فؤاد شمص ممثل ومعلق صوتي لبناني، وهو أحد أشهر الأصوات العربية المحترفة في العالم العربي، إشتهر بصوته في الأفلام الوثائقية عبر قنوات ناشيونال جيوغرافيك وديسكوفيري والجزيرة والعربية وغيرها، وعمل في دبلجة مسلسلات الكارتون، نذكر منها: باتمان، غامبول بدور ريتشارد الأب، البؤساء، جزيرة الكنز، سلاحف النينجا، والرجل الخفي، بالإضافة إلى عمله في البرامج، ودبلجة المسلسلات المكسيكية.
موقع الفن أجرى مقابلة مع فؤاد شمص، وتحدثنا معه عن بداية مسيرته في هذا المجال، وعن الأعمال التي طُبعت في أذهان الجمهور، وعن النصائح التي يعطيها لكل معلق ومؤدي صوتي.

كيف بدأت مسيرتك بهذا المجال، ومن هو الشخص الذي إكتشف موهبتك؟

بدأت بالصدفة، أنا لم أكن أحب هذا المجال أبداً، ولا حتى اللغة العربية الفصحى، وكنت متجهاً نحن المواد العلمية، لكن صودف بإحدى المرات، أني كنت ألقي كلمة في الثانوية، وكان من الحضور مخرج إذاعي، فسمع صوتي وأعجبه، وعندما إنتهيت من كلمتي قال لي: "ما رأيك أن تعمل معنا في الإذاعة؟ لديك صوت وأداء جميل"، فقلت له: "لا أريد شيئاً يلهيني عن دراستي، أنا أستطيع أن أقلد الأصوات"، فذهبت إلى الإذاعة لأجري أداء التجارب بطلب من المدير، فأعجبوا بأدائي، ومن ثم أعطاني نصاً وقال لي حضّره لكي تلقيه في الإذاعة، فذهبت إلى لمنزل، وتجاهلت الموضوع ونسيته. بعد مرور شهر، إلتقيت بالمخرج بالصدفة، وقال لي: "هيا تعال لكي نكمل عملنا، ذهبت معه وتدربت لمدة 15 يوماً، وبعد ذلك أصبحت مؤدياً على الهواء، وسرعان ما إنطلقت، وأحبوا صوتي وإقتنعت، وعرضوا عليّ راتباً، فبدأت أقرأ التقارير عن الأوضاع الإقتصادية في البلد، ومن ثم شاركت بالمسلسلات الإذاعية في شهر رمضان، فأطلقوا عليّ لقب "ديك الإذاعة" لأنني أصيح ليلاً نهاراً، بعدها وصلتني المنحة إلى ألمانيا وسافرت، وتخصصت هناك بالرياضيات وعلم النفس وتخرجت، وعدت إلى بيروت، ومن ثم رآني مخرج ثانٍ وفُتحت لي الأبواب، وعملت مع عدة شركات، كما عملت في روتانا ودربت العديد من المدبلجين فيها.

ما الذي تفضله بالأكثر الوثائقي، الكرتون أم الإعلانات، ولماذا؟

كل نوع من هذه الأنواع له نكهته الخاصة، أحب التنوع في هذا المجال، إشتهرت عبر National Geographic بالوثائقيات التي عملت فيها لفترة طويلة جداً، وأيضاً في الرسوم المتحركة، وعند مقابلتي مدير قناة الجزيرة، قال لي: "ما شاء الله عليك ثلاثة أرباع أرشيفنا بصوتك، الوثائقيات والرياضة والرسوم المتحركة"، الحمد لله هذه نعمة تثبت أنني مجتهد، وعملت بشكل جيد.

تدرّب طلاباً في هذا المجال في لبنان وأغلب الدول العربية، ما هو أكثر ما تركز عليه مع طلابك؟

أكثر بلد أدرب فيه هو تونس، إذ أسافر إلى هناك مرتين في العام، وكذلك مصر، كما أني سافرت إلى السودان قبل الأزمة الأخيرة، وحققت المحاضرات التي ألقيتها صدى، وفي دبي أيضاً أقمت الكثير من الدورات، وكذلك في المغرب والجزائر، وفي لبنان طبعاً، كما عملت في الدول الأوروبية، وسافرت إلى ألمانيا، لأن هناك جالية عربية. بالنسبة إلى دورات التعليق الصوتي أو مؤدي الصوت، أكثر ما أركز عليه هو الحواس، فيجب أن يكون لديك غذاء سمعي، فالشخص مثلاً لو تعلم نوتة موسيقية، وكان هناك شخص آخر دائماً ما يسمع الموسيقى، فتلاحظ أن من لديه أذناً موسيقية يستطيع أن يكتشف الأخطاء.
يجب أن نعمل تغذية بصرية، وتمارين تنفس صحيحة، وهناك مصطلحات خاطئة يجب أن نخبرهم بها. أهم موضوع أركز عليه هو الشغف، فهو أهم من الصوت، وأشترط ذلك قبل أن يتدرب الطالب لدي، فلو كان لديك شغف وصوتك عادي، فشغفك هو الذي يحفزك لتحسن من صوتك، والأهم من الأداء هو صياغة النص وترجمته، وإذا كانت الصياغة بأسلوب حزين لا نستطيع أن نؤديها بأسلوب فرح.


هل الشهرة والأضواء مطلوبة للمعلق الصوتي؟

نحن نعمل خلف الستار، والشهرة ليست مطلوبة من المؤدي أو المعلق الصوتي، فالمهم أن يؤدي عمله بشكل جيد، وأنا سعيد بأن أعمالي تتكلم عني، ولكن ليس لدي مشكلة في الظهور.

ما هو أكثر عمل طبع صوتك في أذهان الجمهور؟

يجب أن تسأل هذا السؤال للجمهور، لأن كل بلد لديه شخصية يحبها، في إحدى المرات كنت في مصر أجري مقابلة مع الإعلام المصري، ولاحظت أنهم أحبوا "دارتانيان"، وكنت أظن أنهم يحبون "باتمان". بالنسبة لي أحب "باتمان" كثيراً و"ريتشارد الأب" أيضاً، وفي "توم أند جيري" أديت شخصية القط الأسود، وشاركت في "سلاحف النينجا"، وفي أفلام سينما لـ ديزني، وبفيلم "نيمو" الذي أديت فيه دور الأب.


يعمل في مجال التعليق الصوتي مدققون لغويون، هل هذا الأمر كافٍ، أم أنه يجب أن يكون المؤدي الصوتي مطلعاً على قواعد اللغة العربية؟

من المفروض أن يكون النص مترجماً ترجمة حِرفية وليس حَرفية، بصياغة جيدة ونص وتشكيل مدقق، فنرى دائماً مذيعين بالتلفزيون لديهم أداء جميل، ولكن تشكيلهم للنص خاطئ، وهذا أمر مزعج، فمثلما ذكرت يجب أن تكون لدى المعلق الصوتي كل تلك المقومات لكي تكتمل مهنته.

أصبح هناك الكثير من أعمال الدبلجة باللهجة السورية، هل أثر هذا الأمر على عملك؟

اللهجة السورية لها سوق كبير، والمسلسلات التركية تناسب اللهجة السورية، ويمكن أن لا تناسب اللهجة اللبنانية، لكن اللغة العربية الفصحى تحتاج إلى ممثل بارع، لأن الفصحى ثقيلة وتحتاج إلى ممثل ثقيل لكي يبسطها، في لبنان اللغة العربية ليست بحاجة إلى تبسيط كبير لأنها بيضاء تماماً، ولا تظهر أنها تحمل لهجة بلد معين، على عكس البلدان العربية الأخرى مثل تونس وسوريا ومصر وغيرها، فاللغة العربية الفصحى لدى اللبنانيين مناسبة لكل الشركات، وتناسب الرسوم المتحركة التي تحتاج إلى سرعة وليونة، والسوريون فعلوا نفس الأمر أيضاً، ونحن في لبنان كان لدينا المسلسلات المكسيكية باللغة العربية الفصحى، وكان لها إنتشار كبير في الدول العربية، وخصوصاً في دول المغرب العربي، ولكن في الوقت الحاضر، أصبحت الشركات تتجه نحو المسلسلات التركية. نحن عملنا بعض المسلسلات التركية باللهجة اللبنانية، لكن الناس لم يحبوها، لأنهم إعتادوا علينا باللغة العربية الفصحى.