شاهدنا مؤخراً فيديو تم تداوله بكثرة للممثلة اللبنانية نادين الراسي وهي تقوم "بإقتحام" منزل إمرأة لا تعرفها وذلك من أجل خلاف بين أم وطفلها، وجعلت من هذا الأمر مصدر لجدل واسع على مواقع التواصل الإجتماعي.


وفي التفاصيل فإن الراسي كانت تقف أمام منزل وسمعت صوت طفلاً يصرخ ما دفعها للدخول إلى المنزل دون إستئذان من صاحبه، دون حتى معرفة ما السبب وراء بكاء هذا الطفل.
لا نود أن نطيل الحديث كثيراً ففي مرحلة ما هذه العلاقات تبقى خاصة بين الأم وإبنها، وتبقى ضمن المنزل، والعديد من المنازل يوجد فيها أطفال يبكون وهذا الأمر أكثر من طبيعي، قد لا يتعلق بالضرب حتى، فمن المرض مثلاً، ومن الحاجة، ومن عدم القدرة على حصول الطفل على ما يتمنى.
لذلك فإن ما تدخلت فيه الراسي هو أمر لا علاقة لها به، فلو كانت حريصة على الطفل كان يجب عليها الإتصال بالأشخاص المعنيين والقيميين على هذه الأمور، حتى يتم معالجته دون فضائح قد تطال هذه العائلة.
من ناحية أخرى، هل بتنا اليوم إذا دخلنا البيوت نقوم بتصوير أصحابها، وهل شاءت الصدف أن تكون الكاميرا المرافقة للراسي حاضرة للتصوير مع بداية الصراخ؟
من قال أن هذا الطفل -إذا كانت الراسي حريصة على مشاعره- لن يحزن إذا رأي هذا الفيديو يوماً؟ فكل ما قامت به الراسي على أساس فرضيات لا أساس لها من الصحة، لن يؤذيه اليوم فقط، بل طوال حياته.
وللتذكير يعتبر مبدأ حماية حرمة المنزل من المبادئ التي نصت عليها كافة التشريعات الداخلية والدولية، لا سيما في الاعلان العالمي لحقوق الانسان تاريخ 10/12/1948. كما تعتبر هذه التشريعات من القيم والمبادئ الانسانية السامية اللازمة لحماية الأسر البشرية، وتقوم هذه التشريعات على أساس العدل والمساواة بين كل أبناء البشر من دون تمييز وعلى أساس الحرية في التمتع بحياة كريمة، وهي تهدف الى تعزيز وحماية الحريات الشخصية للانسان والى العمل على صون كرامته وحقوقه الطبيعية والأساسية انطلاقاً من المبادئ الانسانية السامية التي تعترف بها كل المجتمعات البشرية.
وبالعودة إلى القانون نصت المادة 571 من قانون العقوبات على انه "من دخل منزل أو مسكن آخر او ملحقات مسكنه او منزله، خلافاً لإرادته، وكذلك من مكث في الاماكن المذكورة خلافاً لإرادة من له الحق في إقصائه، عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر. ويقضى بالحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاث سنوات إذا وقع الفعل ليلاً، أو بواسطة الكسر او العنف على الاشخاص، او باستعمال السلاح، او ارتكبه عدة اشخاص مجتمعين. ولا تجري الملاحقة في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الاولى إلا بناء على شكوى الفريق المتضرر".
إضافة إلى كل ما ذكر، فإن القانون يعاقب أيضاً على تصوير الناس بدون إستئذان حيث يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك إن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه، والتقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.
لذلك نتمنى من الراسي الإلتفات لحياتها الشخصية وأعمالها الدرامية بدلاً من ملاحقة "الترند" وحياة الناس الخاصة.