أندره بو زيد ممثل موهوب ومبدع، يملك إحساساً رائعاً. تمكن من أن يجسد ثماني شخصيات في نفس العمل، وينتقل من دور الى آخر بسلاسة وحرفية. "جدار" مسرحها أندره بو زيد، وإختار المونودراما ليتحدى ذاته، ونجح في التحدي. المخرجة والكاتبة والممثلة عايدة صبرا هي عرابة العمل، فقد أشرفت على المسرحية، وحافظت على "نَفَس" بو زيد فيها. كما أطلق أندره الممثل المتعدد المواهب، أغنية جديدة بمناسبة عيد الميلاد بعنوان "كل سنة". موقع "الفن" إلتقى أندره بو زيد، وكانت لنا معه هذه المقابلة.
هل إخترت "جدار" لأنها حرّكت شيئاً في داخلك، أم لأنها تبرز قدراتك التمثيلية؟
لفتني النص ومضمونه منذ أيام الدراسة، وما إستوقفني، هو أنني رأيته كشريط للصور. عندما قرأت القصة للمرة الثانية، قررت أن أمسرحها theatralisation، وهي ببساطة لا تأليف ولا إقتباس، هي مسرحة. في الرواية نجد الوصف للحالة، وسرد القصص الفلسفية، ويكون التحدي للكاتب، في أن يوصل الأفكار او الصور التي كتبها أحدهم في رواية ما، حتى تتحول الى سيناريو. أنا كتبت "جدار" ومسرحتها، وهي تتضمن ثماني شخصيات، وأحببت أن تكون مونودراما، وتوليت الإخراج بنفسي.
هل هناك رابط بين مسرحية "جدار" التي تتحدث عن الثورة الإسبانية، والثورة اللبنانية، لاسيما أن "جدار" عرضت في بداية الثورة في لبنان عام ٢٠١٩؟
المسرحية ليست موجهة الى أي طرف سياسي أو طائفة أو حزب، وليست تحريضية أبداً، بل هي مسرحية وجودية، تحكي عن الثورة الذاتية، الثورة على الذات، على المبادئ، والثورة للدفاع عن الوطن، وعن النفس. وللأمانة أقول، إن العديد من الأشخاص الذين كانوا ضد الثورة، طلبوا مني أن أعرضها في مدارسهم. النص كتب عام ٢٠٠٦، قبل حرب تموز. حين إخترته، كنت طالباً في الجامعة، وكنت أحضّر دبلوم في الدراسات العليا، وكان من المفترض أن يكون مشروع التخرج، ولكني فضلت أن أستبدله بـ The Goat or who is Sylvia by Edward Albee. وبعدها كانت لي إهتمامات أخرى، منها الغناء والسفر والتمثيل، الى أن بدأت الثورة، وإلتقيت بالسيدة عايدة صبرا، وقالت لي إن مسرح المدينة فتح أبوابه بأسعار رمزية، ويريدون إحياء المسرح لمن لديه عمل، فقررت عرض "جدار"، وطلبتُ منها المساعدة، وعُرضت المسرحية في مسرح بيروت، ومسرح أبراج، ومسرح الجميزة، الى أن أقفل البلد بسبب انتشار فيروس كورونا.
هل أدخلت تعديلات على النص بعد ثلاث سنوات من عرض المسرحية؟
لم أدخل تعديلات أبداً، بقيت المسرحية كما هي منذ كتبتها بكل أمانة من جان بول سارتر، وأنا أصر على أن هذا العمل هو مسرحة جان بول سارتر. ولم أقتبس لأتبنى ما حصل، أنا مسرحت، وأنا أحترم العمل.
هلتحديت ذاتك حين إخترت المونودراما؟
يمكن القول إن هذا العمل هو إختبار لي، كنت أريد أن أختبر قدراتي، ليس بدافع التكبر ولا الأنانية. التحدي كان باختيار النص، وتولي الإخراج بنفسي، وعندما قررت أن يكون مونودراما، قررت أن أمثله بمفردي.
كيف أشرفت المخرجة والكاتبة والممثلة عايدة صبرا على المسرحية؟
عايدة صبرا هي عرّابة العمل، عندما شرحت لها أنني كتبت النص، أبدت إهتماماً، وقرأته. لم تتدخل في الإخراج، ولم تُضف "نَفَسها" لأن التمثيل "نَفَس"، بل حافظت على عملي و"نَفَسي"، وصوّبت التمثيل. أنا كنت بحاجة إلى عين خارجية، فقامت السيدة عايدة بالتوجيه، وكانت أندره بو زيد المخرج، المفصول عن أندره بو زيد الممثل، وساهمت خبرتها الى حد أنها "جعلكتني وعصرتني، ورجعت كويتني" كي يكون العمل فيه تركيز على التمثيل، على النظرات، على الإيقاع، لأن المسرحية لا يجب أن يكون إيقاعها سريعاً، ويجب أن أسيطر على الوضع، لاسيما أنني بمفردي على خشبة المسرح. السيدة عايدة قامت بهذا المجهود الجبار كي أنفذ المسرحية.
هل كانت لك نشاطات أخرى بعد توقف عرض المسرحية؟
في فترة الحجر الصحي، أنجزت الماستر في الجامعة اليسوعية وتخرجت، والأطروحة كانت عن المسرح السياسي اللبناني، وحصلت على تقدير جيد جداً. وركزت على المطالعة، ونضجت فكرياً وثقافياً.
بماذا يختلف أداء أندره في عام ٢٠٢٢ عن أداء أندره في عام ٢٠١٩؟
هذه المرة كنت ألعب مسرح وأنظر الى عيون الجمهور، وكسرت الجدار الرابع على مبدأ Brecht وStella Adler مبدأ الرواء، وحركات الجسم عن Chekov وStanislavski عندما ألبس الشخصيات. عدة مدارس إخراجية كانت موجودة في العمل، بالإضافة الى إضاءة رائعة من محمد فرحات.
هل ستؤسس "جدار" مساراً جديداً في حياتك الفنية؟
قلت في مقابلة لموقعكم مع زميلكم محمود ضحى عام ٢٠١٩: "أنا الآن بدأت بالعمل وبدأت كورونا". بعد ثماني عروض وبكل فخر، كبر قلبي بعد أن شاهد أساتذتي المسرحية، وأثنى زملائي على العمل من ناحية الكتابة والإخراج والأداء التمثيلي، وتلقيت نصائحهم الثمينة. بالرغم من الصعوبات لناحية الإنتاج والتسويق، وقد يكون الجمهور يفضل الأعمال المسلية والمضحكة، لكنني سعيد وفخور بأن يحضر العمل خمسون شخصاً، ويتفاعلوا معي.
نعايدك بعيد الميلاد المجيد، ونبارك لك إطلاق أغنيتك الجديدة "كل سنة"، أخبرنا عنها أكثر.
الأغنية من كلماتي وألحاني، توزيع موسيقي وتسجيل وجدي نخلة، ميكس وماسترينغ شارلي برنس حلو، وهي تتحدث عن فرحة عيد الميلاد، ولقاء الأحبة والأصدقاء في هذه المناسبة، والأهم الإحتفال بالبشرى السارة بولادة يسوع.