رائد من رواد الفن التشكيلي في لبنان، عمل سكرتيراً لجمعية المصورين والنحاتين، ومديراً فنياً لمجلة "أهل النفط" التي أصدرتها "شركة نفط العراق IPC"، وضمت المجلة العديد من لوحات طنب، الذي تميز بالرسم بالألوان المائية والألوان الزيتية والحبر الصيني، فرسم لوحاته الكثيرة، التي جسد فيها إبداعاته، وترك إرثاً كبيراً لعائلته، ومدرسة في الرسم للأجيال القادمة، فهو الذي رفع إسم لبنان عالياً، وأبهرت لوحاته كل متذوقي الفن التشكيلي في العديد من دول العالم العربي والعالم.
برعاية وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، وبدعوة من مؤسسة فؤاد ومي طنب للفنون، إفتتح معرض إستعادي للرسام مارون طنب بعنوان "مشوار دروب فنان من فلسطين إلى لبنان"، حوار بين جيلين: مارون وفؤاد طنب، وذلك في دار النمر للفن والثقافة في شارع أميركا، كليمنصو، بيروت، ويستمر المعرض لغاية منتصف شهر أيار المقبل.
حضر الإفتتاح السفيرة الكندية ستيفاني ماكولم، الملحقة الثقافية للمركز الثقافي الفرنسي إيزابيل سنيور ممثلة السفيرة الفرنسية آن غريو، رئيسة "المؤسسة الوطنية للتراث" منى الهراوي، رئيسة "مهرجانات بيت الدين" نورا جنبلاط، الوزير السابق خليل الهراوي، نقيب الفنانين التشكيليين نزار الضاهر، رئيس "جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت" ميشال روحانا، الزميلة منى سكرية ممثلة نقيب المحررين جوزيف القصيفي، المدير الأسبق للمعهد الوطني العالي للموسيقى الدكتور وليد مسلم، نائب رئيس جامعة اليسوعية الدكتور توفيق رزق، بالإضافة طبعاً إلى أسرة طنب، الفنانات أمال ورونزا وفاديا، والملحن الدكتور سمير طنب، وحشد كبير من متذوقي الفن التشكيلي.
الوزير المرتضى قال: "فضاء جمال سينقلنا إليه حوار الألوان الذي نستمع إليه بعيوننا في هذا المعرض. فإن المتأمل في اللوحات المعروضة فيه، لا بد له أن يكتشف تأثير المكان فيها، سواء كان ذلك في المشاهد الطبيعية الريفية، أم في وجوه الأشخاص وملامحها المضيئة.إنها حكاية التراث بأهله وأشيائه وقِيمه، تروي لنا معيشة رغداً على كفافها، وماضياً لا يبرح الذاكرة الفردية والجمعية، وحنيناً ينبض في كلخفقة قلب. وعرضِ هذا التراث على الملأ، هو بمنزلة مدِّه مجدداً بالحياة، وإغناء للحياة الثقافية في لبنان، لاسيما في ما يتعلق بالكشف عن مخبوءات فنية للراحل مارون طنب، ينبغي للجيل الجديد من المثقفين والفنانين أن يطَّلع عليها".
وأضاف المرتضى: "ما فعله فؤاد طنب بتأسيسه "جمعية فؤاد ومي طنب للفنون"، التي أحد أهدافها الحفاظ على التراث الفني لعائلة طنب، وعلى رأسها الفنان الراحل مارون طنب، إنما يمثل صورة من صورِ البِرّ والوفاء، وعنواناً من عناوين التشبُّث بالعائلة، وترابطها ومنجزاتها الإبداعية. والحوار الفني الذي يعقده هذا المعرض بين الأب وابنه، هو تجسيد لتعلق فؤاد طنب بهذا الانتماء العائلي، الذي يجتمع فيه النسب والفن إلى اتحاد واحد، ويتعانقان معاً مثل إطار للوحة فنية من صنعهما، أو مثل لونين متآخيين على قماشة حية ناطقة تحمل توقيع أحدهما".
الفنان التشكيلي فؤاد طنب ألقى كلمة العائلة، وقال: "يشرفني أن يحتضن هذا المتحف أعمالاً متنوعة لمارون طنب، مع عرض موسّع لمسيرته الفنية. بإسم عائلة الفنان المكرم، أتقدم بشكر خاص لمعالي الوزير، فهو برعايته الكريمة وحضوره معنا، يؤكد دور الفن الحضاري في بناء الهوية اللبنانية، وإبراز رقيها الثقافي الباذخ، كما أشكر جميع القائمين على هذا المعرض، وكل الذين عملوا على إخراجه إلى النور، عبر جهودهم الحثيثة على مدى سنوات عديدة".
وأضاف طنب: "هذا المعرض، مع كل ما يقدمه بريشة مارون طنب من الفترتين الفلسطينية واللبنانية، يأتي مرفقاً بمعلومات تاريخية دقيقة، ومعروضات الفترة الفلسطينية، التي تكشف هنا للمرة الأولى، جاءت ثمرة تقصيات طويلة عن الحركة الفنية الناشطة في فلسطين، قبل نكبة ١٩٤٨ وبعدها، تقدمة الباحث المقدس الأستاذ مازن قبطي، وله منا أجزل الشكر على جهوده الثمينة، وعلى وضع نتائج أبحاثه في تصرفنا".
من جهته رئيس جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت ميشال روحانا، كشف عن مبادرة تجديد عضوية انتساب مارون طنب للنقابة تحت رقم 46 في العام 1958.
ومنح الوزير المرتض الفنان التشكيلي فؤاد طنب شهادة تقدير، وذلك على جهوده في حفظ مسيرة وموروث والده، كما قدم المرتضى درعاً تقديرياً لعائلة طنب، تقديراً لانجازات الفنان التشكيلي مارون طنب في مضمار الفن التشكيلي.
كما وقّع الفنان التشكيلي فؤاد طنب كتابه الأول، الذي يتضمن سيرة حياته، ولوحاته التي هي بالأكثر من عام 2000 وحتى عام 2020، واللوحات متنوعة بمواضيعها وأسلوبها، والكتاب صادر باللغتين الفرنسية والإنجليزية.
موقع "الفن" كان حاضراً في المعرض، وكانت لنا هذه الكلمات الخاصة.
الوزير محمد وسام المرتضى قال :"مارون طنب فنان مبدع بكل ما للكلمة من معنى، وما نشهده في هذا المعرض، هو إستحضار لإرثه الغني جداً، والذي أثرى الفن التشكيلي في لبنان، وكذلك نشهد عائلة فنية جدية وواعية تحفظ موروث والدها، وتظهره في هذا الإطار الرائع، وكذلك الإبن فؤاد حافظ على هذا الإرث، ويغنيه بأعماله الفنية".
الفنان التشكيلي فؤاد طنب المقيم في كندا، والذي حضر خصيصاً إلى لبنان من أجل المعرض، تحدث عن هذا الحدث الثقافي، الذي بعث الأمل، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون ولبنان منذ سنوات، وقال: "إذ كل شخص منا فكر بأن يقوم بشيء إيجابي، فهذا أمر جيد للبلد، والحمد لله كل الذين دعوناهم إلى المعرض قد حضروا، وهذا أمر مشرّف، أشعر بأن هناك تعطشاً للفنون بشكل غير طبيعي، وحنيناً لفنان من أهم الفنانين التشكيليين في تاريخ لبنان، ومن مؤسسي الحركة الفنية في لبنان، والذي هو مارون طنب".
وعن لوحاته قال طنب إنه يرسم بالأكثر الطبيعة في كندا، ولكن ألوان لبنان حاضرة في لوحاته، عدا طبعاً عن لوحاته عن لبنان، وطبيعة لبنان وشخصياته.
وعما إذا كان يذهب إلى الأماكن في الطبيعة ليرسمها مثلما كان يفعل والده مارون طنب، قال: "ألتقط صوراً من الطبيعة في كندا، حيث هناك برد كثير، ولا تستطيع أن تجلس في الطبيعة وترسم، ولكني أسير في الطبيعة، وأتشرب من ألوانها".
وعن أوجه الشبه وأوجه الإختلاف بين لوحات مارون طنب ولوحات فؤاد طنب، قال: "هناك مواضيع مشتركة بيني وبينه، وهناك ألوان في لوحتي تشبه ألوان لوحات والدي، ولكني عصري أكثر في لمستي، ولدي حرية أكثر، في حين أنك تشعر أن والدي أكاديمي أكثر في لوحاته، ولكن والدي وأنا حافظنا على جمال لوحاتنا، وتشعر أن فيها إحساساً".
السيدة مي طنب قالت: "فكرة المعرض تعود إلى أربع سنوات، وتطلب منا الكثير من الوقت والجهد لجمع كل هذه اللوحات والمعلومات، وأعتبر هذا المعرض من أضخم المعارض، لأنه يضم لوحات لمارون طنب كانت مخفية".
وأضافت: "رئيسة مؤسسة فؤاد ومي طنب، هي إبنتي جويل، التي حضرت خصيصاً من الولايات المتحدة الأميركية لتساهم في هذا المعرض، وتنشر فن جدها مارون طنب، وهذا المعرض مستمر لغاية منتصف شهر أيار المقبل، وسيتخلله محاضرات عن الفن والمسرح وغيرهما".
وعن مشاريع مؤسسة فؤاد ومي طنب، قالت: "أول مشروع للمؤسسة هو كتاب سيرة حياة فؤاد طنب وأعماله الذي يضم أكثر من 100 لوحة، والمشروع الثاني هو هذا المعرض، والمشروع المقبل سيكون كتاباً عن مارون، ربما سيتطلب حوالى السنتين لإنجازه، لأن البحث في أرشيف طنب سيكون كبيراً جداً".
الملحن الدكتور سمير طنب قال: "أنا أيضاً أرسم، ولكني ركزت أكثر على الموسيقى، فأنا ملحن وموزع موسيقي وعازف بيانو، أنا سعيد أن هذا المعرض هو بتشجيع ورعاية وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، والمعرض يجمع لوحات لوالدي مارون طنب، ولشقيقي فؤاد طنب، وأنا سعيد بهذا الإقبال الكبير على المعرض، على الرغم من ظروف لبنان المتوترة".
وعن الفرق بين لوحات مارون طنب ولوحات فؤاد طنب، قال: "والدي يجمع في لوحاته بين الألوان الزيتية والألوان المائية، في حين أن فؤاد متخصص في لوحاته بالألوان الزيتية أكثر".
العضو في اللجنة السياسية في الرابطة المارونية غيتا طنب، قالت: "شهادتي مجروحة بالفنان التكشيلي مارون طنب، والد زوجي سمير، وكذلك بفؤاد طنب، شقيق زوجي، وبفضل هذا المعرض، شعرنا بأن هذا هو وجه لبنان الذي يجب أن يبقى دائماً، هذا الوجه الحضاري والجميل للبنان، أتمنى أن تكون الأيام المقبلة مليئة بالأحداث الثقافية التي تشبه هذا الحدث، على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يعاني منها لبنان واللبنانيون".
الفنانة أمال طنب قالت: "هذا المعرض تطلب منا تحضيراً لمدة شهور، وأغلب الأشخاص الحاضرين هنا، قالوا لي إن هذا المعرض عالمي، لم يشهدوا مثيلاً له. شقيقي فؤاد حضر خصيصاً من كندا ليشارك في المعرض، الذي هو حوار بين جيلين، بين شقيقي فؤاد، الذي أخذ من والدي موهبة الرسم، ولديه أسلوبه الخاص في الرسم، وبين والدي مارون طنب منذ أن خلق في فلسطين، وهو بالأصل من دير القمر في لبنان، وعاد إلى لبنان في وقت النكبة، وأكمل أعماله ومعارضه في لبنان، هذا معرض استعادي لمارون طنب".
الشاعر الدكتور جان أبي غانم قال: "هذا المعرض يدل على أن الزمن لا يبقى في مكانه، فالوالد مارون طنب هو آخر الرسامين المائيين، وفؤاد طنب إنطلق بشيء من الحداثة، وقام بأمر جميل، وهو أنه رسم لوحات تقابل لوحات والده، ولكن بأسلوب حديث. الفن باقٍ، فهو أجمل ما خلقه الإنسان، لأنه يعبر عما في داخلنا، وعن روحنا".
الفنانة رونزا قالت: "عائلة طنب متعلقة ببعضها البعض، الأب يأتي أولاً، وبعده الإبن، والدي مارون وشقيقي فؤاد لكل منهما أسلوب خاص في الرسم، مع العلم أن والدي إسم كبير، ومن الرعيل الأول في لبنان، ومن أهم الرسامين في لبنان، فالجيل الأول هو الأصل، ولكن فؤاد إستطاع أن يتميز عن والدي بأسلوبه في الرسم، وهو يشبه والدي بمستوى الموهبة".
وأضافت: "توقعنا هذا الحضور لأن هناك الكثير من الأشخاص المعجبين بفن والدي وفن شقيقي، ونحن منذ فترة طويلة لم نقم تكريماً لوالدنا، فجاءت هذه المناسبة، خصوصاً لمتذوقي الفن التشكيلي، وهناك لوحات في هذا المعرض، تعود إلى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي".
الفنانة فاديا طنب الحاج قالت: "لدي موهبة الرسم، وتقنيتي جيدة، تلقيت دروساً عند شقيقي فؤاد، ولكني أرسم بالأكثر بهدف الزينة، فأرسم على صحون من خشب، أو على مزهريات من فخار".
وأضافت :"مارون كان وفياً لإنطباعيته، كان تلميذ مدرسة كلاسيكية بتقنيات متبعة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكان أستاذاه هرمان شتروك من أكاديمية برلين، وبول كونراد هولي من النمسا، اللذان كانت لديهما تقنية الحفر على النحاس والخشب، وتعلم والدي منهما عدة تقنيات، منها الإنطباعية في الرسم بالألوان المائية".
وأضافت: "شقيقي فؤاد، بدأ عمله في الفن كخطاط باللغة العربية، وخطه جميل جداً، فكان يُطلب منه أن يكتب على سقوف الكنائس بالخط العربي، وكذلك على الجدران، وبعدها بفترة قرر أن يتخصص في الرسم، الذي درسه في كندا، وعاد إلى لبنان ورسم بأسلوب إنطباعي عصري، وبعدها برز في الأعمال التجريدية أكثر".
الدكتور يوسف كمال الحاج قال: "جيل الأب وجيل الإبن يكملان بعضهما البعض، جيل مارون طنب هو جيل التأسيس للفن التشكيلي في لبنان، فهو من أوائل الفنانين التشكيليين في لبنان، بعدما كان قام بالكثير من الأعمال في فلسطين، فإكتملت شخصيته الفنية بعد أن عاد من فلسطين إلى لبنان، وهو لبناني الأصل، فساهم مع رواد كبار في تأسيس الفن التشكيلي في لبنان، أما فؤاد فأخذ الكثير من والده، ولكنه جدد في الألوان والأشكال، وتحرر قليلاً من التأثير الإنطباعي الذي يميز مارون طنب".
وأضاف: "بدأنا العمل على هذا المعرض منذ فترة طويلة، وبجهود أشخاص كثيرين، وكذلك من يمتلكون لوحات لمارون طنب، والتي وضعوها في تصرفنا خدمة لهذا المعرض، خصوصاً أن هذا المعرض فيه لوحات لمارون طنب تعرض للمرة الأولى في لبنان، وتعود إلى فترة بدايته في فلسطين، ونحن نقوم بأبحاث جدية، لنستكمل جمع كل إرث مارون طنب في فلسطين".