أيمن زيدان، ممثل سوري حفر إسمه في تاريخ الكوميديا السورية، أبدع خلال مسيرته في مختلف مجالات الفن، من تمثيل وإخراج وتقديم البرامج والكتابة الأدبية. ولم يكن ما قدمه مجرد تمثيل تعلمه أكاديمياً، بل كان موهبةً منذ الصغر طورها بالدراسة ونمّاها بالممارسة والإطلاع، وصل من خلالها للعب أدوار كبيرة خلدتها أرشيف الفن السوري والعربي.
وعلى الرغم من الإبتسامة التي رسمها على وجوه الأجيال التي شهدت عظمته في العالم العربي، إلا أن حياة أيمن زيدان الخاصة كانت مليئة بعدم الإستقرار والغموض، حيث كانت حياته العاطفية حافلة نتج عنها أربع زيجات، بالإضافة إلى وفاة إبنه الأصغر نوار بعد صراع مع المرض، وما ما زاد الصدمة عليه هو وفاة أخيه الممثل الراحل شادي زيدان.
طفولة أيمن زيدان وحياته قبل التمثيل
ولد أيمن غالب شكري زيدان في مدينة رحيبة السورية التي تقع شمال شرق دمشق، ونشأ في أسرة متوسطة الحال، كان والده يعمل رجل شرطة وجدّه كان مختارا لهذه البلدة، إلا أنه إنتقل في مرحلة الشباب مع أسرته إلى العاصمة دمشق لظروف عمل الوالد.
وبعد رفض عائلته خوضه المجال الفني إضطر أيمن زيدان إلى الإلتحاق دراسياً بكلية الحقوق، إلا أنه لم يكمل السنة هناك لينتقل إلى كلية التجارة التي أيضاً لم يكمل بها العام الواحد.
خطوة أيمن زيدان الأولى نحو التمثيل وعالم الفن
في سن الـ 22، إلتحق أيمن زيدان بمعهد الفنون المسرحي الذي إفتتح أبوابه في سوريا وتخرج منه في العام 1978.
تنوعت مسيرة أيمن زيدان الفنية بين المسرح والسينما والتلفزيون وتقديم البرامج بالإضافة إلى التمثيل والإخراج، وبرع في جميع هذه المجالات، وكان عشقه وولعه بالمسرح الدافع الأساسي لدخول معهد الفنون المسرحية، فكانت هذه هي الإنطلاقة حيث شارك في العديد من المسرحيات وتحديداً في المسرح القومي والجوال. وكانت أفق أيمن زيدان عالية جداً في المجال الذي يحبه، فخاض تجربة السفر إلى ألمانيا للحصول على دورة في الإخراج المسرحي في برلين، ليعود بعدها إلى سوريا ليصبح مديرا للمسرح الجوال.
فرصة أيمن زيدان الذهبية في أول أعماله
مسلسل "نساء بلا أجنحة"، الفرصة الذهبية الأولى لـ أيمن زيدان بخوض تجربة التمثيل التلفزيوني في العام 1983،وفي العام التالي خاض أول تجربة سينمائية له من خلال فيلم "أحلام المدينة" الذي حاز عنه على جائزة "مهرجان كان".
وخاص أيمن زيدان بعدها أدوار أساسية منها وثانوية فتألق في مسلسل "عصويد" عام 1987، مسلسل "لك يا شام" الذي جمعه مع الممثل السوري بسام كوسا، مسلسل "هجرت القلوب إلى القلوب" الذي جمعه مع الممثل السوري جمال سليمان، مسلسل "إختفاء رجل"، مسلسل "حصاد السنين" عام 1988، مسلسل "إحتمالات"، مسلسل "الخشخاش" عام 1991، "سكان الريح"، "طوق"، "الدغري" الذي جمعه للمرة الأولى بالممثل دريد لحام عام 1992، و"صوت الفضاء الرنان".
أدوار جسدها أيمن زيدان حفرت في طيات التاريخ
في عام 1993 جسد أيمن زيدان أحد اهم أدواره التمثيلية وهو دور "مفيد الوحش" من مسلسل "نهاية رجل شجاع" من إخراج نجدة إسماعيل أنزور، الدور الذي علق في أذهان جمهور ذلك الجيل، وشكلا في ما بعد ديو ناجح جدا على مستوى الدراما التلفزيونية وصنعا سويا مسلسلات هي من أهم كلاسيكيات الدراما السورية الآن مثل مسلسل "أخوة التراب" الجزء الاول عام 1995.
عمل زيدان على التنويع في أدواه، حيث برزت موهبته في أداء الأدوار الكوميدية وكان اولها في مسلسل "يوميات مدير عام" عام 1994، "يوميات جميل وهناء" عام 1999، "انت عمري"، و"بطل هذا الزمان" عام 2000.
وإختار أيمن زيدان المخرج باسل الخطيب ليخرج له مسلسل "أيام الغضب" عام 1996، وتبعه عدد من الأعمال منها "الطوبي" عام 1998، "يوم بيوم"، "حنين" عام 2002، "جواد الليل" عام 1999، "هوى بحري" عام 1997، "هولاكو" عام 2002، ليحققا معاً نجاحاص كبيراً وواسعاً.
أعمال أيمن زيدان في الألفية الثالثة
وجّه أيمن زيدان جهده قليلا لخدمة مشروعه الكوميدي منذ بداية الالفية الثالثة، فتعاون في اعمال عدة مع الكاتب الساخر محمود الجعفوري وصنعا معا عدة اعمال هامة مثل مسلسل "زمان الصمت"، "الوزيرة وسعادة حرمه" عام 2006، "رجل الإنقلابات" عام 2007.
ومن أعمال أيمن زيدان التي تعاون فيها مع أهم مخرجي وكتاب سوريا، "ملوك الطوائف" عام 2005، "على طول الأيام" عام 2006، "ألو جميل ألو هنا" عام 2001، "جوز الست" عام 2005، و"أنا وأربع بنات" في العام نفسه، "رصيف الذاكرة" عام 2008، وبين عامي 2009 و2015 نذكر "قاع المدينة"، "مرسوم عائلي"، " زمن البرغوت "، "صرخة روح"، " باب الحارة " الجزء السادس والسابع، "ما وراء الوجوه".
دخل أيمن زيدان إلى عالم البرامج التلفزيونية المصرية العام 2007، حيث شارك في بطولة مسلسل "عيون ورماد" ليعيد الكرّة في العام التالي من خلال مسلسل "نسيم الروح".
أيمن زيدان في عالم السينما والإخراج
في مجال الإخراج التلفزيوني، خاض أيمن زيدان التجربة في مسلسلين دراميين بعدما أخرج مسلسل "ليل المسافرين" عام 2000، و"طيور الشوك" عام 2004. ولم ينسه هذا الامر عشقه الأول للمسرح فعاد وشارك في عدد من المسرحيات سواء تمثيلاً أو إخراجاً.
سينمائياً كان لزيدان محطة لافتة ومليئة بالنجاح وبارزة في هذا العالم، نذكر منها "أحلام المدينة" عام 1984، "الشمس في يوم غائم" عام 1985، "الطحالب" عام 1991، "الرسالة الأخيرة" و"صورة" عام 2002، "مطر أيلول" عام 2010، "الأب" عام 2015، "درب السماء" عام 2016، و"مسافروا الحرب" عام 2017.
تجربة قصيرة ولكن بارزة لأيمن زيدان في عالم تقديم البرامج
كان لـ أيمن زيدان تجربتان في عالم تقديم البرامج، الأولى حين شارك بالتقديم في برنامج المسابقات الشهير "وزنك ذهب"، عام 2001 والتجربة الثانية له كانت في البرنامج الترفيهي العائلى "سوبر ديو" في مطلع عام 2009، وكان يشاركه في التقديم ابنه الاصغر نوار زيدان.
حياة أيمن زيدان العاطفية وزيجاته المتعددة
على الرغم من نجاحه الكبير مهنياً، إتصفت حياة أيمن زيدان الشخصية والعاطفية المعقدة والمضطربة، وذلك بعد زيجاته المتعددة والتي وصلت إلى أربعة، حيث كانت البداية في مطلع الثلاثينيات من عمره حين تزوج من خارج الوسط الفني واستمر الزواج 14 عاما ولكن لم يقدر لهذا الزواج الاستمرار فتم الانفصال وقد أثمر هذا الزواج ثلاثة أبناء هم حازم، غالب ونوار، ليتزوج بعدها مرة اخرى وايضاً من خارج الوسط الفني والذي بدوره كان زواجا غير ناجح ليتم الانفصال بعد عدة أشهر.
وكانت مرته الثالثة مفاجئة وبدون مقدمات، عندما تزوج من الفنانة المعتزلة نورمان أسعد بعد الانتهاء من تصوير مسلسل "يوميات جميل وهناء"، إلا ان الانفصال تم بنفس السرعة التي تم بها زواجهما، حيث انفصلا بعد شهر واحد من زواجهما لأسباب غير معروفة، إلا أنهما ظلا صديقين حتى بعد انفصالهما وشاركا معا في بطولة مسلسل "ألو جميل ألو هناء" وهو الجزء الثاني من مسلسل "يوميات جميل وهناء"، ليعودا ويتزوجا مرة أخرى بعد سنة واحدة من الانفصال، ودام الزواج ثلاث سنوات هذه المرة لينفصلا عام 2003 بعد إنجاب ابنة وحيدة هي جودي.
وزواجه الأخير كان عام 2007 عندما كان يقوم ببطولة المسلسل المصري "عيون ورماد"، فتعرف إلى السيناريست المصرية نشوى زايد ابنة الكاتب الراحل محسن زايد في احدى المناسبات وتم الزواج في نفس العام.
أيمن زيدان يفقد أعز الناس إليه
"مفيد الوحش" كان الرجل الشجاع طيلة حياته، إلى أن قضى عليه الموت فكانت "نهاية رجل شجاع"، وكذلك أيمن زيدان الذي ظهر على الجمهور والمحبين بمشهد أبى ألناس ان يصدقو أنه ليس تمثيلاً، عند موت إبنه نوار، الذي كان في الـ 19 من عمره، صدمة أتت كالصاعقة عليه، وذلك بعد صراعه مع مرض السرطان، لما يقارب الثلاث سنوات. وكان لنوار نفس الشغف والحب الموجود عند والده للمسرح والإخراج، فخاض تجارب عديدية في إخراج الأفلام القصيرة، بالإضافة إلى موهبة خاصة في تقديم البرامج، فقد شارك والده أيمن في تقديم البرنامج التلفزيوني "سوبر ديو لقاء الأجيال".
وكانت الصدمة الثانية موجعة جداً لأيمن زيدان بعد وفاة أخيه الممثل الكبير شادي زيدان المفاجئة عن عمر يناهز 49 عاماً بعد بقاءه عدة ايام في المستشفى اثر تعرضه لأزمة صحية.