أبدعت الممثلة أنجو ريحان في أدائها بمسرحية "مجدرة حمرا"، كتابة وإخراج يحيى جابر، على خشبة مسرح مونو.
عمل مونودرامي عُرض في الصالة الكبيرة للمسرح لمدة ساعة ونصف الساعة، تمكنت خلاله أنجو ريحان من أداء ٣ شخصيات لسيدات جنوبيات من النبطية ببراعة، وتنقلت بخفة وحرفية من مريم إلى فُطُم إلى سعاد، ومن التراجيديا الى إلكوميديا بسلاسة ومهنية. تلتقي السيدات الثلاث في بيت مريم، ويتبادلنَ الأحاديث عن الغربة، وتحضير الطعام والزواج والطلاق.
لكل منهنَ قصة مختلفة: فُطُم أرملة منذ عشر سنوات، يرفض أولادها زواجها من أبو خالد، ويهددونها بحرمانها من منزلها. سعاد تتعرض لعنف منزلي من زوجها، وتعبّر عن معاناتها من خلال النكات. أما مريم، فهي كاتبة، تعيش بين فرنسا والضاحية الجنوبية، وهي حائرة بين تشجيع طليقها على ترميم علاقتهما، وبين دعوة زين حبها الأول لتصبح زوجته الثانية، أو ترضى بزواج متعة. العمل يسلط الضوء على ظلم المرأة بقالب كوميدي.
موقع "الفن" إلتقى بالممثلة أنجو ريحان، وكان لنا معها هذا الحوار.
ماذا أضافت المونودراما إلى رصيدكِ الفني، وإلى أي مدى أبرزت قدراتك؟
أنا خريجة مسرح من الجامعة اللبنانية، والمونودراما تعطي مساحة للممثل، ومسرحية "مجدرة حمرا" تطلبت ٨ أشهر من الكتابة والتحضير، لقد تعمقنا بالأدوار والمشاهد، وتعاونت وتواصلت مع الكاتب والمخرج يحيى جابر، الذي إستشف مني مواقع الدفع المطلوبة للنص، فشعرت أن المساحة كلها لي، وأني قادرة أن أقدم على المسرح كل ما عندي. بالطبع المونودراما أغنت رصيدي الفني، وسمحت لي أن أعطي من ذاتي.
بعد مسرحية "إسمي جوليا" ومسرحية "مجدرة حمرا"، أصبح للتعاون مع المخرج يحيى جابر طابع خاص، هل ستستمرين في نفس الإطار؟
بالطبع سيستمر التعاون، لأنني مع يحيى جابر أقدم أفضل ما عندي، وأعمل بشغف عند تحضير الدور، وننسج معاً الشخصيات. مسرحية "إسمي جوليا" مميزة بالنسبة لي، وكان العمل جيداً جداً، ومسرحية "مجدرة حمرا" شكلت إضافة إلى رصيدي، والتحدي يكمن في المسرحية الثالثة، التي نحن بصدد تحضيرها مع يحيى جابر، وسوف تكون بنفس المستوى على كل الأصعدة، من نص وتمثيل، وآمل أن نقدم عملاً نفتخر به، لأن الجمهور سيثمن ذلك.
أدواركِ الثلاث في "مجدرة حمرا" تضمنت العنف والسخرية من جهة، والفرح والخوف من جهة ثانية، مع أي منها تفاعلتِ بشكل خاص؟
عندما يكتب يحيى فهو مستمع جيد لكل القصص، ويحاول أن يخلطها مع قصص أخرى، ليصل إلى مسار درامي للعمل. وفي التمثيل حيث يجب تحريك ذاكرة إنفعالية، تُمنح لكل شخصية إنفعالاتها الخاصة، بالإضافة إلى الطبقات، التي تتيح لها هامش حركة الجسد والتصرف.
هل حالات العنف والخوف التي تتطرق إليها المسرحية، تبقى في ذاكرة المشاهد بنفس مقدار حالات الفرح والسخرية؟
صنّف يحيى جابر مسرحية "مجدرة حمرا" بكوميديا سوداء تميل إلى اللون الزهري. عندما ينتزع الممثل الضحكة من الجمهور، يكون قد أثّر فيه، وحاول أن يقدم كل الأحاسيس في العمل، والتي قد تتبدل بين ثانية وأخرى، من الفرح إلى الحزن إلى التوتر. هي مزاج وأحاسيس يشعر بها اللبناني، في بلد يضج بالمشاكل والصعوبات على المستوى الإجتماعي والإنمائي والإقتصادي. نحن نحب الشخص الذي يضحكنا، والجميع يحب أن يكون سعيداً، والضحك هو دليل على السعادة، وقد نثير ضحك الجمهور من خلال عبارة، أو حركة تحمل في طياتها رسالة ما، حتى لو كانت قاسية، فهي تصل أسرع، لاسيما مع وجود تناقض بين الأحاسيس الصادرة من القلب، وتلك التي يتلقاها المشاهد. "مجدرة حمرا" عمل يرافق المشاهد إلى منزله، ويحثه على مراجعة الأحداث، والتعمق في المضمون والتفاصيل، حتى لو كان بعيداً عن المعاناة، لكن المسرحية أصبحت ملك الجمهور، وهو يتلقاها بحسب التربية والتراكمات التي رافقت ظروف حياته، إلى جانب التقاليد، التي قد تترك أثراً في شخص، ولا تحرك شيئاً في شخص آخر. ما نقوم به هو فتح نافذة على قضية معينة، ونترك للمشاهد أن يراها من منظاره الخاص.
كيف تفاعل جمهور البيئة الذي تناوله العمل المسرحي؟
أنا لم أتوجه إلى جمهور بيئة معينة، ويحيى عندما يكتب النص، لا يقصد أن يسلط الضوء على بيئة معينة، بل المقصود أن المشاكل تحصل مع كل أفراد المجتمع، ولكي تكون الشخصيات حية في العمل، يجب أن يتم إسقاطها على شخصيات لها علاقة بالمحيط التابعة له. نحن نتوجه إلى كل النساء والرجال، الذين اختبروا المشاكل التي وردت في المسرحية. بكل تواضع ردة فعل الجمهور مشجعة جداً، ورائعة.
هل تحضّرين أعمالاً جديدة؟
عدا عن مشاركتي في مسلسل "وأخيراً" من إنتاج شركة الصباح، والذي عرض في شهر رمضان، شاركت في مسلسل في تركيا إسمه "كريستال"، سيعرض بعد مسلسل "الثمن"، كما أني بصدد تحضير مسرحية جديدة مع يحيى جابر.