80 عاماً مضت على إستقلال لبنان، هي مناسبة وطنية بإمتياز، لكن الغصة في قلوب اللبنانيين، والرغبة بالتحرر من الضغوط الإقتصادية والأزمات المعيشية التي تثقل كاهلهم، تحولان دون إحتفال معظمهم بالمناسبة. ويبقى النشيد الوطني اللبناني الذي يبث عبر الإذاعات وشاشات التلفزيون، فخراً للبنانيين، ويزرع فيهم الأمل بلبنان أفضل.
نعرض لكم قصة النشيد الوطني اللبناني، ونستذكر الشاعر رشيد نخلة الذي كتبه كلماته، والملحن وديع صبرا الذي لحن النشيد.
جائزة للقصيدة واللحن
بعد شهرين من إنتخابه في شهر أيار/مايو 1926، بادر الرئيس شارل دباس، أول رئيس للجمهورية اللبنانية في فترة الإنتداب الفرنسي، إلى إصدار المرسوم رقم 193 بتاريخ 19 تموز/يوليو، الذي ينص على إجراء مسابقة لاختيار كلمات للنشيد الوطني اللبناني، على أن ينال الشاعر الفائز مكافأة نقدية قدرها مئتي ليرة، وعلى أن يُدفع مبلغ مماثل لمن يضع لحناً لتلك القصيدة، خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر.
وأعلن في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 1926، عن فوز الشاعر رشيد نخلة بجائزة القصيدة، وأعلن بعد بضعة أشهر، وبالتحديد في 12 تموز/يوليو 1927، عن فوز اللحن الذي وضعه وديع صبرا، مدير المدرسة الموسيقية الوطنية في بيروت آنذاك.
وديع صبرا
نتيجة التنافس على مسابقة تلحين النشيد اللبناني، فاز وديع صبرا على 28 متسابقاً آخرين، وإستُدعي إلى إسطنبول لتلحين النشيد العثماني الذي فاز بمسابقته، وعُزِفت موسيقاه من قبل جوقة ضمّت مئات الموسيقيين، أمام عشرات آلاف المستمعين. وكان صبرا ترك منصبه كعازف أورغ في باريس، وعاد إلى بيروت، ولديه رغبة في تأسيس مدرسة للموسيقى، لم يكن أمام الباب العالي سوى تشجيع مؤلّف نشيده الوطني. وفي عام 1910، صدر قرار تأسيس "دار الموسيقى"، وهي أول مدرسة للموسيقى الغربية والشرقية، ليس في لبنان فقط، بل في الشرق الأوسط كله.
ثم أغلقت الدار لسنوات عديدة بسبب الأحداث التي تلت الحرب العالمية الأولى.
صبرا الذي أسس الكونسرفتوار اللبناني، لم يسمح له القدر بأن ينفذ المشروع الأقرب إلى قلبه بسبب شيخوخته، والذي كان عبارة عن "مؤتمر موسيقي عالمي"، خُطِّط له للمرة الأولى في عام 1946، أي بعد عام من الحرب العالمية الثانية.
رشيد نخلة
لُقّب رشيد نخلة بأمير الزجل، ونُشر شعره في صحف ومجلات كثيرة، منها: "البرق والمعرض والمكشوف"، وله روايات وقصص وديوان عنوانه "ديوان الشاعر السماوي". جُمعت أعماله الزجلية بعد وفاته في كتاب عنوانه "معنّى رشيد نخلة"، طبع عام 1945 في بيروت، بإشراف ابنه الشاعر أمين نخلة.
ترك رشيد نخلة سلسلة من الكتب تدور حول الشعر والزجل والمذكرات والتاريخ والنقد والأدب والاجتماع والرسائل والسياسة. نظم بالفصحى وبالعامية كما كتب النثر. من مؤلفاته كتاب "الماضي"، "مذكرات رشيد نخلة"، "رسائل رشيد نخلة"، و" غريب الدار" الذي طبع في بعبدا عام 1898، و"العواطف اللبنانية"، الذي طبع في بيروت عام 1910.