تنتمي الفنانة عايدة شلهوب إلى جيل الزمن الجميل في لبنان. غنت منذ طفولتها وأصرت على الاستمرار بثبات وحزم وجدية، فاتخذت القرارات الصائبة حيث يجب ومتى يجب لتتخلى عن الغناء وتصبح قائدة أوركسترا ومدرّسة. ومن مرنمة إلى مغنية، مرت بعدة مراحل لتحفر إسمها في مجلد الفن اللبناني عن جدارة وإيمان بموهبتها وصوتها.
حياتها ونشأتها
مطربة لبنانية بارزة ولدت عام 1951 في صيدا في بلدة تنبوريت. والدها هو الشاعر الغنائي اميل شلهوب الذي كان يعمل في إذاعة لبنان، ووالدتها من بلدة الصالحية شرق صيدا.
بدأتعايدة شلهوبالغناء في سن الثامنة ونشأت في وسط فني حيث يتمتع كل أفراد عائلتها بأصوات جميلة: الأب والأم والجد والجدة.
مرنمة
من المدرسة إلى الكنيسة حيث تم اختيارها لأداء منفرد سولو لتتوج مرنمة في الكنيسة حيث كان أستاذ الموسيقى جوزيف لويزي يقوم بتدريبها مع سواها على التراتيل. لفته جمال صوتها فطلب من أهلها أن تتوجه لدراسة الموسيقى فعملوا بنصيحته ولو على مضض.
الكونسرفاتوار
عام 1971 دخلت عايدة شلهوب الكونسرفاتوار. يومها وجدت نفسها أمام تحد كبير إذ كان الطلاب من الشبان فقط فاشترط أهلها أن يرافقها شقيقها إلى الكونسرفاتوار فصارا يدرسان معاً الموسيقى. وتلقت دعماً من الموسيقي توفيق الباشا. وفي كافة الحفلات التي كان ينظمها المعهد، كان يتم اختيارها كمغنية منفردة، ومن ضمن هذه الحفلات حفلة في اليونسكو للفنان وديع الصافي الذي وقفت إلى جانبه. والجدير ذكره أن عايدة تخرجت من المعهد العالي للموسيقى عام 1980.
دعم توفيق الباشا وزكي ناصيف لها
لحن لها الموسيقي توفيق الباشا أغاني خاصة ودعمها ومدها بالقوة. وغنت من ألحانه مئة قصيدة من كتاب "الأغاني" للأصفهاني. هذا الأداء في القصائد أكسبها قوة وثقة بالنفس وصارت تعرف مكامن القوة في الغناء. كما تعلمت قراءة النوتة ما جعل الأمور أكثر سهولة عليها.
إلى جانب توفيق الباشا لقيت دعم الفنان زكي ناصيف الذي كان يدرّس مادة الغناء الإفرادي الكلاسيكي العربي.
"ودولوا" الياس الرحباني
خلال فترة الدراسة تعرفت عايدة شلهوب إلى الفنان الياس الرحباني الذي أعجب بصوتها ولحن لها أول أغنية خاصة وهي "ودولوا سلامات ودولوا" عام 1973 ومن بعدها "في بيت شبابيكو حمر" التي ذاع صيتها وأعادت غناءها في برنامج "ساعة وغنية" الذي كان يقدمه رياض شرارة والفنانة هدى. عملها مع الفنان الياس الرحباني فتح أمامها أبواب تلفزيون لبنان حيث تعرفت إلى رياض شرارة الذي استضافها في برنامج "ألوان" وبعدها في برنامج "ساعة وغنية" ثم في العديد من البرامج. كما جذبت انتباه استاذها الفنان مارسيل خليفة الذي كان يعلمها العزف على العود في الكونسرفاتوار ولحن لها أغنية "حبيب قلبي طول غيابو" عام 1975.
موشحات
عام 1981 دعاها عميد كلية الموسيقى في جامعة الروح القدس الكسليك الأب لويس الحاج للمشاركة في مهرجانات الموشحات الأندلسية في الأندلس والتي شارك فيها 54 دولة من العالم وطلب منها تحضير عشر موشحات للحفل وألقى عليها مسؤولية تحضير الكورال والموسيقى لا سيما أن الفرق المشاركة مشهورة ومعروفة. فكانت مشاركتها ناجحة فعلاً.
وفي كل الأحوال لعايدة شلهوب في أرشيف إذاعة لبنان العديد من الموشحات التي غنتها خلال مسيرتها.
أبرز الأغاني
من بين عشرات الأغاني التي غنتها حقق العديد منها شهرة واسعة وأبرزها: لو فيي، على بالي، يا ريت تعود، في بيت شبابيكو حمر، غربا والليل، بعدنا، زينوا العشاق، الحب بيمشي عالسكيت، سلمتك أمري، مرق الصيف، حبيب قلبي، ع جبالك، ودولوا سلامات، أبحث عنك، ع ضو القمر، بلاد العز بلادنا...
كان لعايدة شلهوب أيضاً اسكتشات عديدة غنتها مثل: رجعة الحبايب مع ملحم بركات، حب في الصيف، تحت الشتي، مادموزيل مع ملحم بركات أيضاً، رايحين ع بيروت مع جوزيف ناصيف...
يذكر ان الفنانة إليسا أعادت غنائ اغنيتها "لو فيي" وفي تصريح للفن اشارت عايدة انها تفضل النسخة التي غنتها هي بصوتها.
المسؤوليات المهنية
عايدة شلهوب هي منسقة الغناء الشرقي في المعهد الوطني اللبناني العالي للموسيقى (الكونسرفاتوار) منذ عام 1997. وهي أيضاً رئيسة القسم الشرقي في كلية الموسيقى في جامعة الروح القدس- الكسليك، حيث تعلّم أيضا الغناء الشرقي، إلى جانب عملها كقائدة الأوركسترات ومدربة للعديد من فرق الكورال الشهيرة..
درّست العديد من المطربين المعروفين، إما في الكونسرفاتوار أو في جامعة الروح القدس الكسليك، على سبيل المثال لا الحصر: وائل كفوري، عبير نعمه، كارلا رميا، لينا فرح... وتجدر الإشارة إلى أن المغنية إليسا قامت بإعادة غناء أغنية "لو فيي".
ومن بين مهامها أيضاً، المشاركة في عضوية اللجنة الموسيقية في جائزة الموريكس دور.
اعتزال الغناء
اعتزلت شلهوب الغناء في عام 1983 واقتصر عملها فقط في الموسيقى وقيادة الأوركسترا وإدارة الفرق الموسيقية والكورال. في ذلك العام قررت الاكتفاء بالإطار الموسيقي الأكاديمي. ويعود سبب الابتعاد عن الغناء إلى عرض اعتبرته لا يليق بها وبأخلاقها، وقد استغرب من عرض عليها ذلك، أنها ترفض السفر منفردة وهي مخطوبة، ما جعلها تشعر بأن هناك أمراً ما وراء عرضه يتنافى مع قناعاتها وأخلاقها.
الزواج
بعد فترة الخطوبة تزوجت الشاعر جميل زيادة عام 1981 وأنجبت منه ثلاثة أولاد. انسحبت عايدة من الشهرة التي حققتها لكنها استمرت في الانغماس فيها وأسّست عائلتها. صارت الموسيقى (وهي ملاذها) وعائلتها هما أولويتها. "قلبي لعائلتي وشغفي للموسيقى". خلال السنوات الأربع الأخيرة فقدت عايدة شلهوب أعزاء على قلبها. شقيقها في زمن الكورونا، زوجها في 12 تشرين الاول 2021، ووالدها في 14 تشرين الاول 2021.