السفير مصطفى أديب رئيس البعثة الدائمة لـ لبنان لدى منظمة اليونيسكو، الذي حمل الشق السياسي على عاتقه، وذلك تحت راية لبنان التراث والحضارة والعلم والمهنية، حمل رسالته اليوم إلى العالم، لتجنب خسارة أجزاء من حضارة لبنان، مسخراً كل قدراته لحماية التراث والعالم والصحافة.

موقع الفن كانت له مقابلة مع مصطفى أديب، الذي كشف كافة المستجدات الحاصلة على الساحة العالمية، وأبرز القرارات التي يتم ترسيخها، في محاولة لوضع هيكلية لإنقاذ لبنان.

سعادة السفير علمنا أنك في مهمة رسمية في فرنسا، ما هي هذه المهمة، وهل تخص لبنان؟

أنا في مهمة لمتابعة بعثة لبنان لليونسكو في هذه الفترة، وأهم المواضيع التي نقوم بمتابعتها في الوقت الحالي، هي حماية المواقع الأثرية، وحماية الصحافيين، ودعم التعليم وكل ما يتعلق بمهام اليونسكو.

كيف يمكن أن تتم حماية الآثار، خصوصاً وأن مدينة بعلبك كانت أمس تحت التهديد، وكان هناك ضرب على مدينة صور سابقاً، في ظل عدم إلتزام إسرائيل بهذه القرارات وبحقوق الإنسان؟

للأسف، منذ أن توليت المهام في اليونسكو، ولبنان يتعرض لهذه الحرب الشرسة من قبل إسرائيل على الحجر والبشر، المواقع الأثرية كانت هدفاً لـ إسرائيل، ونحن وجهنا منذ أكثر من شهر، أكثر من ثلاثة كتب للمدير العام لليونسكو، بالإضافة إلى كتاب لطلب الحماية المعززة لهذه المواقع المدرجة على لائحة التراث العالمي، وأيضاً المواقع غير المدرجة، وكل ما هو مدرج على لائحة الجرد العام، وبالتعاون مع وزير الثقافة ومديرة الآثار، نتابع يومياً هذا الأمر، وقد طلبت بعثة لبنان إجتماعاً خاصاً للجنة المعنية بحماية التراث، من المفترض أن ينعقد في 18 تشرين الثاني المقبل.

بالتعاون مع وزير الثقافة، أصبح الملف لدينا جاهزاً، وحتى بالتعاون مع المجتمع الأهلي، سواء مع لجنة مهرجانات بعلبك السيدة نايلة دي فريج، أو مع لجنة صور السيدة مها الخليل الشلبي، والمجتمع المدني قادر على أن يرفع الصوت أيضاً في هذا الموضوع، وأؤكد أن كل الأمور القانونية المتعلقة بذلك، وعلى رأسها حماية المعالم الأثرية، نحن نعمل عليها برفقة اليونسكو.

ما هي الخطوات الفعلية التي يتم تطبيقها على الأرض، لتأمين حماية المعالم الأثرية؟

في الواقع، المطلب الأول هو وقف إطلاق النار، وأعتقد أن هذا المطلب الأول للحكومة اللبنانية، ولدولة رئيس الحكومة ومعالي وزير الخارجية، ونحن نتابعهما في كل المنتديات الدولية، وفي حال لم نستطع التوصل إلى وقف إطلاق النار، لا أعتقد أن هناك أي شيء سيؤمن هذه الحماية. بالتأكيد الحماية القانونية نحن نقوم بتغطيتها، من خلال الإتفاقيات الدولية، منها إتفاقية لاهاي عام 1954، أو بروتوكول عام 1999، كل الإجراءات إتخذت، ولكن في النهاية لا أحد يستطيع تأمين هذه الحماية في حال إصرار إسرائيل والعدو الإسرائيلي على قصف هذه الأماكن، التي تحتوي على البشر والحجر منذ الأزل، وهي الهوية التاريخية لهذا البلد وعمرها آلاف السنوات.

هل معرض رشيد كرامي الدولي مدرج على لائحة الآثارات؟

نعم، معرض رشيد كرامي مدرج على هذه اللائحة، وهو المعلم الأخير الذي تم إدخاله على لائحة التراث العالمي للبنان.

قمنا مؤخراً بريبورتاج خاص بمعرض رشيد كرامي، ويقول بعض المسؤولين إن فيه العديد من التشقاقات منذ أيام الحـ رب السورية على لبنان، هل تسعون للعمل على ترميمه أو للحصول على مساعدات مادية لإستكمال العمل الخاص به؟

تقدم لبنان منذ العام 2006، بمشروع قرار للمجلس التنفيذي لليونسكو، وحصلنا بالتوافق على هذا المشروع الذي يضم ثلاث نقاط، وهي حماية المواقع الأثرية والمواقع المدرجة على لوائح التراث العالمي، ودعم الصحافيين ودعم التعليم في لبنان، وفي القرار الذي إتخذ لصالح لبنان هناك صندوق خاص، وقد دعوت الدول للمشاركة والمساهمة في هذا الصندوق، من أجل تأمين دعم النقاط الثلاث التي ذكرتها، وبالتالي نحن نعمل مع اليونيسكو قدر الإمكان، من خلال الإمكانات المادية، لتحسين وضع المواقع المدرجة على لائحة التراث العالمي.

بالنسبة إلى "أرز الرب" الموجود في بشري وتنورين، وغيرهما من المناطق، فهو لا يتعرض فقط للحـ رب، بل أيضاً لأمراض، وهناك العديد من أنواع الشجر التي فقدانها، ويتجاوز عمرها آلاف السنين، هل ستكون هناك متابعة لهذا الأمر، أم أن المتابعة من قبل اليونسكو هي فقط خلال الحـ رب؟

لا شك أن المتابعة الأساسية الآن هي لحماية المواقع التي تتعرض للقصف المباشر من قبل إسرائيل، أما المواضيع الأخرى فهي ضمن الأعمال الخاصة مع اليونسكو. "أرز الرب" مدرج على لائحة التراث، وبالتالي هو من المواضيع الأساسية، وسنسعى بكل الموارد اللازمة إلى حمايته.

أؤكد مجدداً أن الموضوع الأساسي اليوم، هو حماية الآثار في مدينة صور، وفي مدينة بعلبك خصوصاً، حتى عنجر وكل المواقع التي قد تتعرض للقصـ ف من قبل إسرائيل.

ذكرت أن هناك دعماً من قبل الأهالي، كيف يمكنهم إيصال صوتهم؟

يمكن إيصال الصوت من خلال تعاون المجتمع الأهلي مع عدد كبير من الجمعيات المعنية بالحفاظ على التراث في العالم، لذلك من خلال علاقاتهم، سواء مهرجانات بعلبك، أو أي مؤسسة على المستوى الأهلي والإجتماعي والمدني، يمكن رفع الصوت من خلال الإعلام، أو التواصل مع جمعيات أخرى، ورفع الصوت إلى المسؤولين في أي مكان في العالم، هذا الأمر سيساعد كثيراً، وهذا ما نقوم به اليوم كبعثة للتعاون مع أصحاب المؤسسات في المجتمع المدني. التكامل أساسي لحماية هذه المواقع، وكل شخص قادر من موقعه على المساعدة، من أجل رفع الصوت في هذا الإطار.

بالإنتقال إلى الشؤون الثقافية، علمنا أن اليونسكو طبعت 100 ألف كتاب مدرسي سوف توزعها مجاناً، إلى أي فئة من الشعب سيتم إعطاء هذه المساعدات، خصوصاً وأن النازحين اللبنانيين هم من مناطق عديدة، منها الجنوب والبقاع، بالإضافة إلى السوريين المتواجدين داخل لبنان، والذين يريدون إستكمال العام الدراسي، لمن هي الأولوية؟

من سيقوم بتحديد هذا الأمر هو وزارة التربية ومعالي وزير التربية القاضي عباس حلبي، الذي كان مؤخراً في زيارة إلى باريس وإلى اليونسكو، وهناك تعاون من اليونسكو التي ستكون مشرفة على موضوع التعليم في لبنان، خصوصاً خلال الفترة الحالية، وكما ذكرت، سيكون هناك دعم للوزارة من قبل اليونسكو في المرحلة المقبلة، سواء للطلاب النازحين أو للطلاب الموجودين في لبنان، ولدينا آلاف الطلاب الذين هم خارج النظام التعليمي بسبب النزوح، وإستخدام المراكز الدراسية كمراكز إيواء.

يتم تداول بعض الأخبار عن أن المدرسة التي تستوعب 1500 طالب، ستستقبل 3000 طالب، كيف سيتم التعامل مع هذا الأمر؟ وكيف سيتلقى النازح تعليمه إذا لم تتوافر لديه الإمكانات من لابتوب وإنترنت وغيرهما؟

هذا الموضوع في عهدة وزارة التربية، ولكن موضوع التعليم عن بعد، كان أحد أهم المواضيع التي تم طرحها على اليونسكو، لتأمين كل المتطلبات لإستمرار العام الدراسي.

كيف ستتم مراقبة التبرعات المادية لتصل إلى الشخص المطلوب، خصوصاً وأن هناك العديد من التجارب السابقة التي عاشها اللبنانيون، حين كانت المساعدات الخاصة بهم لا تصل إليهم؟

في هذه المرحلة الصعبة، نلاحظ أن هناك تضامناً وطنياً كبيراً على جميع المستويات، أتمنى أن تجري الأمور ضمن الإطار الذي يتمناه كل لبناني.

أصبح الإعلاميون عرضة للتهديدات والإستهدافات، وقد وصل عدد الذين إستشـ هدوا، منذ عام ولغاية اليوم، إلى 11 إعلامياً، ما هي الإجراءات التي يتم إتخاذها من قبلكم لحماية الصحافيين الذين ينقلون الواقع، ويتنقلون من مكان إلى آخر لكشف الحقائق؟

أوجه تحية لكِ ولجميع الإعلاميين، وأتقدم بأحر التعازي من الجسم الإعلامي، الذي فقد العديد من الشهـ داء، ونطلب من الله أن يحمي لبنان، أنتم لديكم دور أساسي، وأيضاً بعثتنا في اليونيسكو تتابع موضوع المحافظة على سلامة الصحافيين، وقد دعونا إلى طلب إستثنائي لحماية الصحافيين، وقد صدر بيان عن المديرة العامة لليونسكو لإدانة إستشهاد الصحافيين في حاصبيا، ما يعتبر إستهدافاً مباشراً للجسم الإعلامي. كما طلبنا إضافة بند خاص بلبنان، خلال إجتماع اللجنة الذي سيعقد في 21 – 22 تشرين الثاني المقبل في اليونسكو، ومعالي وزير الإعلام زياد مكاري سيكون حاضراً خلاله، وبالتعاون مع نقيب المحررين جوزف القصيفي، الذي أنا على تواصل دائم معه، وقد زودنا بتقرير خاص عن عدد الصحافيين الذين إستشـ هدوا منذ بداية الحرب ولغاية اليوم. كل الشكر لك ولكل المتابعين، حماكم الله وحمى لبنان.