يطرح المؤلف والمخرج اللبناني لوسيان بورجيلي في مسرحيته الجديدة "حبيبة قلبي إنت"، أسئلة كثيرة حول قضايا الساعة، والفساد، والمشاكل التي يعيشها المواطن اللبناني، من خلال كوميديا سوداء تجمع بين شخصين في غرفة متواضعة، حيث تقوم المرأة باختطاف رجل يتمتع بالسلطة، وتكبله في سرير، وتقوم بتعذيبه من خلال عدم استجابتها لمطلبه بفكه عن السرير.
مقاربة غير مألوفة في المسرح اللبناني، تنقل مشاكل المجتمع بأسره، بين جدران غرفة تجمع شخصين، في علاقة تنقلب فيها الأدوار بين معنِّفة ومعنَّف أو بالفرنسية Sado Maso.
وتبدأ المفاجآت في سياق الأحداث، لتنتهي بشكل غير متوقع، كما يحب بورجيلي، مع تلميحات حول قضايا الساعة، والتكنولوجيا الرقمية، ووسائل التواصل، وحالة الإعلام المرافقة للسياسة اللبنانية، وغيرها من الأمور.
موقع "الفن" التقى المخرج لوسيان بورجيلي، وكان لنا معه هذا الحوار.
لماذا اخترت موضوعاً يوحي بعلاقة سادية بين امرأة ورجل تسيطر هي عليه؟ وما هي الرسالة التي تريد إيصالها من خلال هذه المسرحية؟
إنها مسرحية المفاجآت، تأخذ المشاهدين من مكان إلى آخر، يعتقد المشاهد أنها ذاهبة بإتجاه معين، ليراها تذهب بإتجاه آخر، لذلك لا أود أن أصنفها في خانة معينة، وهذا المقصود من المسرحية، ويعجب الجمهور، فهي تأخذه إلى أحاسيس ومشاعر لم يكن يتخيلها، فالعمل مبني على المفاجآت. هدفي من خلال المسرحية، أن أدفع المشاهد إلى التفكير والإحساس بأمور معينة، وأن يطرح أسئلة معينة.
لماذا اخترت فرح الشاعر وطارق أنيش للعب هذين الدورين؟
بدأ أنيش مسيرته بالمسرح مع الأستاذ منير أبو دبس، في مدرسة المسرح الحديث في الفريكة، وعمل معه في مسرحيات، أولها مسرحية "أوديب الملك" ضمن مهرجانات بيت الدين، وعمل معي في المسرح في مسرحية "بتقطع ما بتقطع"، ومسرحية "لعيونك سيدنا" وغيرهما.
عندما ألفت المسرحية، أحسست أن هذين الدورين يليقان بفرح الشاعر وطارق أنيش، كوني عملت معهما من قبل في مشاريع مشتركة بين الإثنين، وبعضها عملت فيها مع كل منهما على حدة. أعرف أن هذين الدورين يليقان بهما، وبإمكانهما أن يعملا عليهما، ويطوراهما ويذهبا إلى عمق الشخصيتين حتى أبعد من الكتابة، والناس معجبون بواقعية التمثيل لهذين الممثلين.
ألا تخاف من أن تتسبب العبارات البذيئة في العمل بوصف مسرحك بالمبتذل؟
هناك أعمال كبيرة، منها فيلم Pulp Fiction للمخرج كونتين تارانتينو، الذي يحتوي على عبارات بذيئة في كل دقيقة، وهو الحائز على أوسكار وعلى جائزة من مهرجان كان السينمائي. إذا كان موضوعك عن أشخاص يتكلمون بشكل بذيء، لن تتمكني من تغيير الشخصية، خوفاً من أن ينزعج هذا أو ذاك من الكلمات البذيئة، فيجب أن تظهر هذه الشخصية في العمل بواقعيتها. الناس يحبون هذه الشخصيات، لأنهم يشعرون أن الكاتب لا يستخف بعقلهم، بل ينقل الشخصية بواقعيتها وبطريقة حديثها.
ما هي التحديات في هذا النوع من المسرحيات، التي تقوم على ممثلين اثنين، يملأ حضورهما المسرح، من دون أي ديكورات ضخمة؟
التحدي الكبير هو في أن يكون هناك تلون في الشخصيات، في الأداء، في القصة، وتطورها من خلال الحبكة.
كيف يتفاعل الجمهور مع هذا النوع من المواضيع الدقيقة؟
الجمهور يحب هذه المواضيع، وهو مندهش من واقعية هذه المسرحية، ويشعر كأنه يشاهد سينما وليس مسرحاً. هم معجبون بهذا الأداء الحي الذي يدور أمامهم، وهم في نفس الغرفة، فهي تجربة مختلفة تماماً عن الأعمال المسجلة.
قدمت مسرحيات وأفلاماً سينمائية، ما هي مشاريعك المستقبلية؟
عادة ما أعمل على عدة مواضيع في نفس الوقت، عندما كنت أكتب هذه المسرحية، كنت أعمل على فيلم "غداء العيد". هذه المسرحية تتناسب تماماً مع الأوقات التي نعيشها في لبنان، وفي العالم أجمع. أعمل على مسرحية سوف تعرض في الخريف، من خلال الجامعة الأميركية، بالتعاون مع ممثلين معروفين، فهي ليست محصورة فقط بالطلاب، بل مشتركة من خلال المبادرة المسرحية Theater Initiative، التي شهدت قبلاً عملاً مقتبساً من شيكسبير، من تمثيل روجيه عساف. المسرحية الجديدة كلاسيكية، تقدم بالتعاون بين ممثلين معروفين وطلاب في الجامعة يشاركون إما في الإنتاج أو يأخذون أدواراً معينة في المسرحية. أعمل على مسرحية مقتبسة من كاتب أجنبي، سيتم عرضها باللغة العربية، وهي مسرحية انغماسية، أي أنه يمكن للجمهور أن يتحرك مع المسرحية، التي تنقله من مكان إلى آخر. عرضت مسرحية من هذا النوع في لندن، وكان الجمهور يصعد في الباص خلال أحداث العمل، وكان يقود الباص ممثلون.
البعض يجدون تشابهاً بين انتفاضة هذه المرأة على رجل يتمتع بالسلطة، وانتفاضة المواطن على الدولة، هل هذه المقاربة صحيحة؟
كل شخص ممكن أن يستنتج من القصة رمزية معينة، أو أمراً يراه مهماً، هذه المسرحية تحتمل التأويل، ويمكن أن ينظر إليها كل شخص من منظار معين. قصة المسرحية هي العلاقة بين رجل وامرأة، وتاريخ هذه العلاقة، وكيف التاريخ أوصلهما إلى اللحظة التي يمران بها، وماذا سيحصل بينهما في المستقبل. نكتشف ونحن نشاهد المسرحية، الأمور التي كان لها تأثير عليهما، ولها علاقة بالمجتمع، وبحياتهما وخياراتهما الشخصية والعامة.
إشارة إلى أن هناك عرضاً إضافياً لمسرحية "حبيبة قلبي إنت"، يوم 27 تموز/يوليو المقبل، على مسرح مونو.
روجيه عساف xمنير أبو دبس xفرح الشاعر xلوسيان بورجيلي xطارق أنيش xمسرحية حبيبة قلبي إنت xكونتين تارانتينو xفيلم Pulp Fiction xفيلم غداء العيد