برونو طبال إنسان شفاف وصادق ومبادئه أولوية، ممثل ومخرج ومغنٍ وكاتب وما "بتساعو الدني" على حد قوله. أحلامه عديدة أقلها الأولمبيا والـ Eurovision وأقصاها جائزة الأوسكار. كتب مسرحية في الثامنة من عمره. لبنان بالنسبة له بعد الله ويشجع السياحة البيئية لكي يتعرف الناس على بلده. موقع "الفن" إلتقى برونو طبال وكان معه هذا الحوار.

لماذا إتجهت الى مسرح الأطفال؟

البداية كانت صدفة، لأن أخي رالف طبال هو مؤسس Les Bouffons مع شريكه شربل صهيون، والتي تعنى بكل المناسبات للأطفال. الهدف كان خلق مادة جديدة في هذا المجال من خلال التوجه الى الأطفال بأسلوب جديد وبمستوى متقدم، مثل استيراد مسرحيات من فرنسا لأننا لا نملك مستوى جيداً لمسرح الأطفال، بالطبع هناك أعمال مسلية وجميلة ولها جمهورها لكنها تفتقد الى المستوى المطلوب.

عام 2018 فاتحني شقيقي رالف بفكرة تقديم مسرح لبناني للأطفال أقوم أنا بإخراجه، فوافقت طبعاً وطلب أن تكون سينتيا كرم هي النجمة، وقدمنا مسرحية Home for Christmas في موسم الميلاد الماضي، وقد لاقت نجاحاً كبيراً، من جهة لوجود سينتيا وموهبتها وقيمتها الفنية الغنية عن التعريف، ومن جهة أخرى شكلت مشاركتها حافزاً للناس لإصطحاب أولادهم إلى المسرح.

إعتمدت مع سينتيا على فلسفة تقضي بالتركيز على مشاهدة الأطفال مسرحاً غنائياً باللغات الثلاث، العربية والفرنسية والإنكليزية، وأن يستمعوا الى أغاني جميلة للمشاهير اللبنانيين وغير اللبنانيين، وتمت حياكة الأغاني القديمة التي نحبها ودمجها في المسرحية، فحققنا نجاحاً باهراً وكانت ردة فعل الأهالي أنهم إستمتعوا بمشاهدتها أكثر من الأطفال، لأن العمل كان فعلاً مشوقاً. بعد هذا النجاح الكبير قررنا إطلاق عمل ثانٍ Le periple de Celeste وهو تكملة لقصة العمل الأول، ويتضمن الحبكة نفسها والشخصيات نفسها من Home for Christmas وكانت النتيجة رائعة، والأصداء الإيجابية أثبتت نجاحها وقيل لنا إنكم رفعتم المستوى كثيراً، منهم الممثل فؤاد يمين الذي قال لـ سينتيا لقد وضعت مع Les bouffons مستوى مسرح الأطفال في مكان آخر.

بماذا يتميز Les bouffons عن بقية مسارح الأطفال التي برزت منذ سنوات؟

في البداية نتميز بطريقة كتابة القصة ومخاطبة الأولاد بشكل مختلف من دون توجيه الرسائل بطريقة سهلة بل إننا نفسح المجال للولد أن يفهمها، وسمحنا له بالإستماع الى أغانٍ غير مخصصة للأطفال. أنا كنت في طفولتي أستمع الى أغاني الفنانة ماجدة الرومي والفنانة فيروز. كما أن مسرح Les bouffons يقدم أعمالاً كلفة إنتاجها عالية جداً أكثر من العائدات، لكن الأهم النوعية والهدف وأن يخرج الطفل سعيداً مع والديه بعد إمضاء وقت ممتع. وصحيح أن هناك مسارح للأطفال برزت، لكن في النهاية هناك أحد عليه أن يجدد والتطور ميزة.

هل إعادة إخراج مسرحية "آخر بروفا" التي كتبتها ومثلتها ماريا الدويهي وأخرجها شادي الهبر شكلت تحدياً لك؟

في البداية أنا لا أقارن نفسي بأحد ولا أشبه أحد، والناس تعرف هذا الأمر. ومن حضر النسخة العربية سيتساءل ما الجديد الذي قدمته النسخة الفرنسية. وهذا كان التحدي الأول، أن نقدم شيئاً مختلفاً وكأننا نقدم مسرحية ثانية. والتحدي الثاني، أن النص باللغة الفرنسية وهو صعب وأدبي أكثر من النسخة العربية، وشكل الأمر تحدياً كبيراً لأن الفرنسية ليست اللغة الأم بالرغم من الثقافة الغربية التي يتميز بها اللبناني. والتحدي الثالث كان التركيز على إبعاد العمل عن الملل والتعب الذي يرافق النص الأدبي، ولا سيما أن المسرحية هي مونولوج والتركيز على خلق نمط ليرى الجمهور مشهدية سينمائية، لذلك كان التحدي الثالث هو التحدي الأكبر. لكن الأصداء كانت إيجابية جداً وحققت المسرحية نجاحاً في مونو، وعرضت ليلة واحدة في زغرتا.

هل سبب توجهك الى الإخراج هو للتحرر من القيود لخلق عملك الفني الخاص؟

ما قلته صحيح، أن الشعور بالسيطرة مهم لأنني حين أتولى إخراج عمل أكون مسيطراً على تفاصيله، بينما في التمثيل ألبّي تعليمات المخرج وهذا أمر طبيعي، وحين أكون ممثلاً ومخرجاً في الوقت نفسه يكون الأمر أصعب. لا أخاف من التحديات وسبق وأطلقت 15 كليباً إخراجاً وتمثيلاً، كل مجال يقدم شيئاً مختلفاً وأنا أحب المسرح منذ كنت طفلاً، وكتبت مسرحية في الثامنة من عمري في المدرسة، وتمت تغطيتها على شاشة التلفزيون. المسرح يقدم لي المتعة.

كيف تعرّف عن هوية برونو الفنية؟

أنا أفضّل تسمية فنان مع العلم أن هذا التوصيف ليس دقيقاً، لأنني أشعر أن "الدني ما بتساعني" أحب التعرّف على عدة مجالات وأحب النجاح بالطبع، ولدي مواهب عديدة ولا أخجل من قول ذلك، ولا أعتبر أنني متعجرف إذا إعترفت بهذا الأمر بل أنا فخور. وكل ما أقوم به وأنجح فيه يفرحني، سواء من غناء أو تمثيل أو إخراج. وكل المجالات التي ذكرتها متكاملة وتعبّر عني وعن شخصيتي وثقافتي.

ما الذي تفتخر به بنفسك؟

الصدق والإستقامة والنزاهة بكل ما قمت به، وبعلاقتي مع الناس وبإحترامي للآخر، وهذا أمر معروف عني أكثر من موهبتي، وهذا ما فرض إحتراماً لنفسي. لم أتخلَ عن مبادئي كي أحقق أحلامي ولا يهمني الظهور على وسائل الإعلام أو المقابلات، ولا أخاف من الغياب وكونك تحاورينني يعني أنني أملك مضموناً، والناس التي تحب الظهور الإعلامي لا تملك مضموناً. وهناك شيء أفتخر فيه أيضاً هو وطنيتي، وحبي للسياحة البيئية يصب في هذا الإطار، لأن بلدنا جميل وعلينا الحفاظ عليه بطريقة ما.

ما الذي تتمنى تحقيقه؟

حلمي مسرحية غنائية كبيرة، وسينتيا كرم "شفت غليلي" حين شاركت بمسرحية "شيكاغو بالعربي"، لأنها حققت ما كنا نحلم بالقيام به معاً، وما زلت أحلم بتمثيل لبنان في Eurovision أو نيل جائزة الأوسكار عن فيلم سينمائي، أو تقديم عمل في الأولمبيا.

هل تخاف من شيء محدد في الحياة وما هو؟

أنا أعاني من قلق مزمن Generalized Anxiety Disorder وأقولها للمرة الأولى وهي حالة مُشخصة طبياً، وهذا القلق يحركه الوضع الحالي في العالم والى أي حد أصبحت المصالح أولوية، وأخاف على الإنسانية حين أرى كمية العنف والتطورات في المنطقة، وأتساءل عن مصيرنا، وقبل النوم أفكر بإمكانية إندلاع الحرب من جديد في لبنان، ولا سيما أن الإنسان لم يكتسب العبر. على الصعيد الشخصي أخاف من المرض وأفضل الموت الفجائي كي لا أتسبب بعذاب أحد كما توفي عمي منذ بضعة أشهر. أخاف من إمتلاك المال وهموم كيفية صرفه، وأتمنى أن أحصل على الإكتفاء الذاتي المقبول مادياً.

ماذا عن أعمالك الجديدة؟

هناك أغنية جاهزة منذ سنة وأسلوبها مختلف جداً عما قدمته سابقاً، وقد أطلقها في الخريف بعد تجهيز الفيديو كليب. كذلك أحضّر مسرحية لي، وأعود الى المسرح بعد فترة طويلة. كما أنني أحضّر كتاباً عن تاريخ لبنان من المتوقع إطلاقه في الخريف، ومسرحية جديدة للميلاد مع Les bouffons ومع سينتيا كرم بنسخة جديدة.