رغم التطور التكنولوجي الحاصل الذي بات اليوم مقصداً للعديد من الباحثين عن المعلومات، خاصة من خلال سرعة الوصول إلى المعلومة وسهولتها، بتنا اليوم نفتقر إلى زمن القراءة، والبحث عن الدليل الملموس، إلا أن "شارع المتنبي" في العراق، هو الدليل المقنع أن ما لا قديم له لا جديد له، متمسكاً بكتبه التي تحمل حضارته بين طياتها.

يقع شارع المتنبي في وسط العاصمة العراقية بغداد بالقرب من منطقة الميدان وشارع الرشيد. ويعتبر شارع المتنبي السوق الثقافي لأهالي بغداد، إذ تزدهر فيه تجارة الكتب على مختلف أنواعها ومجالاتها، وينشط عادة في يوم الجمعة، ويوجد فيهِ مطبعة تعود إلى القرن التاسع عشر، كما يحتوي على عدد من المكتبات التي تضم كتباً ومخطوطات نادرة إضافة إلى بعض المباني البغدادية القديمة.

شارع المتنبي "رئة العراق الثقافية"

أُطلق على شارع المتنبي لقب "رئة الثقافة العراقية" لوجود مراكز استقطاب العلماء والمفكرين والباحثين.
المركز الثقافي البغدادي ساهم في تأسيس هذه المراكز لإقامة أنشطة أسبوعية، من نشاطات وندوات ومهرجانات، أدب، ثقافة سينما، مسرح، رسم وموسيقى. هذا المركز يزوره أكثر من ٢٠٠٠ زائر وسائح كل أسبوع.

شارع المتني يعاني من الدمـ ار بسبب التفجيـ رات

تعرض شارع المتنبي كغيره من مناطق بغداد والعراق لعدة تفجيرات خلال فترة عدم الاستقرار الأمني عام 2003، إلا أنه تعرض يوم 5 آذار/ مارس 2007، إلى هجوم بسيارة مفخخة أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 30 متسوقاً وتدمير العديد من المكتبات والمباني، وتم تدمير المكتبة العصرية بشكل كامل، وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست عام 1908، كما تدمر مقهى الشابندر الذي يعد من معالم بغداد العريقة، إضافة إشتعال العديد من المكتبات والمطابع والمباني البغدادية الأثرية في الشارع.

شارع المتنبي إلى العمل مجدداً

لم تسمح الدولة والعديد من القطاعات الخاصة والعامة لشارع المتنبي أن يكون طي النسيان، بل عملت جاهدة من أجل إعادة إعماره للعودة إلى الواجهة مجدداً، فلقد قامت العديد من المصارف الحكومية وبتوجه حكومي وجهات ثقافية من نقابات ومؤسسات رصينة، من أجل إعادة الرونق إلى هذا الشارع مع الحفاظ على هويته العمرانية التي تكشف العمق التاريخي في تصاميم مبانيه.

وفي التفاصيل خصصت هيئة عراقية أهلية تهتم بالشأن الثقافي، مبلغ مئة ألف دولار لإعادة تأهيل شارع المتنبي في العاصمة بغداد، تم تشكيل لجنة مشتركة من وزارة الثقافة ووزارة البلديات ومجلس محافظة بغداد لإعادة إعمار شارع المتنبي، وتم إعادة افتتاحه يوم الخميس الموافق 18 كانون الأول/ ديسمبر 2008، بحضور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من الأدباء والفنانين والمثقفين العراقيين. وتمت إعادة إعمار شارع المتنبي العريق وسط العاصمة بغداد بحلته الجديدة، وأصبح شارع المتنبي معلماً متاحاً للزائرين للاستمتاع بالفعاليات الفنية والثقافية التي يحتضنها صباحاً ومساءً.


نسبة الإقبال إلى تراجع .. دول مجاورة تحاول إلغاء ماهية شارع المتنبي

تراجعت نسبة الإقبال بسبب التطور التكنولوجي، إلا أن هذا الأمر لم يكن الوحيد الذي يسعى إلى إلغاء شارع المتنبي و"ماهيته"، بل أيضاً هناك استهداف للشارع من قبل بعض الدول التي تطرح منتجات بثمن بخس يقلل من قيمة الكتب المتواجدة هناك، وينافس بمنتج لا يليق بالقارئ وبـ شعار العرب.

إستياء المواطنين بسبب المطاعم

شكلت المطاعم مشكلة بالنسبة لتواجدها في المنطقة الخاصة ببيع الكتب، ومن اللافت أن العديد من الناس عبروا عن إستيائهم من هذا الأمر، إلا أن القيّمين على الإهتمام والحفاظ على الشارع كرسوا هذا الأمر لمصلحتهم، خاصة وأن معظم الأسواق تحتاج إلى مصادر استدامة الطعام والشراب ومؤهلة لاستدامة السياحة وتنشيط حيوية الشارع اقتصادياً، لكن ما حدث مشكلة تنظيمية لتعود بعدها "أمانة بغداد" لتشخيص هذه المشكلة وبدأت تضع الحدود والحلول.


شارع المتنبي : إنطلاقة للعديد من الكتاب والشعراء

يرفض العديد من الأشخاص تقبّل فكرة أن معظم البارزين الذين ظهروا، كانت معظم إنطلاقتهم من شارع "المتنبي"، إلا أن العديد من الأشخاص يكشفون هذا الأمر بعبارة واحدة "كل البارزين لم يزوروا الشارع فقط بل برزوا من شارع المتنبي لفضله الكبير على المثقفين"، لتكون هي الجواب الوحيد الذي يكشف حقيقة هذا الأمر ..


عدد صادم للزائرين سنوياً

أكثر من ٣ ملايين زيارة لـ ٥٠٠ ألف شخص يزورونه سنوياً، في القشلة وسوق السراي والمركز الثقافي البغدادي ورواد الكتب.

التطورات الجديدة والخطط المستقبلية الخاصة بالشارع

حملة شبابية تنطلق قريباً للمطالبة باعتماد الشارع موروثاً للعراق نظراً إلى خصوصيته.

130 فنان عالمي يجتمعون لإحياء ذكرى شارع المتنبي

على إثر حادثة تفجير شارع المتنبي في عام 2007، تشكّل تحالف عالمي من 130 فنان لإنشاء مجموعة أعمال فنية عن شارع المتنبي، إذ تعقد في كل عام في الخامس من آذار/مارس ندوات ثقافية وعروض فنية وسينمائية في العديد من مدن العالم إحياء لذكرى مأساة شارع المتنبي.

وختاماً، رغم التفجيرات والتحديات ومعظم الصعوبات التي تعرض لها "شارع المتنبي في بغداد"، أثبتت الدولة العراقية من خلال إعادة إعمار الشارع، أن العراق هي الواجهة الحضارية للثقافة.

شكراً لرجل الأعمال إبراهيم سعد على تزويدنا ببعض المعلومات الحصرية.