أروى بنت أحمد الصليحي ملكة الدولة الصليحية في اليمن جميلة وتتمتع بشخصية قوية وهي أول إمرأة تتبوأ كرسي الحكم في الإسلام وحملت لقبين السيدة الحرة وبلقيس الثانية. إسمها الكامل أروى بنت أحمد بن محمد بن جعفر الصليحي الإسماعيلية وهي زوجة المكرَّم أحمد بن علي الصليحي. أدارت شؤون بلادها بكفاءة وبراعة وواجهت أعداءها بحكمة وشجاعة. حكمت اليمن 50 عام، وساهمت بنشر المذهب الشيعي الإسماعيلي في اليمن وعُمان والهند. لا تزال شواهد اليمن تحكي قصة حكمها وحكمتها حتى اليوم.

نشأتها

نشأت الملكة أروى بنت احمد الصليحي وترعرعت في قصر السلطان علي الصليحي في صنعاء عاصمة الدولة الصليحيَّة بعد إنهيار المنزل العائلي ووفاة والديها فتعهدت زوجة السلطان علي الصليحي برعايتها والإهتمام بها. لدى بلوغها سن الثامنة عشرة تزوجت أروى بنت احمد ولي العهد الأمير أحمد المكرَّم، ورزقا بأربعة أولاد محمد وعلي وأم الهمذان وفاطمة. بعد مقتل الملك علي الصليحي بسبب الخلافات العشائرية تولى الأمير أحمد المكرَّم الخلافة بعد والده. خلال حقبة شهدت صراعات بين الـعشائر تصدى الملك أحمد المكرَّم للفتن وأصيب خلال خوضه معركة ضد الـمتمردين على السلطة إصابة بالغة أدت الى شلله. وكانت أروى الزوجة الوفية الـتي تساند زوجها ولم يجد الملك أفضل منها للحفاظ على المملكة وتولي الخلافة من بعده، لذلك أوصاها بالحفاظ على المملكة من بعده والإهتمام بشؤونها.

وفاة طفليها

تزوجت أروى بنت احمد الصليحي من المكرّم أحمد بن علي ورزقا بأربعة أولاد علي ومحمد وفاطمة وأم همدان. توفي علي ومحمد وهما طفلين أما أم همدان فقد تزوجت من أحمد بن سليمان بن عامر الزواحي ورزقت منه بعبد المستعلي وتوفيت قبل أمها. أما فاطمة فقد تزوجت من شمس المعالي بن الراعي بن سبأ وتوفيت بعد والدتها بسنتين.

حكمها

فوّض المكرم الأمور إِلى زوجته أروى بنت احمد الصليحي وكان أول ما قامت به، بعد أن غادرت صنعاء، أن اتخذت مقرها في قصر شيده زوجها في حصن في جبلة ونقلت إِليه ذخائره وقامت بتدبير شؤون المملكة وبسطت سلطانها على القبائل اليمنية، فخضع الناس لها. وكانت الرسائل التي يبعث بها المستنصر بالله الفاطمي إِلى اليمن تصدر بإسمها.

زواجها الثاني

بعد وفاة زوجها المكرّم سنة 1088 اختلف الصليحيون والزواحيون على تولي الحكم، وكان زوج أروى بنت أحمد الصليحي قد أوصى أن تُسند أمور الدعوة إِلى الأمير المنصور سبأ بن أحمد بن المظفر الصليحي الذي طمح إِلى الزواج منها، لكن أروى رفضت، واحتكم سبأ إِلى المستنصر بالله الفاطمي الذي أمرها أن تقبل بـ سبأ زوجاً لها حتى لو كان زواجهما صورياً. ويشير المؤرخ الإسلامي الدكتور راغب السرجاني أن أروى وافقت على زواجها الثاني مرغمة، وسار إليها الملك سبأ إلى مدينة جِبْلَة، وأقام عندها شهراً، لكنها لم تسمح له بالإقتراب منها حتى إستحقر نفسه وندم على الزَّواج بها، وتوسل إليها أن تسمح له بالدخول إلى دارها ولو ليوم واحد لِيُوهِم الناس بدخوله عليها، فوافقت. ويُقال أنها أرسلت إليه بجاريةٍ تُشبهها، ولما علم بالأمر، رحل صبيحة اليوم الثاني. ظلَّت العلاقة بينهما على الورق فقط، لكنَّه لم يبخل عليها بأيَّة مساعدةٍ أو خدمةٍ فيما يخصُّ الدَّولة وشُؤون الحكم، وبعد موته ضعف ملك الصليحيِّين، وتحصَّنت الملكة أروى واستولت على الأعمال والحصون، وأقامت لها وزراء وعمَّالاً، وامتدَّت أيَّامها بعد ذلك أربعين سنة.

مقاليد الحكم

بعد وفاة زوجها الثاني اعتمدت أروى بنت أحمد الصليحي في تدبير أمور الملك على: المفضّل بن أبي البركات، وزريع بن أبي الفضل، وعليّ بن إِبراهيم بن نجيب الدولة وغيرهم، وامتدت أيام حكمها بعد ذلك أربعين سنة، استطاعت أن تمارس سيادتها على الإِمارات اليمنية الصغيرة من دون إِخضاعها.

خلافها مع ابن نجيب الدولة

لّما قدم ابن نجيب الدولة إِلى اليمن موفداً من الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله سنة 1119 وداعيا له، أخضع الإِمارات المتمردة، وبدأ منذ سنة 1125 يسيء إِلى أروى بنت أحمد الصليحي ويستخفّ بأمرها ويدّعي أنها فقدت ذاكرتها وتستحق أن يُحجر عليها، وحاول أن ينتزع الحكم منها، ولكنّ أمراء البلاد وشيوخها ساندوها واتهموا ابن نجيب الدولة بالتآمر على الخلافة الفاطمية. فأمر الخليفة بالقبض عليه وإِعادته إِلى مصر، لكن السفينة التي كانت تقلّه غرقت أثناء الرحلة.

تشجيع البناء

حرصت أروى بنت أحمد الصليحي إِبّان حكمها على تشجيع البناء والعمارة وأولت إِنشاء المدارس والمستشفيات والمساجد إهتمامها الزائد، ولم يقف نفوذها عند حدود اليمن، فعهد إِليها الخليفة المستنصر بالله ومن بعده الآمر بأحكام الله بالإِشراف على الدعوة الفاطمية في عُمان والهند.

وفاتها

عاشت أروى بنت أحمد الصليحي طويلاً، وبعد موتها دفنت في مسجد بنته بنفسها وقبرها ما يزال حتى اليوم مزارًا. وبعد وفاتها دبّ الضعف في جسد الدولة الصليحية وتفككت أوصالها وتسلم الحكم أمراء من آل زريع، وانتهى أمر الصليحيين تماماً بعد أن غزا توران شاه بن أيوب اليمن سنة 1173.