من الحب، الظلم، الفقر والنضال، نسجت خيوط الحكاية، قصة تتناول الحياة بكل التفاصيل وبمعظم شخصياتها، كاشفة أن البسمة والأمل مرتبطان بشخصية الفرد وطريقة تفكيره، وبرؤيته لمعالجة مشاكله من كل زوايا القضية، وأن الشخصية الهادئة هي التي تجد حلاً لكل الصعوبات، وذلك من خلال الحكمة.
نص مسلسل "عمر أفندي" فيه الكثير من الفرح بقالب موضوعي، وجسد قصة حب نادراً ما نجدها، تبدأ بالمظلومية وتنتهي بإبتسامة، أخبرتنا أن قيمة الرسم والرسام مهمة، ولكن دائماً ما تكون رؤيته لا ترافق عصره، بل تتخطاه بعصور كثيرة، فلا يكون سارحاً في الخيال عبثاً، بل دائماً مشغول الفكر، وبعيد النظر.
مسلسل "عمر أفندي" يعالج موضوع المرأة الثرية، التي تتزوج من شخص من الطبقة الفقيرة، فيظهر الإختلاف الطبقي في طريقة المعاملة، فتكون الإهانة أساس المعاملة، وقلة الإحترام تتجسد في الظلم المتكرر للشخص المقابل.
لم يقتصر التعدد عند هذا الحد، فقصة الحب "القديم" عام 1943، في الزمن الجميل، في حديث العين عن أشواقها، حين لم يكن ضوء الشاشة هو الشيء الوحيد الذي يلمع في أعين المحبين، فقد كان الحب حقيقياً وصادقاً، بعيداً عن الزيف والتزلف.
بالإضافة إلى قصة ساعي البريد، الذي يحمل الأخبار السارة والصعبة، وشخصيته الفريدة التي حملت عنوان المناضل المدافع عن الوطن، العاشق والصديق الذي لا يتخلى عن صديقه حتى الرمق الأخير.
هذه النقاط جميعها جسدها المؤلف مصطفى حمدي، وتمكن من بلورتها في قصة عميقة وجميلة للغاية، مرفقة بنهاية منطقية جداً وجميلة، ختمها بطريقة فكاهية.
بالإنتقال إلى الشخصيات، فإن الممثل أحمد حاتم جسد دوره بإتقان، وتنقل بين التراجيديا والكوميديا، هو ذلك الرجل المخلص لزوجته، والأب والصديق الحنون لإبنته، فنان محترف ضمن أحداث المسلسل، عاش حالة نكران فنه من قبل عائلته، وعاش حياته بين الواقع والخيال.
الممثلة آية سماحة، التي جسدت دور "زينات"، الفنانة الإستعراضية التي تقع في حب "عمر أفندي"، الذي يجسد دوره أحمد حاتم، وتأرجحت بين التضحية من أجل والدتها التي تراكمت عليها الديون، والإنسان الذي عشقته بكل حواسها. آية سماحة ممثلة جميلة، رائعة، وفريدة من نوعها.
الممثلة رانيا يوسف، بدور الراقصة المعتزلة، تخلت عن حياتها المهنية واختارت الحب، وقد أدت رانيا يوسف دورها بإتقان وشغف، فكانت الزوجة العاشقة والأم الحنون لـ"زينات".
الممثل محمود حافظ، بدور "أباظة"، برع كالعادة، وجسد دوره على أكمل وجه، وتنقل بين الشخصيات بإحتراف، فإبتكر طرقاً جديدة خاصة به لتقديم كل دور، من دون الوقوع في التكرار.
نشير أيضاً إلى أن القصة تحكي عن بطولات المصريين ضد الإنكليز، وطبع اليهودي في البيع والشراء، وإنتصار الوطنيين المعارضين للإحتلال، من دون وثائقيات وأي فلسفة تذكر.
كل الممثلين أبدعوا في هذا العمل، ولكن هنيئاً للمسلسل بـ أحمد حاتم، الذي تمكن من أن يشاركنا كافة الأحاسيس داخل القصة، وجعل "العاطفة" تحاكي كل مشاعرنا.