بالرغم من غيابه عن الأعمال الدرامية لسنوات طويلة، إلا أن الممثل اللبناني شادي حداد حافظ على مكانته في قلوب الجمهور، خصوصاً بعد نجاحه الكبير في السينما.
وكان لموقع الفن حوار خاص مع شادي حداد، تحدث خلاله عن أسباب نجاح فيلمه "ع مفرق طريق"، وكشف لنا سبب غيابه عن الدراما، وخططه المستقبلية.
حقق فيلم "ع مفرق طريق" نجاحاً كبيراً، وحصد جوائز عالمية، ما هي برأيك العوامل التي ساهمت في نجاح الفيلم؟
أعتقد أن سبب الرئيسي في نجاح "ع مفرق طريق"، هو أن كل شخص من فريق العمل كان يقوم بعمله من كل قلبه وبكل حب، وكان يريد أن يوصل العمل إلى الجمهور بأفضل طريقة. نفذنا الفيلم في ظل ظروف صعبة للغاية، منها جائحة كورونا والأزمة الإقتصادية في لبنان، وكان العمل بمثابة طاقة تنفس لنا، ووصلت إلى كل الدول العربية، وحتى إلى كندا.
هل حصول الأعمال على جوائز عالمية هو دليل على نجاحها فقط، أم أنه نوع من التحفيز على المتابعة بإنتاج أعمال ناجحة؟
لا شك أن حصول أي فيلم على جوائز عالمية، أو حتى جوائز محلية، هو دليل واضح على وجود مكونات النجاح في العمل، وأنه قد أنجز بأفضل الطرق، لهذا السبب كل جائزة يحصل عليها عمل ما، تؤكد أنه أثر في لجنة التكيم القائمة على المهرجان، كما أن حصول العمل على جوائز معينة، يدفع بالقائمين عليه وفريق العمل، للبحث عن تقديم إنجازات أخرى، فالجانب المعنوي من الجائزة العالمية أو المحلية، هو إعطاء صناع الأفلام الأمل بأن أي إنتاجات أخرى لهم يمكن أن تقدّر، وكذلك مجهودنا.
في ظل الأعمال اللبنانية العربية المشتركة، التي نشاهدها في هذه الفترة، قررتم أن تقدموا فيلم "ع مفرق طريق"، وهو عمل بروح لبنانية مئة بالمئة، هل ترى أن الجمهور إشتاق لهذا النوع من الأعمال؟
أردنا في فيلم "ع مفرق طريق"، أن نظهر عادات وتقاليد لبنانية فقط، ولبنان الذي نحب، وأرضنا التي نحب، والأرض هي أكبر معلم لنا، والطبيعة قادرة على إعطائنا دروساً كثيرة. وأعتقد أن هذا العمل، حتى لو كان لبنانياً بحت، إلا أنه يحاكي الجميع، مهما كانت جنسياتهم أو دياناتهم أو طوائفهم، لأن كل شخص منا، عندما يلجأ إلى محاكاة الطبيعة، ويعود إلى جذوره، سيستفيد للغاية. أردنا أن نوصل فكرة، وهي أن ظروف الحياة الصعبة عادة ما تتعبنا، وتنسينا أن نقف أمام نفسنا، وأن نطرح سؤال: "أنا أين من كل هذا الضغط النفسي والجسدي؟"، فهذا الفيلم بفكرته الشاملة يحاكي جميع الناس.
مع وجود الكثير من القضايا والمواضيع في المجتمع اللبناني، ما الذي يبعد المنتجين عن إنتاج أفلام لبنانية؟
الأفلام السينمائية هي مبادرات فردية، وحتى نتمكن من إنجاز فيلم سينمائي، فهذا يتطلب مجهوداً كبيراً وطاقة كبيرة، "ع مفرق طريق" إحتاج لحوالى الـ 4 سنوات حتى تم إنجازه، وحتى تمكنا من تمويله، هذه الأعمال تحتاج إلى وقت طويل، ومجهود جسدي وأموال كثيرة، طبعاً في ظل هذا الغياب التام للدولة عن هذا القطاع. السينما هي صناعة مهمة جداً، فنحن لدينا طاقات مهمة للغاية، من كتاب ومخرجين وممثلين، وحتى فريق العمل التقني، ولدينا جميع المقومات التي تجعل صناعة الأفلام لدينا مهمة، ويمكن أن تصل إلى العالمية، ولدينا الكثير من المخرجين الذين تمكنوا من إيصال صورة جميلة عن لبنان إلى العالم، منهم نادين لبكي وزياد دويري.
ألا ترى أنك أطلت الغياب عن الدراما كثيراً، بعد مشاركتك في مسلسل "روبي" عام 2012؟
بعد مسلسل "روبي"، شاركت في فيلم "من أجلكم"، وفيلم "يربى بعزكم"، وصولاً إلى فيلم "ع مفرق طريق"، والأعمال التلفزيونية التي عرضت عليّ في تلك الفترة، لم تتحداني كممثل، أو تجعلني أشعر أنني سأتطور في هذا المجال، ولكن أنا موجود على الساحة، وعندما يعرض عليّ عمل يجعلني أتحدى قدراتي كممثل، وأصبح أفضل في هذا المجال، سأكون جاهزاً طبعاً.
حتى أنك غائب عن الأعمال التي يتم إنتاجها للمنصات الإلكترونية، لماذا؟
أنا موجود طبعاً، ولكن عدد الممثلين كبير، وكم يمكن لعمل واحد أن يضم من ممثلين؟ فلهذا السبب أعتقد أنه لا توجد أدوار للجميع، وأنتظر دوري طبعاً. هناك أعمال عديدة وناجحة، إن كان من إنتاج شركة "إيغل فيلمز"، أو إنتاج شركة "الصباح"، أعمال تفرح القلب، وتظهر صورة جميلة عن إنتاجاتنا اللبنانية، وتحقق نجاحات عديدة، وفّق الله الجميع.
بعد مسيرتك الطويلة في مجال التمثيل، أي عمل تعتبر أنه كان بمثابة إنطلاقة فعلية لك؟
على صعيد الأعمال اللبنانية، أعتقد أن فيلم "قديس كفيفان"، الذي جسدت فيه شخصية القديس الحرديني، كان له تأثير كبير على إنطلاقتي في مجال التمثيل، وكان له طابع خاص، أما على الصعيد العربي، فسبق أن عملت مع المخرج نجدة أنزور في أعمال عربية مشتركة، وشاركت في مسلسل "عصر الجنون" للمخرج مروان بركات، وهذا العمل قدمني للجمهور بطريقة مميزة، وطبعاً جاء بعده مسلسل "جبران خليل جبران" للمخرج فردوس أتاسي، والذي كان عملاً رائعاً، وأعطاني فرصة كبيرة لأجسد دور جبران خليل جبران، هذا الرجل العظيم الذي نفتخر لأنه أديب كبير أوصل إسم لبنان إلى العالمية. ولا شك أن مسلسل "روبي"، للمنتج الراحل أديب خير، قدمني بطريقة جيدة جداً للعالم العربي، فلذلك أعتقد أن أعمالاً عديدة ساهمت في إنطلاقتي.
هل تندم على خطوة إتخذتها أو على خطوة لم تتخذها؟
أنا أتأنى كثيراً في إختيار خطواتي، وأفضل أن تكون أعمالي أعمالاً نوعية وليس فقط عديدة، لأن نوعية الأعمال هي الأهم، ولذلك لا أندم على خطواتي، وفي حال قمت بعمل لم يكن مهماً بالنسبة لي، فهذا سيكون بمثابة درس لي.
تختار إطلالات مميزة لظهورك في المهرجانات، وقد إخترت إطلالة من التراث العربي لحضور العرض الأول لفيلم "هجان" في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في السعودية، إلى أي مدى يؤثر إهتمام الفنان بلوكاته وإطلالاته على صورته الفنية؟
عند مشاركة الفنان في مهرجانات، عليه أن يحرص على الإهتمام بشكله الخارجي، وأنا أهتم كثيراً بهذا الأمر، ولدي أشخاص من حولي يقدمون لي المساعدة، فأنا عندما أتواجد في مهرجانات عالمية أو محلية، أمثل صورة عن بلدي، أو عن تراثه، وعليّ أن أمثلها بأبهى حلة. عندما كنت في السعودية، وإعتمدت الإطلالة التراثية السعودية، كان ذلك بمثابة رسالة شكر مني لهذا البلد، الذي إستضافني في هذا المهرجان، وللشعب السعودي الذي يعبر لنا عن حبه ودعمه.
هناك ممثلون يمكن أن يشوهوا شكلهم ويتخلوا عن أناقتهم من أجل تجسيد أدوارهم، هل أنت مستعد للقيام بذلك؟
ليس لدي أي مشكلة في تغيير شكلي، أو التخلي عن أناقتي من أجل أي دور يتطلب مني ذلك، فعندما أجسد دوراً معيناً، لا أعود شادي حداد، بل أصبح الشخصية التي أجسدها، وعليّ أن أصدق أنني تقمصت من كل الجوانب هذه الشخصية، وهذا نوع من الإضافة إلى أدوات الممثل.
ما هي الأعمال الجديدة التي تحضر لها؟
نحضر حالياً لعمل سينمائي، لا زال قيد الدراسة، وهناك عمل درامي عربي مشترك، لا زال قيد التحضير، وعندما تتبلور الصورة جيداً، يمكنني الكشف عن تفاصيل أكثر.