زار سفير المملكة العربية السعودية في لبنان الأستاذ وليد بخاري، المعهد الوطني العالي للموسيقى، مهنّئاً الدكتورة هبة القواس بتسلمها رئاسة مجلس إدارة الكونسرفتوار الوطني، وذلك بعد صدور قرار التكليف من وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، بعد استقالة الدكتور وليد مسلّم.

وأقيم إحتفال للمناسبة، حضره مجلس إدراة المعهد الوطني العالي للموسيقى، وهيئتاه التعليمية والإدارية، وأعضاء الأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق عربية، وأعضاء الأوركسترا الوطنية الفلهارمونية اللبنانية، ونخبة من أهل الفكر والثقافة.

بداية، عزفت الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية بقيادة المايسترو أندريه الحاج، النشيدين الوطنيين اللبناني والسعودي، ثم افتتحت الإعلامية ماجدة داغر اللقاء بكلمة ترحيبية، وبعدها ألقت د. القواس كلمتها، فرحبت بالسفير بخاري، وقالت :"أتمنى أن تكون هذه الزيارة، بداية تعاون تربوي ثقافي مستمر بين المعهد الوطني العالي للموسيقى - الكونسرفتوار وأوركستراته، وبين صروحكم الثقافية والتربوية بكافة هيئاتها".

ولفتت إلى أن المعهد الوطني العالي للموسيقى يتميز بجناحَيه الشرقي - العربي والعالمي، كي يبقى لبنان همزة وصل مستمرة بين الشرق والغرب، إلا أن أحد إنجازاته التي قدمها للتاريخ العربي، هي عبر مناهجه للموسيقى الشرق عربية بآلاتها ونظرياتها وتاريخها، والتي تعتبر الأولى من نوعها، وذلك من خلال استحداث مثودولوجيا عملت على تطوير هذا الموروث الشرقي العربي، كما يتميز المعهد بجناحَين من الأوركسترات، الأوركسترا الفلهارمونية والأوركسترا الشرق عربية.

وأضافت القواس: "لعل الدبلوماسية الثقافية هي الدبلوماسية في عمقها الحقيقي، وكيف حين تكون هذه الدبلوماسية الثقافية هي ثقافة متجذرة في عمق تاريخ وهوية بلدَينا الحبيبين، بدءاً بلغة الإعجاز، وصولاً إلى ما قبل البدء، للموسيقى العربية النابعة من الجزيرة العربية، والممتدة إلى بلادنا الواقعة على الأبيض المتوسط".

وأشارت القواس إلى أنه رغم كل الظروف الصعبة التي تحيط بنا، يجاهد الأساتذة والموسيقيون والإداريون، ليحافظوا على هذه الأمانة الكبيرة، ولذلك وضعت القواس استراتيجية لحظة تسلمها رئاسة الكونسرفتوار، لإعادة بنائه، وهذا الأمر لن يتحقق من دون جهود مجلس الإدارة ووزير الثقافة المساند، والهيئات التعليمية والموسيقية والإدارية في المعهد، وختمت: "أنا كلي ثقة أن اليوم انضمّ إلى هذه العائلة، صديق داعم بكل ما يمثله وتمثله لنا مملكتُه العظيمة الحبيبة".

وفي نهاية الاحتفال، عزفت الأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق عربية، الأغنية الحجازية العريقة "وطني الحبيب" للفنان السعودي طلال مداح، وأغنية "يسلم لنا لبنان" للفنانة اللبنانية صباح.

وبعد الاحتفال، التقى السفير البخاري أعضاء مجلس إدارة المعهد الوطني العالي للموسيقى، برئاسة د. هبة القواس في مكتبها، وعرض المجتمعون سبل التعاون الثقافي بين الكونسرفتوار الوطني والهيئات الثقافية السعودية، وذلك تكريساً للعلاقات الثقافية والأخوية التاريخية بين المملكة ولبنان.

وأثنى السفير البخاري على ترؤس القواس المعهد الوطني، وتمنى لها النجاح في منصبها الجديد، وقال إن المملكة وضعت الرؤية 2030 بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كاستراتيجية حضارية للمملكة، ولكل المنطقة العربية، باعتبارها العمق العربي، وتتضمن هذه الرؤية خطة لتطوير المسار الثقافي وتعزيز جودة الحياة، وتطمح لأن تتسع الرؤية الثقافية كعامل مؤثر، انطلاقاً من المنطقة، وصولاً إلى العالم.

ولفت بخاري إلى التوجه لحصول تعاون بين وزارة الثقافة السعودية بهيئاتها وقطاعاتها، مع الكونسرفتوار الوطني والأوركسترات الوطنية، وأشار إلى الدور الثقافي الذي يضطلع به الكونسرفتوار الوطني، لتفعيل الثقافة في لبنان والمحيط العربي.

من جهتها، أثنت عضو مجلس الإدارة السيدة أمينة بري، على هذه الزيارة، وتمنت أن تكون فأل خير، وتفتح بعدها أبواب الصداقات الدبلوماسية والتعاون مع دول العالم.

وفي الختام، شكرت الدكتورة هبة القواس السفير بخاري على زيارته، وتمنت دوام الصداقة والتعاون الثقافي بين البلدين.

موقع "الفن" الذي كان حاضراً، عاد إليكم بهذه الكلمات الخاصة.

رئيسة مجلس إدارة الكونسرفاتور د. هبة القواس، قالت: "أنا أحمل هم كل العاملين في الكونسرفتوار، فأنا إبنة هذه المؤسسة ومسؤولة فيها، وإبنة

هذا البلد، ووضع الكونسرفتوار يشبه وضع كل شيء في لبنان، ولكننا وبالتعاون معكم، ومع الصحافة ووسائل الإعلام، نريد أن نظهر الصورة الحقيقية للكونسرفتوار، من خلال النشاطات التي سنقوم بها، لنقول إن الإبداع والموسيقى لا نتعامل معهما مثل تعاملنا مع باقي القطاعات، لأن لهما خصوصية، فالموسيقى هي التي تعبر الحدود، وتوصل لبنان وصوته، مهما كانت الظروف، والموسيقي نادر وجوده من ناحية الموهبة والدراسة

الأكاديمية، ونادر أكثر أن يصل إلى الدراسات العليا، وأن يصبح أستاذ تعليم عالي، لذلك إن كان لجهة الأساتذة أو الموسيقيين، هم نُدرة تكريم للبنان، ونتعامل معهم مثلما نتعامل مع الماس، فنُدرة الألماس هي التي تضعه في مصاف آخر، وتجعله أغلى من كل شيء، والموسيقي يشبه الماس من حيث أنه ينطحن وينصهر ويتعذب، ويمضي وقتاً طويلاً ليصل إلى ما يصبح عليه".

وأضافت: "هنا أعوّل على وعي كل المسؤولين في لبنان، وأقول إنه حين نصل إلى المطالبة بالموازنات، أتمنى أن يتعاملوا مع الموسيقى، وخصوصاً موسيقى الكونسرفتوار، على أنها هي التي ستسجل الإنفتاح إلى العالم، والتي لديها القدرة على أن تكتب الحضارة المقبلة للبنان، والتي تشبه لبنان الحقيقي".

وتابعت: "أنا وضعت إستراتيجية كبيرة، سنمد فيها جسوراً مع دول عربية وغربية، لنتعاون ونقدم أعمالاً جديدة، ونشع إشعاعات تشبهنا، وأنا عندما قلت إنني سأستخدم خبرتي وعلاقاتي ومؤسساتي وعلاقاتها لمصلحة الكونسرفتوار، فهذا الأمر يساهم كثيراً، ولكنني أقول إن أهم شيء هو أن الكونسرفتوار هو صرح موسيقي بجناحَيه العربي والعالمي، فنحن نقدم الموسيقى العربية والموسيقى العالمية، إن كان بالأوركسترات أو بالتعليم، وعلى هذا الأساس سنمد جسورنا، ونتعاون مع جذورنا العربية، وإنفتاحنا العالمي".

وختمت: "لأنني مؤلفة موسيقية، وأهم أوركسترات العالم عزفت موسيقاي، هذا قوّى علاقاتي في الدول العربية، التي قدّرت ما قمت به للعالم العربي، فهذه الدول أصبح لي فيها علاقات خاصة، لأنها تقدر الموسيقى والإبداع، فأنا حملت لبنان وسافرت معه، ولكن لأنني لبنانية، إعتبروا أنني حملت كل دول العالم العربي وسافرت معها إلى كل العالم".

الرئيس الأسبق للكونسرفتوار الدكتور وليد مسلّم، قال: "أظن أن الإدارة الجديدة للكونسرفتوار، تحتاج إلى دم جديد، وهبة هي الشخص المناسب، فلديها همة كبيرة، وطاقة كبيرة، وعلاقات كثيرة، واليوم نشاهد مثلاً على علاقاتها، وهو العلاقة اللبنانية السعودية، ولدي أمل كبير بأن هبة ستنجح، وستخلق فرقاً، وستساعد الكونسرفتوار ليجتاز هذه المرحلة الصعبة، وليعود ويلعب دوره الريادي على الصعيدين الموسيقي والثقافي في لبنان".

وأضاف: "اليوم هناك تحديات كثيرة، منها أن تستطيع أن تؤمن رواتب لائقة بأساتذة الكونسرفتوار، فالأستاذ الذي عليه أن يُعلّم يجب أن يكون مرتاحاً، وقادراً على العيش بكرامة، ويجب أن ننتقل من التعليم أون لاين إلى التعليم الحضوري في تشرين الأول المقبل، ولتأمين هذا التعليم، يجب أن تؤمن وقوداً لسيارة الأستاذ، واليوم تجاوز سعر صفيحة الوقود الـ 700 ألف ليرة لبنانية".

عضو مجلس إدارة الكونسرفتوار الفنان عبده منذر، قال: "مبروك للدكتورة هبة القواس، وهي لديها مشروعها للكونسرفتوار، وأعتقد أنه بإستطاعتنا جميعاً أن نتعاون معها، لأننا في مجلس الإدارة متصالحون ومتعاونون مع بعضنا البعض، ولدينا أهداف كبيرة جداً لمستقبل الموسيقى في لبنان".

وأضاف: "وأنا كمسؤول عن كل فروع الكونسرفتوار في لبنان، أقول إننا نواجه صعوبات كثيرة اليوم، وتعرفون ما يحصل في لبنان، فلا يستطيع أستاذة الكونسرفتوار أن يُعلموا بسهولة، ونحن مصرون على أن نستمر، وأن نجد حلولاً لكل المشاكل التي تعيق مسيرة الكونسرفتوار".

قائد الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية المايسترو أندريه الحاج، قال: "أنا مع الدم الجديد، ويجب أن يتغير هذا الدم كل أربع أو خمس سنوات، وأبارك للدكتورة هبة القواس. مهمتها صعبة، ولكن هبة متميزة بشخصيتها، وأنا أؤمن بما تفعله، وذلك لأني أعرف كيف تعمل، وكم هي حاسمة، وتتميز كثيراً عن غيرها لأنها تتخذ قراراً، ومن يتخذ قراراً يعني أنه يدرك ما يريد، وهي إبنة الكونسرفتوار، وتعرف أوجاع أعضاء الكونسرفتوار، وخصوصاً الأوركسترا والأساتذة، لذلك لا يمكننا إلا أن نقف إلا جانبها في هذه المرحلة، لأنه منذ توليها رئاسة مجلس الإدارة، شعرنا بأن هناك إيقاعاً جديداً، وأنا متأكد أننا سنتوجه إلى المكان الصحيح".