل ممدد على سرير، ينتظر طائرته، ويحيط به شابان يرتديان لباساً طويلاً أسود، وهو يواجه حقيقته وذكرياته، ويجسد دوره الممثل كمال قاسم، ويجسّد الممثلان كريس غفري وعلي بيضون دورين صامتين عن أفكاره وأحاسيسه. التناقضات البارزة في المسرحية شكلت قيمة مضافة إلى العمل، منها النور والظلام، والصمت والكلام. أما تقنية الإضاءة الجديدة التي إعتمدها شادي الهبر، فقد منحت العمل ميزة خاصة.

تجربة جديدة

المخرج شادي الهبر قرر أن يختار النصوص المرتبطة بعلاقته مع والدته، وتحويل المعاناة بعد وفاتها إلى فن، ودفعه حزنه عليها لإطلاق مسرحيات منطلقة من الواقع. يؤمن شادي بأن التجربة تنطلق من حالة خاصة، وتتعمم لتصل إلى الآخرين. قدم شادي الهبر من خلال مسرحية "قبل ما فل"، تجربة فنية عن قدرة الممثل على جذب الحضور طوال 50 دقيقة، يقدم خلالها مونولوغ، وبأقل حركة ممكنة وضمن نطاق ضيق، فيعبّر عن مشاعر قوية، وهي تجربة فنية خاصة. أبدع الممثل كمال قاسم بأدائه، فجسّد عدة أنواع من المواجهة مع الموت والوحدة والطفولة، وتناغم بشكل واضح مع الممثلين كريس غفري وعلي بيضون، اللذين أديا دورين صامتين بأسلوب محترف، ونقلا أحاسيسهما ومشاعرهما من خلال تعابير وجهيهما ولغة الجسد بأمانة وإتقان.


موقع الفن إلتقى المخرج شادي الهبر، والممثل كريس غفري، وكان لنا معهما هذان الحواران.

المخرج شادي الهبر

هل تطلعنا على تفاصيل التجربة الجديدة؟

قررت مؤخراً الإبتعاد عن المسرحيات العادية، وشعرت بالرغبة بخلق شيء جديد، وبما أن المسرح يجب أن تبنى تجاربه على دراسات، لذا قررت بعد قراءة نص مسرحية "قبل ما فل"، أنه صالح للقيام بتجربة ما. راودتني فكرة الإنطلاق من الإضاءة، بوجود شخصين، هما جزء من المسرحية، وحينها لاحظت أنني ربما أطلق جديداً في العمل، من ناحية الطرح، المشهدية التي تركز على السرير، وعلى كل ما يجري فوقه وتحته ومن حوله.

ماذا عن تقنية الإضاءة التي إعتمدتها في المسرحية؟

الفكرة الإخراجية إنطلقت من الإضاءة، لاسيما أن العمل مفترض أن يكون تحت الأرض، حيث الظلام هو السائد، وكانت الفكرة أن أسلط الضوء على أجزاء من جسد الممثل، وخلقت الإضاءة حالة، أدت إلى الإخراج الذي نفذته. ربما سببت الإضاءة إزعاجاً للمشاهدين، لكنها ساهمت في أن يكون الجمهور جزءاً من اللعبة المسرحية، وأرغب في عرضها في مكان آخر غير مسرح مونو، حيث يكون الممثلون أقرب الى الجمهور. هذه المسرحية ستعرض في أكثر من مكان، منها بيت واسع، أو منزل مهجور، أو تحت الأرض، لنختبر معها عدة أشياء.

إلى أي حد خدمت تقنية الإضاءة المسرحية؟

هناك تجارب سابقة لهذا النوع من الإضاءة، حين تكون المسرحية مبنية عليه، ولكن الجديد الذي قدمته، هو أن الإضاءة متحركة مع تحركات العواطف والممثل، وهذا عنصر جديد في لبنان والعالم العربي.

ما الذي جذبك إلى نص ديميتري ملكي؟

ما جذبني هو الحقيقة ومواجهة الإنسان لحقيقته. سأروي لك قصة والدتي، التي رحلت منذ سنة ونصف السنة، والتي رافقتها قبل وفاتها، وقد حصل شيء يتعلق بعلاقتها بأفراد العائلة، وتساءلت عن سبب تصرفاتها، إلى أن أدركت أن أمام الموت تظهر الحقيقة، ويتخلى الإنسان عن كل الإعتبارات. حين كنت إلى جانبها في اللحظات الأخيرة، نظرت إليّ وأمسكت بيدي، من دون أن تقول أي كلمة، وقبلتها. أمام الموت يسكت الإنسان. كل هذه الأحداث أثرت بي وإستوقفتني، وكنت مدركاً أنها ستظهر في مكان ما، لذلك أعجبت بنص ديمتري ملكي.

الممثل كريس غفري

كريس غفري ممثل بدأ مسيرته الفنية عام 2017 مع تخرج الدفعة الأولى من مسرح "شغل بيت"، وشارك في عدة أعمال، منها "ضد الكسر" و"قفير النحل"، ويشارك حالياً في "قبل ما فل".

كيف حضّرت دورك الصامت في المسرحية؟

الدور الصامت يتطلب إبراز الأحاسيس، بالتوازي مع أداء مونولوغ كمال قاسم، والمطلوب بذل جهد، وطاقة لنقلها إلى الجمهور. هو دور شكل تحدياً لي، وأنا سعيد لأنه لاقى تفاعلاً إيجابياً من الحضور.

كيف تفاعلت مع الإضاءة التي إستخدمت؟

تقنية الإضاءة هي فكرة جديدة للإخراج، وساعدت المخرج شادي الهبر من ناحية الرؤية الإخراجية، وهي جزء من التمثيل، وتستخدم لتسليط الضوء على أبرز الأفكار في العمل.


كيف تقيّم التواصل بينك وبين الممثل علي بيضون على المسرح؟

بالطبع كان هناك جهد مضاعف لتفعيل عملية التواصل المتبادل، التي تركز على النظر، وأحياناً كنا نقف جنباً إلى جنب، وفي هذه الحالة لم يعد بيننا تواصل بالنظر بل بالأحاسيس، من خلال وضعيات مختلفة، وكان هناك إنسجام بيننا، وهذا الأمر تطلب تحضيراً مسبقاً لنشحن طاقة من بعضنا البعض.

هل شكل دورك في "قبل ما فل" إضافة إلى مسيرتك الفنية؟

بالطبع لأنه دور صامت، وقد شكل تحدياًَ بالنسبة لي، وأعتبر أنه خبرة جديدة جداً تمتعت بها، لأن الأعمال السابقة التي عملت فيها تطلبت الحركة، أما في هذه المسرحية، فقد تطلب الدور الهدوء والصمت.

ماذا عن عرض المسرحية في مكان آخر؟

شكراً على السؤال، حين بدأنا بالتدريب على المسرحية، كانت في مسرح "شغل بيت"، وفي مسرح مونو إختلف علينا المكان، وأنا أعتبر أن عرض المسرحية في أماكن مختلفة يشكل إضافة إلى الممثلين.