‎هي صحافية ناجحة وناقدة فنية وكاتبة بارعة، عملت في مجال الكتابة منذ سنوات طويلة، إلا أنها لم تحصل على الفرصة بالإستفادة من النصوص التي حضّرتها. نذكر من أحدث أعمالها فيلم "ع مفرق طريق"، الذي كتبت قصته، وحصد نجاحاً كبيراً في الصالات السينمائية، وحصل على إشادات كبيرة من الجمهور.

وفي لقاء خاص مع موقع "الفن"، تحدثت جوزفين حبشي عن مسيرتها في الكتابة، وعن كواليس فيلم "ع مفرق طريق"، وردت على الإنتقادات التي طالت العمل، كما تحدثت عن أهمية مشاركة ممثلين نجوم فيه.

من خلال تجربتك السينمائية كيف تلقيتِ أصداء فيلم "ع مفرق طريق"؟

بدأت في مجال السينما، وتحديداً النقد السينمائي منذ أكثر من ٢٠ عاماً، وسبق أن كتبت أفلاماً وثائقية عديدة، أذكر منها "رفيق العمر" عام 2007، وهو عن الشهيد رفيق الحريري، وعرض على شاشة تلفزيون "المستقبل". في جعبتي أيضاً 3 نصوص جاهزة لأفلام روائية طويلة من تأليفي، ولكن إيجاد التمويل هو أمر صعب جداً للأسف.

فيلم "ع مفرق طريق" وجد إنتاجه قبل غيره، لأن المستشار الفني والمنتج أنطوان خليفة والممثل شادي حداد عرضاه عليّ كفكرة عام ٢٠١٧، وكان إنتاجه في طور الجهوزية، وعلى هذا الأساس بدأت الكتابة، وبناء الأحداث، والشخصيات والحوارات.

أما أصداء الفيلم، فهي أكثر من رائعة، هذا العمل كان بمثابة أوكسجين لكافة العاملين فيه، خصوصاً أنه صُوّر خلال انتشار فيروس كورونا، والأزمة الاقتصادية، وبعد إنفجار ٤ آب بشهرين. والأوكسجين انتقل إلى كافة الذين شاهدوا الفيلم، والذين يشاهدونه اليوم في صالات السينما. الجمهور الذي يشاهد الفيلم، يخرج من الصالة والإبتسامة على وجهه، وهناك شبه إجماع على أن الفيلم "مهضوم كتير"، ويزيح الهم عن القلب، وجعلنا نعود ونحب لبنان، وجمال لبنان. الناس يحتاجون إلى أن يتنفسوا، وأن يتابعوا أحداثاً طريفة وغير معقدة، وهذا ما قدمه لهم الفيلم، الذي لا يزال يحقق نجاحاً كبيراً في الصالات اللبنانية، رغم الوضع الصعب، إلى درجة قيام بعض دور السينما بفتح أكثر من صالة لعرضه. وقريباً ستتولى شركة الصباح إخوان تسويق الفيلم في أميركا وكندا وأستراليا وأوروبا، وبعض الدول العربية.

كيف تم اختيار الممثلين؟

في البدء، عندما إتصل بي الصديقان شادي حداد وأنطوان خليفة، وحدثاني عن فكرة الفيلم، كان مقرراً أن يقوم شادي بالبطولة، خصوصاً أنه شريك أساسي في الإنتاج، والفيلم فكرته. لاحقاً، عندما بدأت بالكتابة، كان الإتفاق مع خليفة وحداد على ضرورة وجود كل من الممثلتين القديرتين جوليا قصار وبيتي توتل في شخصيتَي راهبتين من الراهبات الأربع، وذلك لعشقنا لهما، وإدراكنا مدى قدرتهما على إضافة الكثير إلى الفيلم. نحن الثلاثة كنا مصرين على وجودهما معنا، وعلى هذا الأساس بدأت أبني لهما شخصيتيهما وحواراتهما. طبعاً تم في تلك المرحلة طرح أسماء أخرى، ولكننا إنتظرنا الإتفاق مع المخرجة لارا سابا، التي كانت لها الكلمة الفصل في الموافقة على مجموعة من الأسماء المقترحة، وعلى إختيار ممثلين آخرين. الشرط الأساسي لإختيار نجوم الفيلم، هو أن يكونوا كلهم ممثلين قديرين، وقادرين على بناء شخصياتهم بشكل موزون، من دون الجنوح نحو الكاريكاتور.

قصة الفيلم إجتماعية أكثر من كونها قصة حب، ما سرّ الإقبال على هذا النوع من الأعمال؟

الفيلم خلطة ناجحة ومتناسقة من عدة مكوّنات، والإقبال الكبير عليه، يعود إلى كونه استطاع في الوقت عينه، أن يرضي الجمهور العريض والنخبوي. الفيلم مميّز بأجوائه، التي تمزج الكوميديا والأجواء الإنسانية والإجتماعية والرومانسية، وقصته طريفة وبسيطة، من دون تعقيدات، وهي تحملنا إلى العودة إلى الجذور، والطبيعة والسلام الداخلي والعادات اللبنانية الحلوة. الشخصيات المحببة والمقدمة بشكل جيد، هي عنصر أساسي من عناصر قوة الفيلم، بالإضافة إلى المواقف المضحكة، والطبيعة اللبنانية الساحرة، فالفيلم تم تصويره في منطقة الشمال، بين بشري والأرز وبقاع كفرا، وخصوصاً وادي قنوبين بجماليته التي تحبس الأنفاس.

تعرض العمل لإنتقادات بسبب تشبيهه بفيلم Sister Act، ما ردك؟

هناك من شبهه بفيلم Sister Act؟ من شبهه به؟ هل شاهد الفيلم الأميركي؟ على أي حال، لا وجه شبه أبداً بين Sister Act و"ع مفرق طريق". في الفيلم الأميركي تشهد الممثلة ووبي غولدبرغ على جريمة، ولتحتمي من القاتل، تتنكر بشخصية راهبة، وتختبئ في الدير. ما علاقة هذا بفيلمنا؟ قد أكون أنا من لفتت نظر المنتقدين، لأنني ذكرت إسم فيلم "Sister Act" في أحد المشاهد، وذلك على لسان الأم "باولا"، التي ترد على خوف الراهبات من لجوء الممثل "هادي نجم" إلى تصويرهن في فيلم سينمائي، بقولها "فيلم شو؟ مفكرين حالكن Sister Act؟"

كيف استطعتِ كتابة فيلم فيه راهبات من دون أي هرطقة لاهوتية وأظهرتِ فرح الراهبات؟

هرطقة لاهوتية؟ ما معنى هذه الكلمة؟ أولاً، الفيلم ليس فيلماً دينياً، ولا يتطرق إلى مسائل دينية. الفيلم كوميديا رومانسية إجتماعية إنسانية، ومَن أكثر من الراهبات انصهاراً في مجتمعنا وإنسانيتنا وحياتنا اليومية؟ الراهبات هنَ جزء لا يتجزأ من مجتمعنا، وأنا تلميذة راهبات، ولا أزال أذكر عندما كنت في الصف الثاني ابتدائي، الأخت فرناند، التي كانت تعلمنا الترانيم الدينية. في أي حال، وكما ذكرنا مرات عديدة، الأب فريد صعب رافق كتابة النص من الألف الى الياء، حرصاً منا على عدم الوقوع في أي خطأ غير مقصود.

ما أهمية مشاركة نجوم تمثيل في الفيلم، منهم رفعت طربيه، نقولا دانيال، جوليا قصار وبيتي توتل؟

كافة نجوم الفيلم ومن دون استثناء، هم نجوم فعليون باحترافهم، وموهبتهم وجدّيتهم في العمل، صحيح أن الأدوار ليست كلها أدوار بطولة، وبعض الشخصيات نافرة أكثر من غيرها، منها شخصية الأخت ماري برنارد، ولكن أهمية الدور ليست في مساحته، وهذا ما أثبته معظم الممثلين المشاركين في الفيلم.

كيف كانت ردة فعل القائمين على مهرجان البحر الأحمر السينمائي على العمل؟

كانت إيجابية جداً، بدليل أنهم اختاروه للمشاركة في النسخة الثانية من المهرجان، وضمن قسم "روائع عربية". لقد أحبوا خلطته الكوميدية الإنسانية، وتركيزه على تسليط الضوء على العادات والتقاليد القروية الجميلة، بالإضافة الى عرضه الطبيعة اللبنانية بأبهى صورة، وهنا أحب أن أشدد، على أن الفكرة السائدة عن أن المهرجانات السينمائية لا تحبّذ اختيار أفلام كوميدية، ليست صحيحة. الأفلام الكوميدية المكتوبة بشكل متقن، والمنفّذة بشكل متقن من دون مبالغات وكاريكاتور، سبق أن وصلت إلى جوائز الأوسكار، منها فيلم "When Harry Met Sally" وفيلم "Bridesmaids" اللذان تم ترشيحهما لأوسكار أفضل سيناريو، والممثلة رينيه زيلويغر رشحت لأوسكار أفضل ممثلة عن فيلم "Bridget Jones's Diary".

هل سنترقب جزءاً ثانياً من فيلم "ع مفرق طريق"، ليستكمل القصة بعد تنكر البطل بشخصية راهبة؟

حتى الآن، لا جزء ثانٍ من الفيلم، فالقصة انتهت نهاية سعيدة، ولكن مطالبة الجمهور بجزءٍ ثانٍ تسعدني كثيراً، فهذا دليل على مدى تماهي المشاهدين مع شخصيات الفيلم، ورغبتهم بالمزيد من مغامرات الشخصيات. أنا حالياً في صدد التحضير لأفلام جديدة، تمزج الكوميديا والأجواء الاجتماعية والإنسانية، هناك نصان كوميديان جاهزان، بالإضافة إلى قصة تدور في زمن الثورة، ولكنها تستعيد فصولاً من زمن الهيمنة السورية على لبنان، في قالب إنساني ورومانسي وإجتماعي مؤثر.

ما هي الشروط التي تفرضينها لبيع نصوصك لتصبح أفلاماً أو مسلسلات؟

أساس أي فيلم هو النص أولاً، وصحيح أن المخرج هو مايسترو العمل، ولكن النص هو الآلة الموسيقية التي من دونها لن يكون بإستطاعة المايسترو والعازفين إسماعنا أجمل الألحان. ومن هنا، إحترام النص يجب أن يكون أولوية. طبعاً الكاتب ليس عليه توجيه أي ملاحظات على البلاتوه، في حال تواجده أثناء التصوير، خصوصاً إن كان هناك إتفاق مسبق مع المخرج والمنتج على عدم المس بالنص بشكل جوهري، أو إضافة مشاهد من دون الرجوع إلى الكاتب. لا أفهم كيف يمكن لمخرج، أن لا يدعو الكاتب إلى أول جلسة قراءة مع الممثلين؟ هكذا مخرج، أنا أنصحه بأن يكتب هو نصوصه ويخرجها، وليمثلها أيضاً. إنطلاقاً من هنا، وتفادياً لأي مشكلة من هذا النوع قد تقع في المستقبل، سأحاول قدر الإمكان أن أكون شريكة في الإنتاج، وإن كان بنسبة صغيرة، قد تكون قيمة السيناريو المادية أو أكثر. ثانياً، وبحكم عملي لأكثر من ٢٠ عاماً في النقد السينمائي، ومشاهدتي آلاف الافلام، أستطيع إلتقاط أي ثغرة يمكن إصلاحها أو تفاديها، إن كان في التصوير، أو الإيقاع أو المونتاج. وبالتالي سيمكنني بصفتي شريكة في الإنتاج، المساعدة على التحسين. وفي أسوأ الحالات، سألتزم بتوقيع عقد مع الجهة المنتجة، يحتوي كافة الشروط التي ذكرتها سابقاً.