بنظرة إلى مسيرتها الفنية، نرى أن الممثلة اللبنانية جوليا قصار المتميزة والفريدة، قدوة يحتذى بها بإنتقاء الأدوار المميزة والتي لا بد من أن تطبع بأذهان الناس، إن كان في السينما أو المسرح أو التلفزيون.
ومؤخراً قدمت قصار دور "العرّابة" في مسلسل "عرابة بيروت" الذي عرض على منصة "شاهد"، وكان لموقع الفن حديث شيق معها، تحدثت من خلاله عن الكواليس، وعن تعاونها مع فريق العمل كاملاً، ومع عائلتها في إطار سيناريو العمل المؤلفة من الممثلتين اللبنانيتين كارول عبود وريان حركة.
إنطلاقاً من مسلسل "عرابة بيروت"، أولاً ماذا تخبرينا عن هذا العمل بشكل عام، وعن دور "جولييت" الذي تقدمينه فيه؟
بشكل عام، النص المكتوب مغرٍ جداً للممثل، الأحداث بفترة الستينات في بيروت والحياة الليلية في تلك الحقبة، إنه مكتوب بالكثير من التشويق والذكاء والشخصيات مرسومة بالكثير من الدقة بشكل عام، أما بالنسبة لدور "عرابة بيروت" الذي أجسده فلقد كانت شخصية مميزة للغاية، مختلفة عن الكثير من الشخصيات التي لعبتها من قبل، وهذا شكّل لي حافذاً كبيراً، إضافة إلى أسباب أخرى، فالمسلسل تحت إدارة المخرج فيليب أسمر، ودائماً ما كنت أتابع أعماله المميزة بالرغم من أننا لم نتشارك بعمل سابق، وهذا أيضاً كان حافذاً آخر بالنسبة لي، إضافة إلى فريق العمل والممثلين الذين تم إختيارهم لهذه الأدوار، أيضاً كانوا أحد الأسباب، وكذلك العمل مع شركة "إيغل فيلمز" للمرة الأولى، كل هذه الأسباب أدت إلى قبولي هذا الدور.
طرح مسلسل "عرابة بيروت" العلاقة القوية بين السياسة في لبنان والملاهي الليلية في فترة ستينات القرن الماضي
في المسلسل، إرتباط جولييت بأشخاص عديدين يمتلكون نفوذاً سياسياً وسلطة، ودخولها معهم باللعبة، أمر جعلها تستغل ملهى الـ Old beirut، لتخدم هذه المصالح والأهداف، ومن هنا جاء تأثير عملها بالملهى الليلي على السياسة.
عندما يشاهد المتابع "عرابة بيروت" يشعر وكأنه سافر عبر الزمن إلى فترة الستينات، تبعاً للديكور وإطلالات الممثلات والشعر.. بالنسبة للممثل، هل يشعر فعلاً أنه لم يعد موجوداً في عالمنا هذا، وأنه يسافر إلى فترة زمنية بعيدة؟
أنا لا أعتقد أن فترة الستينات من القرن الماضي فترة بعيدة أو غريبة، منذ 50 عاماً تقريباً، ولكن بالطبع الملابس والأماكن التي تم التصوير فيها والديكور، خلقوا مسافة بين ما نعيشه اليوم وبين الزمن الذي تم فيه تصوير العمل، وكل هذا يخلق نوعاً من المتعة لدى الممثل لأنه يسمح له بتغيير شكله وظروفه.
تؤدي الممثلة اللبنانية ريان حركة دور إبنتك "ريما" في المسلسل، ما رأيك بموهبة هذه الممثلة التي لا تزال في بداية مسيرتها الفنية؟ وهل ترين في مستقبلها مشروع نجمة حقيقية؟
لا شك أن ريان حركة من الممثلات الموهوبات للغاية، وهناك مستقبل باهر أمامها، وشعرت بمتعة كبيرة بالتعامل معها، كما أن شخصية جولييت تواصلت بشكل واسع مع كل شخصيات العمل في أحداث المسلسل، ليس هناك شخصية لم تجمعني بها الأحداث، لقد استمتعت بالتعاون مع كل شخصيات العمل.
وبالعودة للعائلة الصغيرة التي أنتمي إليها، والمؤلفة من الممثلة اللبنانية كارول عبود التي تؤدي دور شقيقتي "ناديا"، وريان حركة التي تؤدي دور إبنتي، شكلت لي المشاهد التي لعبتها إلى جانبهما متعة كبيرة، خاصة وأنهما بالنسبة لجولييت في العمل نقطة ضعفها حتى أنها تظلم شقيقتها من أجل إبنتها، فكان Trio مميزاً للغاية بالنسبة لي، وريان فبالطبع هي فتاة حساسة ومرهفة وممثلة جيدة، ولديها مستقبل باهر.
في المسلسل "جولييت" تخفي إبنتها عن الناس وتدعي أنها متوفاة، من أجل حمايتها بسبب الأعمال المشبوهة التي تقوم بها، كيف تبررين تصرف "جولييت" هذا، وهل هو محق؟
في المسلسل "ريما" إبنة جولييت معرضة للخطر بكل دقيقة، والدليل أنها في بداية الحلقة الأولى تعرضت لمحاولة إغتيال بالفعل، وكانت ستخسرها إلى الأبد، يمكننا أن نقتنع بخوفها عليها ومن فقدانها لها وأن تقوم بإخفائها حتى تحميها، وبالطبع إستعملت نفوذها حتى تزوّر الأوراق الثبوتية للوفاة.
رأى المتابعون نوعاً من التناغم والكيمياء الكبيرة بينك وبين الممثلة اللبنانية كارول عبود في دور شقيقتك "ناديا"، هل من الممكن أن نراكما سوياً في عمل كوميدي جديد؟
فكرة جميلة وجيدة للغاية، أنا أحب الممثلة كارول عبود جداً كممثلة، وهناك علاقة زمالة وصداقة قوية جداً بيننا، وإجتمعنا مرتين قبل بدور الشقيقتين، في عمل مسرحي، ونعم أؤيد فكرة أن نقدم عملاً كوميدياً سوياً، إنها فكرة جيدة، خاصة أن الناس كما أعتقد بحاجة لمشاهدة عمل كوميدي.
المسلسل مؤلف من 10 حلقات فقط، ولم يشبع المشاهد من الأحداث وتطور الشخصيات، خاصة مع كثرة الأبطال وقصصهم المتشعبة، برأيك هل 10 حلقات كانت كافية لنقل القصة؟ وما رأيك بتجربة المسلسلات القصيرة؟
بالنسبة لي، أعتقد أن هذا المسلسل بالرغم من أنه قصير، إلا أنه تمكن من منافسة أعمال طويلة يتابعها الجمهور منذ شهور.
بموضوع قوي ومع ممثلين أقوياء وفريق عمل قوي من المهتمين بالماكياج والألبسة والشعر والديكورات والموسيقى ومع مخرج مبدع، كله كان مجيّشاً لإصدار 10 حلقات قوية للغاية، نعم أنا أؤيد المسلسلات القصيرة، ذات القصص المتشعبة وأفضلها على المسلسلات الطويلة، وفكرة المسلسلات القصيرة معتمدة كثيراً في الفترة الماضية، وأن يشاهد المتابع ساعة مليئة بالأحداث الشيقة والقوية. وحتى إذا كان المسلسل طويلاً، يجب إعتماد إيقاع سريع وأن تحمل كل حلقة جديداً.
فيلم "ع مفرق طريق" ما زال يحقق نجاحات عالمية حتى الآن، بالرغم من مرور سنتين تقريباً على عرضه، برأيك ما هو سر نجاح هذا العمل، وهل ترين أن الجمهور إشتاق للأعمال اللبنانية التي تحمل روحاً لبنانية بكل مكوناتها؟
هذا الفيلم جاء خلال فترة صعبة، وتم تصويره والعمل عليه في تلك الفترة، بعد إنفجار مرفأ بيروت، خلال أزمة كورونا، وخلال الأزمة الإقتصادية، بظروف صعبة جداً بشكل عام، فكان قرار تصوير هذا الفيلم عبارة عن مجازفة مخيفة خلقت لنا تحدياً كبيراً، خصوصاً وأن الموضوع لذيذ وخفيف ويدعو لقيم جميلة جداً وبسيطة مثل التعلق بأرض البلد، والعلاقات الإنسانية التي إشتقنا إليها جميعنا، بشكل خاص في فترة كورونا، فلقد أصبح الناس يخافون من بعضهم ويبتعدون عن بعضهم، لذلك شجع الفيلم على العودة إلى الحياة الروحية. كما أنه تم تصويره بأجواء ساحرة في قلب وادي قنوبين المقدس، ولقد اختلطنا بأهالي المنطقة، هذا الأمر خلق لنا متعة كبيرة أثناء التصوير إضافة إلى الموضوع جميل، وفريق العمل الذي كان مدهشاً، وأضف إلى ذلك إبداع المخرجة لارا سابا، كل هذا طال المشاهد.
كما أن الفيلم وصل للبنانيين الذين غادروا لبنان ويعيشون في الخارج بعد أن شعروا باليأس من الأوضاع، فلقد ذكّرهم بجمال البلد بالرغم من مشاكله، برأيي بطل هذا الفيلم كان لبنان وجمال لبنان وأهل لبنان قبل أن يتغيروا بسبب الأمراض والأزمات والمشاكل، وأيضاً الروح البسيطة ومعالجته بشكل فني رائع، بالمختصر بالرغم من أنه خفيف ومضحك إلا أنه يدعو إلى قيم رائعة ومهمة، كما أن الجمهور بحاجة إلى الضحك، أعتقد أن إستمتاعنا بالعمل عليه جعل الجمهور يشعر بهذا الأمر.
جوليا قصار، حضرتك تدرسين التمثيل في كلية الفنون، ما المهنة التي تعني لك أكثر التعليم أو التمثيل؟ هل برأيك التمثيل هو مهنة تدرس، ويمكن أن يكتسب التلميذ الموهبة مع الوقت؟
الأستاذ خلال تدريس التمثيل يحاول أن يعطي للطالب منهجاً وطريقة يتبعهما، وبالتأكيد يجب أن تكون لديه الموهبة، الموهبة مهمة جداً ولكن يجب أن ترتكز على أسس وعلى أساليب، وفي أيامنا هذه كل مهنة فيها تخصص، ويجب على كل شخص أن يعمل على تنمية موهبته وأن يتعرف عما يملك من طاقة وقدرات مثل الرقص مثل العزف مثل الكتابة.. وطبعاً يجب عليه أن يثقل الموهبة بالمعرفة وبالعلم.
انا أعتقد أن طريقي رسمته بين التمثيل والتدريس، قراري كان بأن أركز على مهنة التمثيل، وأعطي وقتي بالكامل لها، ولكن عرضت علي مهنة التدريس وأنا أحب أن أنجز عملي بالطريقة المثلى، فأصبحت لدي مهنتان متوازيتان وأحب أن أستمر بالمهنتين وأن أوظف كل مهنة بخدمة الأخرى، وعلى الممثل أن يطور نفسه دائماً.
ماذا تخبرينا عن أعمالك المستقبلية، ماذا تحضرين للجمهور؟
هناك عدة مشاريع سينمائية، ولكن أفضّل أن أحتفظ بالتفاصيل حتى نبدأ بالعمل الجدي عليها، وهناك مسلسل تم تصويره قبل "عرابة بيروت" تحت عنوان "روحي" مع المخرج سامي كوجان، ولكن لم يتم عرضه حتى الآن، على أمل أن يعرض قريباً.
