حكايتها مع القلم والريشة أكبر بكثير من أن تختصر في سطور، فهي المبدعة التي عشق ملايين الناس كتاباتها ولوحاتها، لأنها لامست أفراحهم وأوجاعهم في مختلف القصائد التي كتبتها واللوحات التي رسمتها.
إنها مها بيرقدار الخال، التي كتبت ورسمت الحب والوطن والعديد من قضايا المجتمع، وبمناسبة صدور كتابها الجديد "حكايا العراء المرعب"، عن دار "فواصل" ومجلة شعر"، أقام منتدى شهرياد حفلاً تكريمياً في بيروت، للإحتفال بالإصدار الجديد للشاعرة والفنانة التشكيلية مها بيرقدار الخال، لوحة الغلاف بريشة الطفلة نيكول يوسف الخال، توزيع مكتبة بيسان ودار الفرات للنشر والتوزيع رأس بيروت.
هذا الكتاب جمعت فيه الكاتبة سيرة حياتها، بدءاً من ولادتها في دمشق، وزواجها من الشاعر الراحل يوسف الخال، وإنجابهما إبنيهما الممثلين ورد ويوسف الخال.
كما تروي الكاتبة معاناتها بسبب فقدانها أهلها، وبعدها زوجها وأشقائها.
أحداث كثيرة عاشتها مها بيرقدار الخال، تجعل من يقرأها يعرف مدى قوة هذه السيدة العظيمة، ومثابرتها على مواجهة كل الصعاب التي واجهتها في حياتها، لن نكشف لكم المزيد، بل سنترك لكم متعة قراءة هذا الكتاب، الذي يجب أن يكون حاضراً في مكتبتكم المنزلية.
مقدمة الكتاب للممثل يوسف الخال، جاء فيها:" كيف لعشبة ملح أن تكون دواة للروح، كيف لصامتة أن ترعب العراء وكيف لشامية أن تُرحِّل العناصر وتبقى؟ هي مها... مهاتي أنا... هنا الشهادة ليست مجروحة بل كاملة... من رحيق العطر هي الشهيق ومن أنين الحنين تكون الزفير، إلى الجوف الحار تنتمي، إنسانها ينساها، فتطير. لا تعرف عرفاً ولا قيداً، مستورة بستائر غيم فقط، تمطر، تكون الماء... أليست تلك عناصر الحياة".


أما الناشر الشاعر نعيم تلحوق فيقول في الكتاب: "تقودنا الحياة في بعض الأحيان إلى البحث عن أنفسنا بغية اكتشافها، ولا يكون ذلك إلا بالجرأة والتحدي، كأن شيئاً ما يصرخ فينا ليعيد بناءنا مرة بعد مرة... مها بيرقدار الخال نموذج حي على هذا النوع من النفوس الكبيرة، التي لا تعيش العيش بقدر ما تحيا الحياة بكل ما فيها لتحصّل كينونتها… مها بيرقدار الخال روح خلاّقة، نفس شفافة، شغف ذائب في مراقصة الماء… تتقن بإحساسها مراقبة المعنى… هي كائنة برمائية بجناحي خيال، تحتل الفضاء برقة شِعرها، نظافة عقلها، وهيام قلبها، ومثل هكذا كائنات يحمل صراخها وجع البشر والملائكة في آن…".

بداية الحفل كانت بكلمة ترحيبية ألقاها الشاعر الدكتور محمد نصر الدين، وقدمت الحفل الشاعرة ميشلين مبارك، ثم عزف الفنان طارق بشاشة مقطوعة موسيقية على الكلارينيت.
وكانت كلمات لكل من المستشار المير طارق آل ناصر الدين، مؤسس ورئيس منتدى "تجاوز" الشاعر الدكتور ديزيريه السقال، مؤسس ورئيس منتدى "حبر أبيض" الشاعر مردوك الشامي، الذين أشادوا بالشاعرة والفنانة التشكيلية مها بيرقدار الخال وبعطاءاتها.
الشاعر حبيب يونس ألقى قصيدة في الشاعرة المكرّمة، أما الفنانة التشكيلية والروائية خيرات الزين فقد أهدت الشاعرة لوحة تحمل صورتها رسمتها بريشتها.
كما كانت كلمات للصحافي جورج طرابلسي، الناشر والكاتب سليمان أخدي، الكاتبة والناقدة هالة نهرا، الدكتور قاسم قاسم، الممثل يوسف الخال (كلمة دار ومجلة شعر)، الناشر والشاعر والمفكر نعيم تلحوق (كلمة دار فواصل).
وألقت الشاعرة والفنانة التشكيلية مها بيرقدار الخال والشاعر نعيم تلحوق قصائد من كتابة الشاعرة المكرمة، رافقهما عزفاً الفنان طارق بشاشة.
وقدّم منتدى الفن التشكيلي لـ مها بيرقدار الخال لوحة بتوقيع الفنان التشكيلي أحمد خليقة.
وفي الختام، تم تكريم الشاعرة مها بيرقدار الخال بدرع تقديري من منتدرى شهرياد.

موقع الفن إلتقى الشاعرة والفنانة التشكيلية مها بيرقدار الخال، وكان لنا معها هذا الحوار.

ما هي الرسالة التي يجب أن تصل إلى قراء كتابكِ "حكايا العراء المرعب"؟

أشكر الله أن ذاكرتي لا زالت جيدة، كتبت المحطات البارزة في حياتي، والكتاب هو على شكل سيرة ذاتية، شهادة أني مررت بكل تلك الظروف، ويستغرب من يقرأ الكتاب ويسأل كيف أني لا زلت على قيد الحياة.

بمعنى أن الكتاب مضمونه حزين إجمالاً؟

حياتي كلها كوارث، إبنَي ورد ويوسف هما فرحي وسبب وجودي.

وماذا عن حفيدتكِ نيكول التي رسمت صورة الغلاف؟

حفيدتي تستحق أن أكتب عنها كتاباً كاملاً.

ما هو عنوان حياتك؟

حياتي كفاح وصبر.

ما رأيكِ بالكلام الذي نسمعه في الشعر والأغنيات؟

لا زال لدينا مخزون في البلد من شعراء ورسامين وكتّاب أغنية وموسيقيين، ولكن ظروفنا لا تسمح بالعمل، وتحول دون وصول الأصوات الجميلة والعظيمة.

في الماضي البعيد كانت الكلمة تسقط نظاماً، هل ما زال المسؤولون يتأثرون بالكلمة؟

لم يعد يؤثر شيء في السياسيين.

منذ 15 عاماً وأنتِ غائبة عن كتابة المسلسلات، لماذا؟

لم أجد نفسي في كتابة المسلسلات، لأنه يجب أن تراعي فيها ذوق الناس، في حين أن كتبي أكتبها بحسب ذوق الخاص.

كيف ترسمين لبنان وسوريا اليوم؟

رسمت لوحة أسميتها غـز ة، غـز ة مها بيرقدار الخال، بمعنى الوجع الذي نحن فيه، ما من أحد مستثنى.

ماذا تتمنين لشعب سوريا وشعب لبنان؟

لقد إقترب زمن الخلاص، والعودة إلى ذواتنا، التي شاخت طوال هذا الزمن بيننا، لقد هرمنا قبل الأوان، وإنتهينا قبل أن نبدأ، لكن لا بأس، فلنتعالى فوق الجراح، دمنا نقي وفينيقي، نعرف إذا وقعنا كيف نقوم، وكيف نبلسم الجراح، بعد كل ألم قيامة.


كما كانت لنا هذه الكلمات الخاصة من الممثلة ورد الخال، الممثل يوسف الخال والفنانة نيكول سابا.

الممثلة ورد الخال قالت: "أبارك لوالدتي بكتابها الجديد، وأنا سعيدة جداً بهذا النشاط الذي تقوم به بعد ركود طويل جداً، لأن الأوضاع العامة في السنوات الأخيرة، أطفأت كل نفس لأي أمر إبداعي، خصوصاً لدى الكتّاب والرسامين، الذين هم بحاجة إلى فكر صافٍ ليعطوا، حتى أنهم يخلقون شيئاً من الألم، لكن هناك أوضاعاً تؤثر سلباً، منها أن والدتي تعبت صحياً، تقاعست قليلاً عن الرسم، والكتابة هي أسهل بالنسبة لها، لذلك شجعناها على أن تكتب هذا الكتاب عن مذكراتها".
وأضافت: "هناك صور كثيرة مطبوعة في رأسي من طفولتي وحتى عمر المراهقة، يوسف وأنا نذكر مراهقتنا، وكنا نشارك والدتنا كل شيء، والهم الذي حملته لتستمر في الحياة، وكيف إتكلت على عملها لتربينا وتعلمنا، نحن واكبناها في تلك الفترة، ورأيناها تعمل وتنتج، ورأينا نجاحاتها في معارض لوحاتها وأمسياتها الشعرية".

الممثل يوسف الخال قال: "أنا سعيد جداً لأن توقيع الكتاب يمنح والدتي الفرح، بعد أن كانت الفترة الماضية، ونتيجة كل الأوضاع، ضاغطة عليها، وكانت منزعجة جداً، وجاء هذا الكتاب كنافذة تنطلق منها، صحيح صوب الماضي، لكنه جعلها تفرح قليلاً. أنا أصررت على إنجاز الكتاب لتكون والدتي سعيدة، وأنا سعيد بأن هذا اليوم هو يومها، وتبدو متألقة".
وأضاف: "والدتي ذكرت في هذا الكتاب بعض المحطات معي، وكل مسيرتها منذ وفاة والدي الشاعر يوسف الخال عندما كان عمري 9 سنوات، إلى أن أصبحت والدتي هي الصخرة التي نستند عليها".


الفنانة نيكول سابا قالت: "أبارك لها هذا الحلم الذي تحقق، ونعرف أن هذا الكتاب كان أمنية كبيرة جداً بالنسبة لها، ففي الفترة الأخيرة كانت نفسيتها تعبانة جداً، وهي تأثرت بكل الظروف التي يمر بها لبنان وغـز ة، وكلنا نعرف أن مها سيدة حساسة وشفافة، وهذا الكتاب كان خلاصاً لها، فأطلقت صرختها التي كانت بمثابة علاج، أو بلسم يرسم بسمة على وجهها، وأنا سعيدة جداً أن أراها اليوم محاطة بكل هؤلاء الأحباء، خصوصاً في هذا الزمن الذي فيه الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا، لأن مها تقدم شعراً وأدباً، وتستعمل القلم وفكر وروح الإنسان، فهذا أمر سامٍ جداً وفريد من نوعه".
وأضافت: "بيني وبين مها ذكريات وأحاديث، هي بالنسبة لي ملهمة، سيدة حكيمة وقوية، وبنفس الوقت لديها الطفلة التي في داخلها، وأنا أشبهها في الكثير من الصفات، أحب صمتها، وبذات الوقت أحب البركان الذي حينما تريد أن تنتفض، تنتفض من خلاله. تجمعنا الكثير من الأحاديث الحياتية والكونية، التي لها علاقة بالإنسان، وخصوصاً بالمرأة".