قبل سنوات قليلة، إتصلت بي السفيرة الراحلة وفاء بن خليفة، وأخبرتني عن اللقاء الذي جمعها بالإعلامية المصرية بسمة وهبة، وحينها أكدت بن خليفة لوهبة أنني أتابعها بإستمرار، كونها متمكنة من مهنتها، ولديها القدرة على جذب الإنتباه.
ومرت الأيام، وبدت العلاقة بين وفاء بن خليفة وبسمة وهبة أكثر قوة وثقة، وبتواصل مستمر وزيارات متبادلة، ورحلات سفر إلى دول عربية وغربية. وكانت السفيرة، رحمها الله، تصف وهبه بالشقيقة والصديقة والسيدة الأنيقة التي تحدت المرض، وعادت إلى الإعلام من أبوابه العريضة التي تليق بها.
ولا أنسى ليلة تكريم بسمة وهبة في مصر، في مهرجان ضخم، حضره عدد من ألمع النجوم والمبدعين المصريين، حين إضطرت للعودة إلى منزلها قبل تكريمها، لأن ثمة نادلاً في المكان سكب، عن طريق الخطأ، العصير على فستانها، فبدلت ملابسها في منزلها، وعادت لإستلام جائزتها.
بسمة وهبة كانت قمة في الوفاء في مواجهة بعض الذين عرفوا وفاء بن خليفة عن قرب، بعد أن سقطت أرضاً، حين علمت بوفاة صديقتها في بلجيكا، ونقلت إلى المستشفى، وأدخلت غرفة العناية المركزة، وتحدثت قبل أيام في فيديو، من داخل المركز الطبي الذي يتم فيه الإشراف على حالتها الصحية، عن الحسد، ووقفت عند رفيقتها الراحلة، ووصفت من حسدها في حياتها بمثل الذي ينهش في لحم الإنسان. وهبة جسدت الحزن بصورة الإنسانة الوفية والصادقة، وبطيبة بنت البلد التي تعطي درساً للبعض بالإخلاص والشفافية، بعيداً عن أي مصالح أو مكاسب آنية.
سقطت بسمة من حزنها، وإنتصرت بوفائها، في حين كانت هناك جوقة من الأشخاص الذين حضنتهم وفاء بن خليفة لسنوات طويلة، يفبركون حكايات عن وفاتها، وآخرين يشمتون برحيلها، وينسجون المغامرات السينمائية عن علاقتهم معها، أما وهبة فهي من بين قلائل خلعوا ثوب الأضواء، وبكوا رفيقتهم في العلن، إنطلاقاً من الوفاء المزروع في كيانهم.