شربل زيادة، ممثل موهوب ومحترف، جسد أدواره بحرفية كبيرة. بدأ مسيرته المهنية بالمسرح، وعمل في 20 مسرحية، آخرها مسرحية "فخامة الرئيس" للكاتب والمخرج جلال خوري.
أما من أعماله في الدراما، فنذكر مسلسلات "الخائن"، "بكير"، "ظل"، "بارانويا"، "راحوا" و"الهيبة - الحصاد". وفي السينما شارك بأفلام عديدة، منها "المزرعة"، "كذبة كبيرة"، "ع مفرق طريق" و"يلا عقبالكن".
أخبرنا أكثر عن دورك في فيلم "المزرعة".
أنا ضيف على الفيلم، ويقتصر دوري على ثلاثة مشاهد، أجسد في الفيلم دور طوبوغرافي، وهو الشخص الذي يتولى قياس مساحة الأراضي، أذهب مع وسام حنا للقيام بمهمتي، وترافقنا ميرفا القاضي، وتكشف عن رأيها بالنازحين السوريين، وبمأساة إبتعادهم عن بلدهم، والشخصية التي أجسدها ترفض وجود النازح السوري. فيلم "المزرعة" يخلق نقاشاً حول نظرة اللبنانيين إلى النزوح، وحول العنصرية. أنا شخصياً مع حق العامل اللبناني أولاً، وضد كل ما يهدد لقمة عيش المواطن اللبناني وأمنه، وكل هذه المبادئ لا علاقة لها بالعنصرية، بل بتحصيل الحقوق، وتصبح عنصرية حين تتحول إلى عنف. كل بلدان العالم تعطي الأولوية لشعبها، وهذا أمر طبيعي، والمشكلة هي مشكلة نظام ومجتمع كامل.
مارأيك بالأعمال الهادفة؟
كل عمل تلفزيوني أو سينمائي لا معنى له، إذا لم يكن هادفاً، وكل دراما تحمل مغزى، وهذا ينطبق على الأغنية واللوحة والنص الأدبي، وعلى كل عمل فني.
هل تابعت النسخة الأصلية من مسلسل "الخائن" قبل مشاركتكِ بنسخته المعرّبة؟
عندما عُرضت عليّ المشاركة في المسلسل، تبلّغ كل الممثلين عن وجود النسخة التركية لمن يرغب بمتابعتها، لكني لم أرغب بذلك، لأنني لم أرد أن أتأثر بالشخصية التي سأجسدها.
كيف تصف علاقتك بزملائك في مسلسل "الخائن"؟
العلاقة ممتازة، ومبنية على الصداقة مع جميع الممثلين، منذ بداية التصوير حتى النهاية، وكنا نلتقي لتناول الغداء والعشاء معاً، ولم أواجه أي مشكلة مع الزملاء، مع العلم أن التوتر قد يسود أحياناً بين الممثلين خلال التصوير، لكن الأجواء في الكواليس كانت ممتعة.
كيف تنعكس الكيمياء بين الممثلين على نوعية الأداء؟
الكيمياء لها إيجابياتها على سير العمل، لأن الممثل عندما يكون على الـ set يصبح شخصية أخرى، وأحياناً بعد تصوير مشهد يتضمن صراخاً وإنفعالاً، نبادر إلى الإعتذار من بعضنا البعض، بسبب المبالغة في الإنفعال، أو عن أي أذى قد نكون تسببنا به.
كيف حضّرت شخصية دكتور أيمن في مسلسل "الخائن"؟
الدور العادي ببساطته وسهولته، يكون غالباً أصعب من الدور المركّب، لأن الممثل بحاجة إلى بناء الشخصية وتحصينها كي تبرز، وسألت أصدقائي الأطباء النفسيين عن تصرفات وتفاعل الطبيب النفسي مع المرضى، فكان الجواب بأن الطبيب النفسي يجب أن يكون هادئاً جداً، ويخفي أحاسيسه وإنفعالاته، وهذا ما ركزت عليه في دوري، فإبتعدت عن الإنفعالات، وأظهرت الإهتمام والهدوء والإصغاء، بالرغم من مشاعر الغضب والإنفعال.
لكن تعابير وجهك لم تخفِ حبك لـ"أسيل".
صحيح، بالرغم من ضبط النفس، لا يمكن إخفاء مشاعر الغضب أو الحب أو الغيرة، لأن ملامح الوجه وتعابيره، تكشف الإنفعالات، وفي شخصية "أيمن"، تعمدت إبقاء المشاعر مضبوطة وخفية.
هل تستهويك الأدوار المركبة؟
بالطبع، وأنا جسدت دوراً مركباً في مسلسل "راحوا"، وهو مريض نفسي يمنع زوجته من تناول الطعام، ويعنفها. الدور المركّب يتطلب من الممثل البحث عن تاريخ الشخصية، وكيفية تفاعله مع أي حدث يواجهه، وأن يتصرف بشكل مختلف مع كل من زوجته، أو عائلته أو أصدقائه.
لماذا أنت غائب عن المسرح منذ سنوات؟
أحب المسرح، آخر مسرحية شاركت فيها كانت "فخامة الرئيس" مع الأستاذ جلال خوري، وبدايتي كانت بمسرحيتين مع الكاتب مروان نجار، شاركت بحوالى العشرين مسرحية، قبل أن يتراجع المسرح في لبنان. العمل في المسرح يتطلب مجهوداً، ووقتاً وإلتزاماً، وأتمنى أن أعود إلى المسرح، وإذا تلقيت عرضاً لعمل مسرحي لن أتردد.
بعد خبرتك الطويلة في التمثيل والإنتاج وتقديم البرامج، هل يمكن أن تتفرغ لمجال معين؟
كل المجالات التي ذكرتها تبقى تحت نفس المظلة، لكنني طويت صفحة التقديم والإنتاج، أما بالنسبة للتمثيل، فالأمر واحد إن في التلفزيون والسينما والمسرح، مع العلم أن كل منها يتطلب طاقة مختلفة، وأنا أركز نشاطي على التمثيل، ولدي محاولات في الكتابة، وهي ليست الوحيدة، لكنني لم أصدر كتاباً لأسباب مادية.
ما رأيك بكثرة الأعمال التمثيلية المشتركة؟
الفن لا يرتبط بجغرافيا واحدة، وطالما أن الأعمال جيدة وناجحة، فلا مانع أبداً، ولا أعتبرها مشكلة، مع أمنياتي بأن يكون لدينا إنتاج لبناني أكثر. في الغرب نلاحظ غالباً، مشاركة ممثلين من بلدان مختلفة، في عمل واحد.
ما هيالمقومات التي يحتاجها الإنتاج اللبناني للنجاح؟
أولاً الماديات، مع العلم أن هناك أعمالاً لبنانية نجحت، لكن المشكلة تكمن في التسويق، وتفرض على المنتج وجود ممثلين من جنسيات عربية، وإذا لم يستطع المنتج تسويق عمله، لا يستطيع الإستمرار. مسلسل "عرابة بيروت" حقق نجاحاً كبيراً، هو مسلسل رائع، والممثلون فيه لبنانيون، بإستثناء ممثلة مصرية وممثل سوري، ونأمل دائماً أن يزدهر الإنتاج اللبناني وينجح.
أخيراً، هل لديك موقف معيّن تريد أن تعبر عنه؟
تسببت الحرب في غـز ة وجنوب لبنان، بمغادرة العديد من اللبنانيين أماكن سكنهم، ونسأل متى سنحصل على السلام؟ نحن عانينا وما زلنا نعاني، من مشاكل داخلية إقتصادية ومصرفية. الوجع كبير، ولا يمكننا العيش بسلام، إذا كان البلد المجاور يعاني بشكل كبير، وهناك سكوت عما يجري، لكننا مرغمون على الإستمرار في حياتنا. ما يفاجئني، هو أن المتابعين يعاتبونني إذا نشرت أي تعليق عن المسلسل الذي أشارك فيه، مع العلم أننا تألمنا وعانينا، لكننا لم نعاتب أحداً على الفرح، لذلك أتمنى عدم التصويب على فرح الآخرين.