فيلم "حديد، نحاس، بطاريات" للمخرج اللبناني وسام شرف هو العمل الثاني له بعد فيلم "من السماء". عرضه العالمي الأول كان في مسابقة "جورناتي ديل أوتوري" ضمن الدورة الـ79 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، فلقد فاز بجائزة Europa Cinemas لأفضل فيلم أوروبي، ويعد وسام شرف فهو أول مخرج عربي ينال فيلمه هذه الجائزة، كما حصل الفيلم على عرضه الأول في العالم العربي في مهرجان البحر السينمائي الدولي. الفيلم كتابة وسام شرف وهالة دباجي ومارييت ديسيرت، بطولة الممثل اللبناني المصري زياد جلاد والممثلة الإثيوبية كلارا كوتريه، وشارك في التمثيل الممثل اللبناني رفعت طربيه والممثلة اللبنانية السورية دارينا الجندي والممثلة اللبنانية كارول عبود.
مهرجانات دولية
شارك "حديد، نحاس، بطاريات" في عدة مهرجانات دولية ومن أبرزها بالإضافة إلى مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، مهرجان "كلكتا" السينمائي الدولي، ومهرجان "مونبيلييه" للسينما المتوسطية، ومهرجان "تسالونيكي" السينمائي، ومهرجان "هونج كونج" للسينما الآسيوية، ومهرجان "أرابيسك" السينمائي في اسكتلندا، مهرجان "بيون" السينمائي الدولي، ومهرجان نوافذ سينمائية على المغرب العربي والشرق الأوسط في فرنسا.
قصة الفيلم
تدور أحداث الفيلم حول قصة حب مستحيل بين أحمد ومهدية، اللذين لا يملكان شيئاً، وهما ضحية الحرب والتخلف والفقر. يعاني أحمد من الشعور بالغربة مع أصدقائه السوريين الشباب وتعاني مهدية من إعتداءات الضابط السابق الجسدية، المصاب بالألزهايمر، والذي يعتبرها هدفاً لهلوساته البصرية، وكلاهما يعيشان في مجتمع فقد الحب والجميع يكره الجميع.
موقع الفن إلتقى المخرج اللبناني وسام شرف وكان هذا الحوار:
كيف إنطلقت فكرة الفيلم؟
الفكرة إنطلقت مع توافد النازحين السوريين وكنت أراقبهم وهم ينادون في الشوارع، ولفتني أن الأسى يتملك قلوبهم وعيونهم وهم ينادون "حديد نحاس بطاريات"، ويعطيهم الناس أشياء ثقيلة ليحملوها كما لو كانوا يحملون هموم العالم، فتأثرت بهذا الشيء لأنه أشبه بمسار لعنة وشفقة. وبطريقة موازية رأيت الإثيوبيات في الشوارع يتملك الأسى قلوبهن وعيونهن وهن أشبه بالآلات، يحملن الندم ويسرن لأمد غير محدود. قادني المشهدان المتوازيان إلى فكرة فيلم سينمائي وقررت أن أتعمق في حياتهم، فولدت الفكرة وتبلورت من خلال قصة حب وهذا حدث كلاسيكي، لكنها مقابل الواقع القاسي والمظلم وهذا يخلق نقيضاً، ولا تبقى فقط قصة حب بل المفر الوحيد لكليهما.
كان لافتاً تركيزك على الشق الإنساني ما تعليقك؟
نعم كان ضرورياً التركيز على الشق الإنساني كي لا يغلب طابع العنصرية ولم أرغب الإكتفاء بالمجتمع اللبناني، بل توسعت إلى المجتمع العالمي حيث لا أحد يحب الآخر، فالإثيوبيون لا يحبون السوريين ولا يحبون اللبنانيين ولا أحد يحب الآخر. ولكي لا أتطرق إلى الشعبوية السخيفة قررت أن أطرح القضية بشكل أسمى كقصة حب لكي تكون مفهومة في أي بلد من العالم.
أنت تؤمن أن السينما حلم أي أحد وهي قادرة على تحريك الأحلام في الظروف الصعبة؟
السينما هي أحلام وما نقدمه نافذة على العالم، والأفلام لا تغير المجتمعات لكنها ترفع المستوى الفكري او مستوى الإحساس لا سيما في ظل ظروف قاهرة وبشعة.
ماذا عن الفيلم القصير "إذا الشمس غرقت في بحر الغمام" الذي عرض قبل أن يبدأ عرض "حديد نحاس بطاريات" لنشاهده ؟
فيلم "إذا الشمس غرقت في بحر الغمام" يعنيني، وشارك في مسابقة في باريس وحصل على عدة جوائز، يشارك فيه سعيد سرحان ورائد ياسين وهما ممثلان أحب التعاون معهما ولقد شاركا في فيلم "من السماء".
إنطلقت فكرته حين كنت أتنزه على شاطئ البيال قبل إنفجار بيروت، وكان هناك ورشة ويحيط بها موظفون أمنيون يمنعون الناس من مشاهدة البحر فقلت لنفسي إنها أسوأ مهنة في العالم إنسانياً، لذلك قررت أن أدخل الى حياة موظف أمني "مشحر" وظيفته منع الناس من مشاهدة البحر وتساءلت عن إمكانية رفعه، فكانت الفكرة عبر وضعه في كونتينر ورفعه بواسطة رافعة وإخراجه من العالم.
هل ترددت في فكرة القيام بطرح فيلم "حديد، نحاس، بطاريات" في ظل الظروف التي يمر بها لبنان؟
تطلب الفيلم وقتاً طويلاً قبل أن يعرض في لبنان وكان من المفروض ان ينطلق منذ شهرين، لكن أحداث غزة أرجأت إطلاقه وبالرغم من أن الوضع المأساوي مستمر إلا أننا قررنا إطلاقه.
هل أنت متفائل بمستقبل السينما؟
بالطبع لأن لبنان غني بالمواهب في مجال السينما من مخرجين وكتّاب أكثر من أي بلد في العالم، والدليل على ذلك الجوائز التي يحصدها اللبنانيون في المهرجانات العالمية، ونحن نتلقى دعوات للمشاركة في المهرجانات العالمية بشكل دائم لأن الحياة اللبنانية غنية بالدراما على عكس أي بلد أجنبي. على سبيل المثال قبرص بلد صغير أقصى طموح المواطن فيه أن يتزوج وينجب ويهتم بحيوان أليف، أما لبنان فيه أحداث كثيرة ومتنوعة ودراماتيكية إلى حد أن كل لبناني قادر أن يروي قصته والأحداث التي طبعت حياته، إلى جانب تأثير الغرب وقدرة اللبناني على تدبير أموره، وفي الوقت نفسه نحن شرقيون ونروي الأحداث بطريقة جذابة بعيداً عن الدراما.
كما أن هناك ناحية مهمة لا يوجد شيء إسمه السينما اللبنانية بل يجب أن نعرف الجهة الممولة للعمل، وعدد الأفلام التي تمول في لبنان محدودة والفيلم إنطلق في فرنسا قبل لبنان لأن التمويل فرنسي.
ما هو برأيك دور الذكاء الإصطناعي في السينما؟
أفكر غالباً في هذا الأمر وكيف سيكون الوضع بعد خمس سنوات، فأنا على سبيل المثال تستغرق كتابة السيناريو معي خمس سنوات، مع الذكاء الإصطناعي يكون جاهزاً خلال خمس دقائق، والإضاءة والمونتاج من الممكن تنفيذهما بطريقة متطورة جداً من دون عناصر بشرية مما يفقد العامل البشري وجوده. أتمنى أن يكون هناك قوانين لضبط الأمور، فنحن أمام علامة استفهام كبيرة بالنسبة لتطور التكنولوجيا وأخشى من خيارات الإنسان الشريرة.