المؤلف والمخرج والممثل اللبناني غبريال يمين، بصماته واضحة في المسرح والتلفزيون والسينما. لديه عدة خيوط في قوسه، هو الذي يبرع في تجسيد الأدوار المختلفة، منذ أن أضحك اللبنانيين بشخصية صابر في مسلسل "بيت خالتي".
تتلمذ على يد المخرج والممثل ريمون جبارة، واكب الكبار في المسرح، وكان أستاذ الدراما في برنامج "ستار أكاديمي".
بدأ العمل في الإخراج عام 1989، في مسرحية "فلتانة عالآخر" مع الممثلين فيليب عقيقي وميراي معلوف وجوليا قصار.
وبعد نيله مؤخراً جائزتين تكريميتين، كان لموقع "الفن" هذه المقابلة مع المؤلف والمخرج والممثل غبريال يمين.
أنت ممثل ومؤلف ومخرج، لكن لم نرك كثيراً في الأعمال السينمائية، لماذا؟
لا يوجد الكثير من الأعمال السينمائية، آخر فيلم شاركت فيه منذ عام ونصف العام. أتمنى أن تكون الأعمال السينمائية كثيرة، لكن كلنا نعلم أن السينما في لبنان ليست مربحة. طُلب مني أن أكتب نصوصاً لمشاريع سينمائية، وقمت بذلك، ومنها ما هو على طريق التصوير مع شركة Day Two Pictures، وهناك مشروع ثانٍ كنا سنباشر في تصويره، لكن المعادلة المادية لم تعد مناسبة، لعدم وجود، للأسف، رواد للسينما في لبنان، ومبيع الأفلام متدني، لذلك يقومون بأعمال تجريبية بهدف المشاركة في المهرجانات بمبالغ زهيدة جداً. السينما في لبنان بحاجة إلى دعم، وكذلك الدراما.
كُرمت مؤخراً بجائزة "موريكس دور" عن مجمل مسيرتك الفنية، كذلك كُرمت من جوائز بيروت الذهبية، ما وقع هذين التكريمين عليك؟
التكريمات مهمة، لأنها تشعر الفنان أنه ما زال موجوداً، والناس يصوتون له، لكن بالمجمل، التكريمات لا تقدم ولا تؤخر، بحسب ما تعلمت من أستاذي ريمون جبارة. كنت حاضراً عندما قدموا له وساماً من رتبة فارس، فقال لهم: "أنا ممتن، ولكن أين الحصان؟"، هذه التكريمات تعطي دعماً معنوياً، ومنظموها مشكورون.
شاركت مؤخراً بالنسخة الأولى لمهرجان "IDAFA"، ما هو تأثير هذا النوع من المهرجانات التي تسمح لأصحاب الإرادة الصلبة بأن ُينظر إليهم وُيسمع لهم؟
أعتقد أن أصحاب الارادة الصلبة يستحقون التكريم أكثر منا. نحن ندعمهم، ومستعدون للقيام بأي شيء يعزز وجودهم بيننا، كي تتغير نظرة المجتمع إليهم، ويدرك الناس أن هذه الإرادة الصلبة التي يمتلكها هؤلاء الأشخاص، قادرة على أن تحقق المعجزات. نشكر كل من يقوم بهذه النشاطات، التي تلقي الضوء على أخوتنا أصحاب الارادة الصلبة، التي كنت أتمنى أن أمتلك ربعها.
ضاعت عليك فرصة تمثيل بفيلم عالمي نتيجة عدم حصولك على الفيزا، هل تتمنى أن تحصل على فرصة ثانية من هذا النوع؟
كان حظي عاطلاً، الفرصة التي ضاعت لم تضايقني أكثر من الشوكة، ما أذاني هو الكلام الذي سمعته، بأني لو لم أكن لبنانياً ما كنت بحاجة إلى فيزا. أنا أحب كوني لبنانياً، وكل العالم يفتخر بي لأني لبناني، ولا أرغب في التفكير في فيزا. طرحت على وزارة الثقافة أن تهتم بهذه المواضيع، وليس المخرج أو الممثل أو الفنان، لتوفر المعاناة عليهم، وتجاوبت الوزارة مع هذا الموضوع. طبعاً أي ممثل يتمنى أن يحصل على فرصة من هذا النوع، والفرص هنا ليست مقطوعة، ولكن كانت لتكون تجربة في إطار مختلف مع بيئة مختلفة، مع زملاء لست معتاداً على العمل معهم، مع أني عملت في المسرح مع فرق أجنبية، وحصلت على فرص صغيرة في أفلام من انتاج فرنسي لبناني مشترك. أتمنى أن تأتيني فرصة ثانية.
مررت منذ فترة بأزمة صحية، ماذا غيرت بك وفي نظرتك للأمور؟
لقد غيرت بي أموراً كثيرة، عندما يكتشف الإنسان وجود أشخاص محبين حوله ليخرجوه من مصيبته، لم أعد أطلق عليها إسم مصيبة، بل صرت أعتبرها نعمة لأنها أيقظتني. لم أكن منتبهاً إلى أن هناك أشخاصاً يحبوني بهذا القدر، وكانوا بجانبي ليساندوني، خصوصاً عائلتي، زوجتي، إبني وأهلي. أما بالنسبة إلى نظرتي إلى الأمور، فقد تعلمت أن أنتظر الموت بسعادة، بوجود هؤلاء الأشخاص المحبين من حولي. تغيرت نظرتي إلى الموت، أصبحت أعمق وأبعد، وأصبحت أخاف أكثر من الموت. بفضل محبة الناس لي، أخاف أن يفقدوني، وأن أفقدهم، أنا أصلي للرب كل لحظة، ليخفف وجع الفقدان. كنت أعيش بالعشوائية، فأصبحت أعطي أهمية أكبر لمن هم حولي.
تستطيع أداء الأدوار الكوميدية كما الأدوار التراجيدية، أي من أنواع الدراما هو المفضل لديك؟
أفضل التمثيل، لأنه هو نفسه في الكوميديا والتراجيديا، لكني أفضل المسرح أكثر. التمثيل كله يصب في نفس الخانة، كنت أتمنى أن أجسد أدواراً تراجيدية أعمق من التي أجسدها.
ما هي مشاريعك في الفترة المقبلة؟
كتبت فيلمين، ولدي مسرحيتي التي قدمتها في مسرح المدينة مع 25 من رفاقي الطلاب، وسوف أقدمها مجدداً ابتداء من 20 كانون الثاني/يناير، قررت القيام بثلاثة عروض، وأفكر بمشروع مسرحي جديد، كما جسدت دوراً في مسلسل مع جيمي كيروز ومازن فياض، وشاركت في مسلسل مع شركة "فالكون فيلمز"، وهناك مشروع مع شركة "الصبّاح". الكتابة مطلوبة مني كثيراً على صعيد السينما، وكذلك في المسلسلات، حاولت أن أكتب مسرحية غنائية لإحدى الدول الخليجية، ولكن هناك تريثاً من قبلهم في هذا الموضوع.
ما هي الرسالة التي توجهها إلى اللبنانيين بمناسبة الأعياد؟
وجهوا لهم الكثير من الرسائل، ليس لدي رسالة، أشعر أنه لا فائدة من التمنيات. لا أعرف إذا يجب عليّ أن أطلب منهم أن يستيقظوا قليلاً، لا أعرف إن كان هذا التمني يفيد، لأن كل لبناني يعتبر نفسه واعياً على طريقته، ولا يعملون على وعيهم الجماعي كلبنانيين، ولا يفكرون من منظار وطني. أهم رسالة يمكن أن أوجهها، هي كونوا خيرين مع عائلاتكم، مع جيرانكم، والحياة إلى الأمام، وأنا أثق بقدرات اللبنانيين في النهوض بسرعة.