استفاق اللبنانيون يوم الخميس 21 تشرين الاول / أكتوبر 2021 على خبر وفاةالفنان اللبناني الأرمني بيار جامجيان. هو هذا الفنان المتعدد المواهب الذي بدأ حياته الفنية في المسرح مع الرحابنة، مروراً بالدور الظريف الذي اشتهر به وهو دور "بيارو" في "المعلمة والاستاذ"، حيث أضحك الكثيرين... رحل تاركاً أثراً كبيرا في قلوبنا وألف ضحكة وضحكة..


نشأته:

ولدبيار جامجيانعام 1951 في جل الديب المتن الشمالي، هذه المنطقة التي استقطبت جالية أرمنية كبيرة. إلتحق بمدرسة مار عبدا للآباء في جل الديب، حيث تمّكن من اللغة العربية التي أتقنها، كما كان فخوراً بجمال خطه. بدأ حبه للمسرح منذ أيام الدراسة، حيث شارك منذ الصف الخامس ابتدائي بمسرحيات لموليير. يعود الفضل لإنطلاقته المسرحية للرابطة الاجتماعية في جل الديب.
كانت الرابطة تستعيد سنوياً إحدى مسرحيات الأخوين الرحباني في ملعبها الكبير، وتقدّمها بحضور عاصي ومنصور اللذين كانا يقدمان الديكور والملابس والأكسسوارات. بين دور الإمبراطور في «يعيش يعيش» والشحاذ في «المحطة» والمستشار في «هالة والملك»، تلمّس بيار طريقه إلى الاحتراف. أعجب به زياد الرحباني الذي كان يأتي مع أهله لمشاهدة مسرحيات الرابطة، فكانت مشاركته بدور النادل «عزّو» في «سهرية» زياد الرحباني.



بداياته في المسرح:

«سهرية» فتحت لـبيار جامجيانباب التعاون مع الرحابنة، ودخول عالمهم عام 1973، في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان. فإختبر نقلة نوعية، إذ طلب خالد عيتاني، صاحب مسرح أورلي يومها أن تعرض «سهرية» على خشبة مسرحه، فكانت القفزة التي أدخلته في عالم الصخب البيروتي، فتعرف على شارع الحمرا، شارع الثقافة، وتغلب على الخوف الذي كان ينتابه من اعتلاء الخشبة أمام جمهور حاشد.
في تلك الفترة، طلب منه عاصي الرحباني أن يعمل معه على خشبة مسرح "البيكاديلي"، حيث كانت تعرض مسرحية «لولو»، وكان عليه أن يؤدي مشهداً مع السيدة فيروز في مشاركته الاولى، فارتبك وعجز عن النوم، لكنه نجح بالتحدي الصعب، وذلك بسبب احتضان أعضاء الفرقة له.
فكان دور "رعد المجنون" الذي يقتضي الوقوف أمام السيدة فيروز والقول لها "إركعي ولي".
تابع مسيرته الفنية مع الرحابنة، فتوالت المسرحيات، منها "نزل السرور" أواخر 1974 ، وأدى شخصية الأرمني الستيريو في "فيلم أميركي طويل" عام 1980، و"شي فاشل" عام 1983 . أما مع الأخوين رحباني، فقد شارك في «ميس الريم» (1975)، ولاحقاً في «بترا» (1977) حيث سافر الى الاردن، وتم عرضها بحضور الملك الأردني. يقول بيارو : «لا مسرح بعد الرحابنة»، إذ يعتبر أن مستوى الاعمال المسرحية والتلفزيونية التي تقدم اليوم تفتقد الابداع والمواهب الكبيرة.

أعماله التلفزيونية:

بداياتبيار جامجيانكانت في تلفزيون لبنان مع أبو ملحم، حيث كان يؤدي دور الشاب المستقيم، في مواجهة أحمد الزين الذي كان يؤدي دور الشاب ذات التصرفات الملتوية في بعض حلقات "يسعد مساكن" لأديب حداد. عام 1981 قام بالدور الأبرز له الذي دفعه بقوة نحو الشهرة الشعبية، وهو دور "بيارو" في "المعلمة والاستاذ" إذ اضحك الناس كثيراً، وهو يقلد الطفل في تصرفاته. تميز بيار جامجيان بقدرته على اللعب بنبرة صوته، وتغييرها حسب متطلبات الدور.
ثم كانت له مشاركات في مسلسلات، منها «حكاية أمل»، و«السبيل»، و«امرأة من ضياع».
كما مثّل في الجزء الأول من مسلسل "الغالبون".

حياته الشخصية ووفاته:

لم يتزوج بيار جامجيان. كان مسؤول العلاقات العامّة في نقابة الممثلين. توفي بعد تعرضه لوعكة صحية نتيجة تبين ان رئتيه امتلأت بالمياه ما سبب تدهور صحته ووفاته وقد تم ترجيح سبب الوفاة لسكتة قلبية بعد توقف عمل الرئتين . نعاه نقيب ممثلي الإذاعة والسينما والتلفزيون والمسرح في لبنان نعمة بدوي، من خلال صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب: "بيار جامجيان (بيارو) ايها الصديق الغالي، بالأمس شربنا القهوة معاً وضحكنا كما لم نضحك من قبل مع الزملاء الأحباء في دار النقابة وكأنك اتيت لتقول وداعاً للجميع، أيها الغالي النبيل والفنان الجميل رحمك الله واسكنك فسيح جناته".