افتتحت رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس فرعاً جديداً للكونسرفتوار الوطني في بلدة المجيدل- قضاء جزين، برعاية وزير الثقافة اللبناني القاضي محمد وسام المرتضى وبركة راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمّار، وذلك بعد القداس الإلهي لمناسبة عيد مار الياس الحيّ، شفيع البلدة، الذي ترأسه المونسنيور كيوان ممثلاً المطران عمار وحضره فعاليات المنطقة،
تم إفتتاح الفرع الجديد الذي أحيا الاحتفال به موسيقيون من الأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق عربية، وطلاب من فرعي شويفات وبعقلين بقيادة أستاذ القانون ومنسّق أنسمبلات العزف الجماعي الأستاذ عادل نصر الدين، بحضور المطران مارون العمار، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور الحجار، النواب شربل مسعد (رئيس بلدية المجيدل) وأسامة سعد وملحم خلف، منسق “تيار المستقبل” في الجنوب مازن حشيشو ممثلاً النائبة السابقة بهية الحريري، رئيس بلدية المجيدل الياس مسعد، وعدد من رؤساء البلديات والفعاليات.
إستُهلت المناسبة بكلمة ترحيب من عريف الإحتفال الأستاذ هاني طانيوس، ثم تلتها كلمة المطران عمار الذي أثنى على إنشاء فرع للمعهد في المجيدل، وتحدث عن أهمية نشر الموسيقى في المناطق اللبنانية من خلال الكونسرفتوار، وشكر الرئيسة القواس على ما قدمته لإنجاح هذه الخطوة المهمة. ونوه بجهود وزير الثقافة والنائب مسعد ورئيس بلدية المجيدل الياس مسعد التي أثمرت افتتاح فرع للمعهد العالي للموسيقى في البلدة.
ثم تحدثت القواس، قائلة : "من المجيدل الوادعة والعريقة، نستكملُ اليوم حكايةَ مجدِ هذا الوطن، حكايتَه التي نرويها في جميع مناطقِه ومُدُنِه وقُراه. نستكملُ دربَ الموسيقى، التي نطمحُ أن تعمَّ كلَّ لبنان، فيكونُ للكونسرفتوار في كل منطقةٍ، بيتٌ دافئ يحتضنُ الأجيالَ الموسيقيّة، لِتُضافَ إلى الفروعِ الثمانيةَ عشْرةَ الموزّعة على امتداد لبنان. وها نحن اليوم، من قلبِ الجنوبِ الأبيّ، وفي حِمى مار الياس الحيّ، نَستَلُّ سيفَه المبارك لنرفعَه من هذه الأرض المقدّسة بثباتٍ وإصرار، وفي اليد الأخرى نرفع عصا القيادة الموسيقيّة، علامةَ الإيمانِ الرّاسخِ بروحانيّتِنا وثقافتِنا اللّتَين صنَعَتا مجدَ هذا الوطن". وأضافت: "وما سوى الموسيقى، الرسالةُ الأبهى والأعمق والأصدق، ننشرُها في ربوعِ الوطن وبين أهله وأبنائِه، صلةُ الوصلِ الحضاريّةُ والكونيّة، والإرثُ الأغلى الذي نقدّمه للأجيال الآتية التي ستحملُ رايةَ العلمِ والثقافةِ والأصالةِ والقِيمِ الإنسانيّة.
موسيقانا هي سلاحُنا، وثقافتُنا هي وجهتُنا الحتميّةُ إلى عالمِ الحداثةِ الجديد الذي نطمحُ أن يكونَ لبنانُ على خريطتِه، وأن يعودَ لبنانُ إلى مكانتِه المرموقةِ في العالم. الموسيقى رسالتُنا للسّلام الذي سينتصرُ لا محالة، وما لقاؤنا اليوم، في الجنوبِ الشّامخ، سوى أصدق دليلٍ على أنَّ لبنانَ سيبقى رسالةَ السلامِ ووجهةَ الثقافة والريادة والحضارة".
أما النائب شربل مسعد، الذي أدى دوراً كبيراً مع شقيقه رئيس البلدية الياس مسعد في السعي إلى إنشاء الفرع وإنجاح المبادرة، فاعتبر أن إرادة الحياة والصمود في أرض الأجداد هما الأقوى، وقال: "أبارك لكم ولأبناء منطقة جزين و الجوار ولكل المبادرين إلى إقامة هذا المعهد، وذلك لأهمية تعليم الموسيقى في صقل النفوس وتهذيبها وبناء شخصية الإنسان الواعي والمثقف، خاصة إذا اقترن ذلك بالدراسة الجادة والتعليم الرصين الذي يضمن دمج الفنون والعلوم معاً لمصلحة بناء الإنسان. وأؤمن أنه إذا اقترنت الفنون بدراسة العلوم ستضمن خلق أجيال واعية ومدركة تقول رأيها بحرية من جهة، وفي نفس الوقت تأخذ من العلم سلاحاً ووسيلة للتقدم ، فالفن والموسيقى يكملان بعضهما البعض فهما غذاء للروح والجسد". وتابع: "في النهاية تبقى إرادة الحياة في أرض الأجداد هي الأقوى وستنتصر على الحرب والموت. والاستراتيجيات الرامية إلى تعزيز التمحور حول الإنسان والمشاريع التي قمنا و سنقوم بها في منطقتنا خير دليل على ثباتنا في هذه الارض المباركة".
وفي الختام تحدث المرتضى مشدّداً على "دور الموسيقى في إحياء روح المحبة". وقال:
مار الياس الحي واحدٌ من أكثر القديسين شعبيةً في بلادِنا، وعيدُه يندرجُ طبعًا ضمن هذا الإطار. ولعلَّ وقوع العيد صيفًا، يدفعُ أكثر إلى جعلِه موسمًا وطنيًّا عامًّا، يلتقي فيه المغتربون والمقيمون، وأهل القرى والنازحون عنها إلى المدن، ويتجلى ذلك بوضوح في المناطق المختلطة، حيث يجتمع المواطنون ليقيموا الفرح، كما يحدث اليوم في هذه البلدة وهذه الكنيسة، ليس بإطلاق الأسهم النارية الاصطناعية، بل بإطلاقِ سهمٍ ثقافيٍّ مضيءٍ وصادح، يتمثلُ بافتتاح فرع للكونسرفاتوار الوطني، من أجلِ نشر الموسيقى لغةَ حياةٍ بين أبناء المنطقة دون استثناء.
هذه هي صورة الوطن المرتجى الذي يريدُ أبناؤه أن يعيشوا معًا نعمةَ وجودِهم معًا، لكن ما يحدثُ على مقربةٍ من هنا، في الجنوبِ المقاوم كما في غـ زةَ المدمرةِ وسائرِ فلسـ طين، يضعُنا بالحقيقة أمام تحدٍّ مصيري في سعيِنا للمحافظةِ على الوجهِ البهيِّ للبنان، ويكشفُ أمامنا صورتين للثقافة: ثقافة الحياة الكريمة التي يصرُّ عليها أبناءُ شعبنا، ويقاتلون حتى الشهادة من أجل أن تكون لهم ولأجيالهم في قادمات الأيام، وثقافة الموت التي تسود عقلية الكيان المغتـ صب".
اختتم الاحتفال بالتوقيع الرسمي بين رئيسة مجلس إدارة الكونسرفتوار هبة القواس ورئيس البلدية الياس مسعد، وتقديم الهدايا التكريمية إلى المرتضى والقواس عربون شكر وتقدير لهما.