تغيبت عن الساحة الفنية لأسباب عديدة، ولجأت إلى إنشاء عملها الخاص لتتمكن من تخطي مصاعب الحياة، من الحقوق إلى التمثيل والكتابة إلى الأعمال الخاصة، حياة مليئة بالعديد من التجارب، جعلتها تصنع طريقها الخاص.

الممثلة والكاتبة اللبنانية باتريسيا داغر تكشف سبب غيابها، والعديد من الأمور الخاصة حول حياتها الشخصية والعملية، والكوميديا في لبنان من خلال هذه المقابلة.

ما هو سبب ابتعادك عن الساحة الفنية خلال الفترة الأخيرة؟

سبب الإبتعاد يعود إلى عدم وجود الأموال، ولا يوجد متابعون، فمعظمهم بات اليوم يتوجه إلى "البث المباشر"، ويجب أن نستنظر أن يقوموا بفتح محطات لبنانية "أونلاين"، لأن اللبناني على القنوات الأرضية لن يجد المشاهدين، سوى من الفئات العمرية، ما بين 60-70 عاماً، فما قيمة الدعايات التي قد تحصل عليها المحطات من هذا الأمر.

أين الواسطة من الساحة الفنية اليوم؟

لست ضد هذه الفكرة، ولكن سأقول لك مجال الفن صعب جداً، وحتى تجد الأشخاص التي تقدر على التفاهم معها، وتتمكن من العمل برفقتها هو أمر صعب، المنتج عندما يجد الشخص الذي لا يُتعبه وينفذ كل ما يقوله من دون جدال من حقه العمل معه، وأنا أفهم هذا الأمر.

صرحتِ سابقاً أن الممثل السوري "أشطر من اللبناني" بالإحساس"، وخلال شهر رمضان كشفتِ أن مسلسل "ع أمل" هو من أقوى المسلسلات لهذا العام، وهو يقوم على 90% من اللبنانين، ألا يوجد تناقض في هذا الأمر؟

لا بالعكس أتمنى دائماً أن يكون العمل 100% لبنانياً، والإنتاج لبنانياً، حتى الكتابة، لأننا نحن نستحق هذا الأمر، ولدينا المقدرة، ولكن لا يحصل الجميع على الفرص، حتى الممثل السوري مهيار خضور لم يكن دوره مهماً أبداً وأي شخص قادر على تقديمه، ولم يبدع، والدور لم يكن قابلاً للمقارنة مع الأدوار اللبنانية التي قدمت في المسلسل، وهو لم يضف أية زيادة، ومن دونه لن يتأثر العمل.

كشفتِ سابقاً أنك تمتلكين نصاً درامياً وبعض النصوص الكوميدية، أين هي اليوم ؟

النص الدرامي الذي أمتلكه، ربنا هو من أرسلني حتى أكتبه، وإذا لم يأخذه أي شخص، سأقدمه كقصة من خلال منصة خاصة بي، لأن موضوعه جداً مهم وإنساني وعميق، ولم يكتشف أي شخص علاقة الموضوع الذي يتناوله بحياتنا ككل، ولا علاقة للماديات بهذا الأمر، فالمبلغ المالي الذي سأتقاضاه لا يهمني بقدر أن أؤدي الرسالة التي طلبها ربي مني، لأنه وضعني في مكان تمكنت من رؤية هذا الأمر، ولأنني أمتلك قدرة كتابية، فهمت أنه وضعني هنا لأنه يجب أن يعلم العالم ككل بهذه الرسالة.

دائماً ما أسأل نفسي، لماذا ربي أعطاني هذا الصليب، وكل حياتي صلبان منذ أن ولدت، ولكن أكبر صليب حملته كان هذا الأمر، وأنا أقوم بتحليله، علمت أن ربنا يريد مني أن أكتبه، وأن أوجه العالم من خلاله، وأكرر لا يهمني المال من هذا المسلسل، وليس لدي أي طموح درامي، ولكن كي لا تموت الرسالة. أحتفظ بهذا المسلسل عند أخي، حتى إن حصل أي مكروه لي كي يبقى هذا الأمر موجوداً ليحقق رسالته.

هل من الممكن أن نرى النص الكوميدي على مواقع التواصل الإجتماعي؟

لا أعلم إذا ما كان سيظهر على مواقع التواصل، لأن الفكرة قريبة إلى العالم المسرحي أكثر.

ما هو الفرق بين الكوميديا سابقاً واليوم؟

سأقول هذا الأمر، لا مسؤولية في النصوص اليوم، 90% من النصوص الدرامية، و 90 % من النصوص الكوميدية لا مسؤولية فيها، أما لماذا أثنيت على مسلسل "ع أمل"، لأن الكاتبة كتبت بمسؤولية. أساس كل شيء هو النص، ومهما حاولت إذا كان النص فاشلاً لن تتمكن من إنجاحه، ولن يتغير هذا الأمر بإحضار أهم الممثلين، إذا كانت الأساسات ركيكة، قلائل هم الأشخاص مثل نادين جابر، إن كان على الصعيد الدرامي أو الكوميدي، وأنا شخصياً ونادين لدينا هذا الأمر المشترك، وهو المسؤولية.

عندما أتوجه إلى الكتابة فذلك حتى يستفيد الناس من هذا الأمر، لا يهمني أن أضع بعض الأموال في جيبي.

دائماً ما تأتين على ذكر المساواة بين الرجل والمرأة، وفي العديد من الفيديوهات، حتى من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، هل يفتقر الرجل الشرقي إلى العديد من الأمور التي تنصف المرأة؟

الأمر ينطبق على المجتمعين الشرقي والغربي، واليوم في عصر مواقع التواصل الإجتماعي أصبح الجميع يتبع الترند، من دون الإلتفات إن كان هذا الأمر يليق به أم لا كرجل، وأنا دائماً ما أقول على سبيل المزاح أن "الرجال جنس عاطل"، والله خلق الرجل، ورأى العيوب الموجودة فيه، وأصلحها بالمرأة.

ظهرتِ غاضبة في أحد الفيديوهات بعد أن قال أحدهم 51 عاماً عمر لا يستهان به؟

نعم هذا صحيح، حتى أن بعضهم يستخدم كلمة "ختيرتي" ، هذه هي سنة الحياة التي نسير عليها، وأنا أصر أن أكون مثل كل العالم، ولا أقوم بإجراء حقن "البوتوكس" .

ما سببب إبتعادك عن عمليات التجميل ؟

لقد حصل معي حادثة منذ زمن، أجرت لي صديقة مقربة إبرة واحدة رغم أنني لست بحاجة لها، ولا أعرف ما هو السبب الذي دفعني لإجرائها، وبقيت بحدود الـ 6 -7 سنوات حتى تمكنت من إيجاد الحل، "قتلتني ، دبحتني فيها" وأنا لم أكن بحاجة لها، حتى أنها أكدت لي أنها لا تدوم لفترة طويلة، لأكتشف لاحقاً أنها عكس ذلك تماماً، وأنا اثق أن كل ما أعطانا إياه الله كامل، ولا يجب أن نشوه أنفسنا، وأولاً أنا كنت "غبية" وهي أصرت على هذا الأمر، أخطأت وبقناعتي الخاصة حتى ولو لم يكن كل شي مميز، كـ الأنف" ربنا خلقه بهذا الشكل لسبب معين، لتكون مميز.

سأضيف سرد على القصة، أمس كنت أتكلم مع إمرأة أصرت أن تقوم بعملية تجميل لأنفها وهي بعمر الـ 15 سنة وكانت دائماً ما تطلب من والدتها هذا الأمر لكنها لم تجريها، ومعظم دور الأزياء لاحقاً أقدموا على توظيفها بسبب أنفها، تبين لاحقاً أنه سر نجاحها، وحقق لها مردود مادي لا يستهان به، وكل شيء له سبب.

قضية الجمال ليس لها أسس معينة، العديد من الناس يتحدثون عن شكل معين "للخد والذقن" ولكن كل إنسان له جماله، حتى التي تجد نفسها قبيحة، لديها شيء مميز فربنا خلقها بهذا الشكل لسبب، علينا أن نبحث عن السبب.

هل من الممكن أن تدفعني بأولادك لخوض تجربة تمثيلية ، بعد تجربتك الخاص في المجال نفسه؟

كل ما يتعلق بالإنتاج والتقنيات الأخرى من تصوير وغيرها نعم، أما بالنسبة للكتابة والتمثيل فأرفض الفكرة، وأفضل أن يبتعدوا عن هذا الأمر، وكل شي فيه عاطفة أفضل أن يبتعدوا عنه لأنه قد يؤذيهم.

ما سبب توجه معظم المتواجدين على الساحة الفنية إلى القيام بأعمال تجارية خاصة؟

عندما تتقدم بالعمر، وكنت تظن أنك "وفرت" بعض الأموال لمستقبلك، وتأتي الدولة وتسـ رق أموالك عليك الإتجاه إلى عمل معين، البعض توجه إلى "اللايف" من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، والبعض الآخر إلى إنشاء علامات تجارية خاصة، ومن قاموا بهذا الأمر يجب أن نتوجه لهم بالتهنئة على قدرتهم بعد هذا العمر على القيام بهذا الأمر، وتمكنوا من الإنطلاق من الصفر.

ومن ناحيتي عندما أرى أن أحد الممثلين أقدم على تأسيس عمل ما أساعده بكل الوسائل الممكنة، وأروج له منتجه، البلد لا يساعدك، وفي كل مرة تسقط عليك أن تنهض مجدداً.

انا الآن لست بحاجة إلى أن أطلب من أحد مساعدتي، ولكنني الآن في وقت من دون عملي التجاري لن أتمكن من إطعام أولادي، لهذه الدرجة وصلت بنا الأمر.