أنطوان ملتقى هو مؤسس قسم التمثيل في الجامعة اللبنانية معهد الفنون الجميلة ونقيب الفنانين المحترفين سابقاً وأحد وجوه المسرح الريادي اللبناني والعربي الحديث. إطلالته المسرحية الأولى كانت في العام 1937 بدور مُزارعٍ صغيرٍ. والمسرحية الأولى التي تولّى إخراجها ومثّل فيها، كانت "الزّير" لفولتير، عام 1950 في بلدته وادي شحرور. أشهر أدواره التلفزيونية التي لا تزال راسخة في الذاكرة، الشخصية التي لعبها في مسلسل "10 عبيد زغار" عام 1974 الى جانب زوجته لطيفة شمعون.
نشأته
ولد أنطوان ملتقى في في 9 يونيو / حزيران 1933 في وادي شحرور. تلقّى علومه الإبتدائية في مدرسة الخوري يوسف بو راشد في ضيعته، ثم انتقل إلى مدرسة الحكمة في بيروت، حيث تابع دروسه التكميلية والثانوية ونال شهادة البكالوريا - القسم الأول. إنتسب إلى الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة ألبا ونال إجازة في الفلسفة عام 1956. بعدها نال دبلوم في المسرح، من جامعة باريس. صعد إلى الخشبة للمرة الأولى عام 1937 في دور مُزارعٍ صغيرٍ. وأوّل مسرحيةٍ مُتكاملةٍ أخرجها ومثّل فيها هي مسرحية "الزير" لفولتير عام 1950 في وادي شحرور.
دراسة المسرح
درس أنطوان ملتقى المسرح في جامعة باريس 8، ثم درّس في الجامعة اللبنانية وتولى فيها لسنواتٍ رئاسة قسم التمثيل في معهد الفنون. إقتبس ونقل الى العربية ومثّل وأخرج أعمالاً كثيرة على خشبات المسارح وعلى شاشة تلفزيون لبنان.
مسرحية ماكبث
بدأ أنطوان ملتقى نشاطه المسرحي الاحترافي عام 1953 حين قدم مسرحية "ماكبث" ترجمة خليل مطران على مسرح اليسوعية، و"تحت ظلال الزيتون" ترجمة إلياس أبو شبكة. كان يعشق ارتياد السينما ومشاهدة الأفلام برفقة صديقه الدكتور نبيه خير، وقد تأثّر بفيلم "ماكبث"، فاشترى مجموعة أعمال شكسبير، وفي ما بعد بات يعرف بـ"ممثل شكسبير في لبنان"، ورافقته نصوص الكاتب الإنكليزي في معظم أعماله.
مهووس بالمسرح
أنطوان ملتقى كان حريصاً منذ البداية على وجود مسرح حضاري يليق بالخشبة وبلبنان الثقافي، متأثراً بمسارح الغرب الأوروبي على أنواعه. منذ مطلع ستينات القرن الماضي، عمل مع زوجته لطيفة ملتقى على دراسة واقتباس وترجمة وتمثيل وإخراج أعمالاً كثيرة في المسرح. عام 1960 أسس أنطوان ملتقى "حلقة المسرح اللبناني" بسبب النقص في محترفات تدريس مادة المسرح ولعدم وجود فرق مسرحية محترفة في لبنان. وأدت ولادة هذه الحلقة إلى استحداث "مهرجان راشانا" بالتعاون مع النحات الكبير الراحل ميشال بصبوص.
علاقته مع منير أبو دبس
كان أنطوان ملتقى استاذ فلسفة ورياضيات وزميل دراسة ثانوية مع منير أبو دبس في مدرسة الحكمة، وإلتقيا عام 1959 في أحد مقاهي ساحة البرج في بيروت. في البداية عملا معاً للتلفزيون اللبناني الناشىء حديثاً، حكايتهما التي آلت الى انفصال بعد سنتين على ذلك اللقاء، انهما شرعا النشاط المسرحي بتقديم "مكبث" المسرحية المعروفة بجلب النحس على كل من "يقترفها"... كان الخلاف بين أبو دبس وملتقى منهجياً بالدرجة الأولى: أبو دبس يهيء الممثل ليكون وعاء يسكب فيه رؤيته الفنية والإخراجية، مهمة الممثل عنده أن يكون جاهزاً للذوبان في بوتقة الحدث المسرحي. ويقول: "ينبغي وبصورة أساسية أن لا يعرض الممثل نفسه للجمهور أو أن يطرح أمامهم أهواءه، فالتمثيل ليس فعل إثبات شخصياً، لكنه إنكار للشخص". أما ملتقى فيعتبر أن دوره كمخرج يكمن في مساعدة الممثل كفنان على بلوغ اقصى إمكاناته: "دوري هو العمل على تفجير الطاقات اللاوعية للممثل، ولا عجب أن يتجاوزني في وقت من الأوقات وأن يدهشني من دون أن يعني ذلك تشتيت فكرتي العامة كمخرج".
حياته الخاصة
تعرّف أنطوان ملتقى على لطيفة شمعون التي كانت تدرس الحقوق بعدما قررت ان تسلك درب التعليم في المدرسة التي كان مديرها. يذكر ان لطيفة تدرجت في مكتب محاماة لحود الا انها لم تستمر بالعمل في هذا المجال وانتقلت الى العمل في المسرح. تزوّجا عام 1959، ورزقا بإبنين جيلبير وزاد.
رفيقة دربه
إنعطف أنطوان ورفيقة دربه لطيفة ملتقى نحو المسرح الملتزم بقضايا إجتماعية وسياسية، واشتهرا بميلهما القوي إلى التواصل مع المحيطين المتوسطي والعربي، ولطالما آمنا أن التفاعل الثقافي هو باب لتوليد دينامية طليعية ومنتجة. ومن أول النشاطات المسرحية والتلفزيونية المشتركة بينهما وأبرزها تمثيلاً وإخراجًا: مقتطفات من مسرحية "ماكبث" لـشكسبير، عرضت على شاشة تلفزيون لبنان والمشرق إثر انطلاقته في العام 1959، و"ليلة إغريقية" عام 1960 عرضت على خشبة مسرح تلفزيون لبنان ثم عبر شاشته، وهي من إخراج منير أبو دبس. وفي ثاني مهرجانات راشانا، قدّما مسرحية "جريمة وعقاب" 1963 التي أخرجها أنطوان ملتقى بينما قامت لطيفة بدور سونيا، كما قام ريمون جباره بدور راسكولنيكوف.
عشرة عبيد زغار
عام 1973 قدم انطوان ولطيفة ملتقى مسرحية "عشرة عبيد زغار" المقتبسة عن عمل للروائية آغاتا كريستي على خشبة مسرحهما الاختباري، ولاقت المسرحية نجاحا غير متوقع، ما أغرى الثنائي على تقديمها بنسخة تلفزيونية عام 1974 فحصد المسلسل نجاحاً كبيراً وكان احد أشهر مسلسلات السبعينيات وأكثرها رسوخاً في ذاكرة مشاهدي التلفزيون اللبناني والعربي وكان تجربة تلفزيونية عاشها المشاهدون بكثير من التشويق والخوف.
المسرح لا يطعم خبزاً
كشف المخرج والممثل أنطوان ملتقى خلال لقاء مع رئيسة تحرير موقع الفن الاعلامية هلا المر في برنامج "نجوم الفن"كيف كان وزوجته لطيفة ملتقى يدربان الطلاب على التمثيل، ويقدم مسرحيات من خلالهم. وقال إنه لا يحزن على تحول منطقة "عين الرمانة" التي كان يدرب فيها على العمل في المسرح، الى منطقة حرب، لأنه في كل بلدان العالم تنبع الثقافة من ساحة الحرب.
وأضاف ملتقى أن أول مسرحية كوميدية باللكنة اللبنانية قدمها كان اسمها "ضاعت الطاسة"، وكان أول من قدم المسرح المتنقل، اذ كان يعرضها في العديد من الضيع اللبنانية، وقال إن الفساد موجود في لبنان منذ أكثر من ستين عاماً، ولكن المسرح لم يستطع أن يغير شيئاً. وأشار ملتقى إلى أن المسرح بالنسبة له هو الممثل قبل كل شيء، وهو الأساس حتى قبل المخرج. وقال ان الاخراج تدنى مستواه في هذه الايام، كاشفاً عن الأسباب.
ولفت إلى أنه أول من وقف بوجه إسرائيل من خلال شرط فرضه لعرض مسرحيته في أحد المعارض. وقال ملتقى إنه اكتشف موهبته التمثيلية منذ أن كان صغيراً في السن، لكنه عمل كأستاذ رياضيات ليستطيع العيش، لأن المسرح "لا يطعم خبزاً"، بل بالعكس دفع من ماله الخاص من أجل تقديم الأعمال المسرحية.
أعماله
-1959. «ماكبث»، شكسبير.
-1963 ـ «جريمة وعقاب» دوستويفسكي. أدّت لطيفة دور "سونيا" وأدّى ريمون جبارة دور "راسكولنيكوف" فكان أول دور مسرحي أساسي في مساره الفني.
-1963 ـ «الذباب» لجان بول سارتر.
-1964 ـ «ريتشارد الثالث» لمناسبة مرور 400 سنة على ولادة شكسبير.
-1964 ـ «عرس الدم» لغارسيا لوركا. 1964 .
-«كوميديا الأخطاء» لشكسبير (ترجمة انسي الحاج).
-1974 ـ «عشرة عبيد زغار» لأغاتا كريستي.
-1987 ـ «زيارة السيدة العجوز» لدورنمات.
-1990 ـ المشاركة في مهرجان الدول الناطقة بالفرنسية في مدينة ليموج حيث قدّم مع لطيفة ملتقى مقاطع من مسرحية «مهاجر بريسبان» لجورج شحادة.
وفاته
توفي أنطوان ملتقى في 21 شباط / فبراير عن عمر يناهز الـ 91 عاماً. ونشر المخرج فائق حميصي على صفحته الخاصة تعليقاً على وفاة أنطوان ملتقى: "لمع نجم الراحل اليوم، أنطوان ملتقى شعبياً عندما ظهر في مسلسل "عشرة عبيد زغار التلفزيوني" بعدما كان يحتل مكانة معتبرة في دنيا المسرح ويرأس قسم التمثيل في معهد الفنون الجميلة. في بداية السبعينات وبعدما بدأ تأثير خريجي قسم التمثيل يظهر في العروض المسرحية، بينما يتجاهلهم مسؤولو دائرة الإنتاج في التلفزيون اللبناني حينها، فجأة، ويبدو أنها كانت أوامر عليا، أعطي الثنائي ملتقى (أنطوان وزوجته الفنانة لطيفة) فرصة إعداد مسلسل تلفزيوني فكان عشرة عبيد زغار، الذي لم يشترك في تمثيله أي وجه من أبطال التلفزيون حينها بل تولى تمثيل شخصياته أساتذة وطلاب من قسم التمثيل في الجامعة اللبنانية ومنهم أنا في دور البحار العجوز الثانوي. نال المسلسل حينها نجاحاً باهراً ولا زال يذكره الناس حتى اليوم، لذلك لم يكرر التلفزيون التعامل مع أي من ممثلي المسلسل بإستثناء دعوته لي وبأوامر عليا لبطولة مسلسل "عريس العيلة الدايم" سنة 1987 مع مجموعة من خريجات القسم ونال نجاحات باهرا ولا زال لذلك أوقفت دائرة الإنتاج في التلفزيون تصوير جزء آخر منه".