قبل 3 أشهر، انطلق الفيلم اللبناني "حديد نحاس بطاريات" للمخرج وسام شرف لأول مرة عالميًا في أحد أعرق المحافل السينمائية بمهرجان فينيسيا، وتوّج حينها بجائزة Europa Cinemas لأفضل فيلم أوروبي ووصفته لجنة التحكيم بالفيلم الممتع والأصيل ويدعو للتفاؤل، وقالت عن مخرجه "شرف قدم قصة حب تحمل عناصر خيالية قوية، هناك لمسات حانية، راحة سببها الابتعاد عن الوعظ، وبعض اللحظات السوداوية المرحة".. فكيف اجتمع السواد بالمرح في نفس الموضع؟
وأثناء العرض الأول للفيلم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وهو العرض الذي شهد حفاوة واضحة من الجمهور والنقاد، وعند سؤال المخرج عن اللجوء إلى الهزل رغم سوداوية القصة قال "هذا فيلم حزين يائس، لكنّه مُثير للضحك. لا نهاية محددة المعالم له، لا سوداء ولا بيضاء. من يريد رؤية الأمل، وجود الباخرة يدعم موقفه. ومن يريد رؤية اليأس، يجد ما يدفعه إليه، أريد للمُشاهد أنْ يفتح قلبه ويختار، أما بسؤاله عن اختيار الخيال في تحول الجسد إلى معدن والتعامل مع قصة حزينة بضحك قال "السينما الواقعية موجودة، وتعبّر عن كل عذابات العالم، وليس علينا سوى إخراج المحارم الورقية ومسح الدموع. أجد في هذا سهولة ورُخصًا، هناك مأساة السوريين، يا لها من فكرة حسنة، لنعمل عنهم أفلامًا".
قصة الفيلم تحكي عن أحمد اللاجئ السوري الذي يجوب شوارع بيروت بحثًا عن المعادن لإعادة تدويرها وهو ما يفعله لكسب قوته. تركت له نجاته من انفجار قنبلة في سوريا ندبة غريبة، حيث تستمر يده اليسرى في التحول لمعدن جزء تلو الآخر. حياته كئيبة وعزاؤه الوحيد هو علاقته بمهدية، عاملة المنازل الأثيوبية، يتمكنان الاثنان دومًا بطريقة ما من اختطاف قُبلة أو اثنين رغم صرامة رئيسها في العمل. لكن تواجه الفتاة مشاكلها الخاصة، إذ يصاب الرجل الكبير الذي تعتني به نوبات متكررة من العنف، ويزداد موقفها سوءًا بمصادرة وكيلها لجواز سفرها ومنعها من الرجوع إلى بلدها ولو لفترة قصيرة. بينما تتطور أحداث الفيلم، يزداد الأمر سوءًا على كليهما، حتى تقرر مهدية تولي زمام الأمور. لكن في كل الأحوال، يصعب العثور على الأمل في أي مكان.
فيلم حديد نحاس بطاريات تلقى العديد من الإشادات النقدية عربيًا وعالميًا فقد وصفه موقع آي سي إس العالمي بالفيلم المٌتقن ومخرجه قدم شيئًا استثنائيًا بالغوص بعمق في حيوات الشخصيات، أما موقع سيني يوروبا فكتب "حكاية تشع بالسحر والحقيقة تحت غطاء من المرح"، فيما قال الناقد هوفيك حبيشان "ألقى المخرج نظرة لم يسبق أن حضرت بهذا الشكل في السينما اللبنانية، وبلغة سينمائية تتراوح بين الحزن والخفّة".
وفي موقع Asian Movie Pulse كُتب "تمكن المخرج من تصوير فكرة صعبة حقًا في فيلمه، إذ يقدم قضيتين غاية في الجدية، قضية اللاجئين وقضية كيفية تعامل المنظومة مع عمال المنازل المغتربين عبر نهج كوميدي في بعض الأحيان لكن بدون سلب أهمية القضايا أو إخفاء البؤس الذي يحيط بالشخصيتين فهناك مشاهد على مدار الفيلم تبرز حس شرف الفكاهي الذكي الساخر الجاد، توفر تلك المشاهد راحة من كل الكآبة في الفيلم وتحول دون ذرف الدموع".
وأشاد الموقع أيضًا بطاقم التمثيل وخاصة الأبطال فوصف أداء زياد جلاد وكلارا كوتور بالمذهل، والمخرج ركز على شكلهم وتعابيرهم أكثر من كلماتهم في أسلوب مبدع. كما وصف الموقع المصري الدستور زياد جلاد بـ"عمر الشريف الجديد"، وقال جلاد لموقع ديدلاين العالمي "استطعت الشعور بالقصة جيدًا لأنني نشأت في هذا الجانب من العالم، لذلك شعرت بمواضيع اللاجئين وطريقة التعامل مع عمال المنازل في كل أنحاء العالم. أعتقد أن الفيلم رسالته عالمية".
الفيلم من إخراج وسام شرف يشاركه التأليف هالة دباجي ومارييت ديسير، وبطولة زياد جلاد وكلارا كوتور ورفعت طربيه ودارينا الجندي.