ممثل، مؤلف سيناريو، مقدم برامج، إنه الفنان الراحل رفيق نجم الذي كان متعدد المواهب. "رسالة إلى شباب لبنان"، هو كتاب يحتوي على مقتطفات من مقالات كتبها الراحل، تعبر عن أفكاره بصورة عامة، أراد من خلاله إرشاد شباب لبنان نحو المواطنة.
إستعدنا عبر مقابلة شقيقته هند نجم، أبرز مراحل حياته الفنية.
رفيق نجم ممثل لبناني سطع نجمه مع الفنان زياد الرحباني في مسرحيتين، ثم توجه إلى السينما في عدة أعمال حتى التسعينيات، لماذا غاب عن الساحة الفنية 20 عاماً قبل وفاته؟
رفيق بدأ العمل في المسرح بعمر الـ14عاماً. تدرب على يد المخرج جلال خوري، كما عمل مع الممثل الراحل كريم أبو شقرا قبل بداية تعاونه مع الفنان زياد الرحباني في "بالنسبة لبكرا شو" بدور "نجيب"، و"فيلم أميركي طويل" بدور "عبد الأمير". تعرف على زياد خلال تأديته دوراً في مسرحية لجلال خوري، وأصبح وزياد صديقين، وسكنا معاً. في تلك الفترة، كتب زياد مسرحية "بالنسبة لبكرا شو". ثم بسبب نظرة أهلي السلبية للفن، طلب والدي من رفيق أن يسافر الى السعودية بهدف العمل وجني الأموال. في تلك الفترة، العمل في السعودية كان يفتح آفاقاً في مجال الاعمال. سافر رفيق لمدة شهر الى السعودية، حينها طلب منه زياد العودة إلى لبنان، فعاد، بسبب حبه للفن. فكانت مسرحية "فيلم أميركي طويل"، وهي آخر تعاون له مع زياد الرحباني. تعرف رفيق على سمير الغصيني وتعاون معه بأفلام ذات طابع تجاري. بلغ عدد هذه الأفلام خمسة، لعب أدواراً مع هويدا ومادلين طبر وأنطوان كرباج وباقة من الممثلين المعروفين في ذلك الوقت. لم يستمر بعدها بالتعاون مع سمير الغصيني، لأن رفيق اعتاد أن يكتب أدواره.
تعرف على المخرج برهان علوية، وبدأ التعاون بينهما على أفلام تدور حول الحرب الأهلية في لبنان. عمل معه على فيلم "بيروت اللقاء"، ثم لعب دور في فيلم ألماني عن الحرب اللبنانية تم تصويره في لبنان مع ممثلين ألمان. تعرف على المخرج اللبناني مارون بغدادي، وأحب التعامل مع هذا المخرج المهم، الذي ترك بصمة في السينما اللبنانية، والتي عندما نتكلم عنها، تأتي في الواجهة أعمال مارون بغدادي، الذي حاز تقديرات محلياً وعالمياً. عمل مع مارون بغدادي في فيلم "بيروت بلد العسل والبخور". أحب هذه التجربة، إذ تم تصوير الفيلم في اليونان، ولكن اختيار المواقع تشعرنا كأننا في لبنان. في هذا الفيلم عالج مارون بغدادي خطف الأجانب في الحروب، من خلال ممثلين فرنسيين، لعبوا أدوار أطباء خُطفوا في الحرب. بعدها عرض مارون بغدادي على رفيق أن يلعب دوراً في فيلم تم تصويره في إيطاليا، لكن رفيق لم يشارك في هذا الفيلم. لا اعرف تحديداً لماذا، ولكن برأيي أنه أخطأ اذ كان بإمكان هذا الفيلم أن يدفع به إلى العالمية.
بعدها إبتعد رفيق عن الفن، وسافر، وحاول خوض عالم الاعمال. ولكن بقي شيء يشده الى الفن، فعمل بفترة الحرب بمسرحية "إكس وفرط" التي تم عرضها، وأحاول الآن نسخها لإعادة عرضها. هذه المسرحية ألفها رفيق عام 1985 ومثّل فيها، وعرفت نجاحاً كبيراً. ثم ترك الفن حتى أول التسعينيات، حين سافر إلى روسيا، وعمل مع ممثلين روس في فيلم "سيرك العم فاليا"، من إخراج سمير الغصيني.
أنسق الآن لإعادة عرض هذا الفيلم، انه عمل مشترك روسي لبناني، كتب السيناريو رفيق نجم، وتم تصويره بأماكن جميلة في روسيا.
في عام 1998 ألّف مسرحية "شي بيشبه الوضع" التي تم عرضها على المسرح الثقافي الروسي، وفي جونية. شارك معه في هذه المسرحية الممثلون يوسف فخري، كارمن لبس، رولا شامية وعادل كرم. مسرحية ذات طابع فكاهي، تعالج الوضع في لبنان. استثمر كثيراً في هذا العمل، اذ باع منزله في سبيل تحقيق هذا العمل الفني. أصيب بخيبة أمل، اذ لم يتأقلم مع أجواء الاجيال الجديدة من الفنانين، الذين تختلف أجواؤهم عما كان يعرفه مع الفنانين سامي حواط وزياد الرحباني، كما ان المسرحية لم تحقق المردود المادي الذي كان يتوقعه. أصيب بالإحباط، ورأى ان هذا الجو لا يشبهه، فالتزم الوحدة حتى عام 2017. تدهورت صحته، لكن هذا لم يمنعه من مشاهدة "بالنسبة لبكرا شو" التي تم عرضها في السينما. فرح كثيراً لرؤية نفسه في أيام الشباب على الشاشة، لاسيما وأنه حينها لم تكن صحته على ما يرام وكان ناجياً من جلطة. فقضى آخر أيامه في الكتابة، وكتب "كومونة بيروت" الذي أعتزم أن أنشره بالتعاون مع دار الفارابي.
تكلم في كتابه "رسالة الى شباب لبنان" عن الثوريين، كيف كان سينظر الى ثورة 17 تشرين الأول 2019 برأيك؟
توفي قبل الثورة، ولكنه كان يتوقع حدوثها. رفيق فنان رؤيوي، ويعرف الطبقة السياسية. قام بتقديم برنامج في صوت الشعب اسمه "الشوفة مش متل الحكي". كان متأكداً من اننا امام ولادة جديدة للبنان، حتى ولو كانت قيصرية.
يدعو في كتابه الشباب اللبناني الى عدم التردد في اتخاذ القرار مستندين إلى عقلهم ونفسهم، ثم في صفحات أخرى من الكتاب يتكلم عن تأثير الامثال على خياراته اليومية. كيف يمكن تفسير هذا التناقض في شخصيته؟
ليست تناقضات، الامثال مقتطفات من كتابات كتبها في العام 1982 و"رسالة الى شباب لبنان" كتبه في الأربعين من عمره، وكان يحاول من خلاله ايصال رسالة الى الجيل الجديد، لكي يتفادوا الاخطاء التي قام بها من سبقهم. كان يعتقد ان الاحزاب العلمانية تربط بين اللبنانيين، على عكس الاحزاب الطائفية. كان ينظر إلى جيله كجيل دار مع التاريخ، واختبر التكنولوجيا والتغييرات التي رافقت ذلك، ولكن بنفس الوقت هذا الجيل عايش تلك الفترة من دون كهرباء في لبنان، فكان يصنف جيله بأنه يربط بين الماضي والمستقبل.
لماذا برأيك لم يتفق اللبنانيون على العيش في نظام علماني؟
المشكلة في لبنان هي في النظام وليست في الاشخاص. نحن نفتقد الى ثقافة المواطنة، للأسف الشديد. الطائفية هي المرض السرطاني في لبنان، إذا لم نخرج من الطائفية لن يكون هناك تغيير حقيقي، لن نصل إلى الصورة الجميلة للبنان. دعا رفيق الشعب اللبناني إلى أن يكون شعباً واحداً، وليس مجموعة شعوب. قال كنت أرى ملامح شعب لبنان يتكون قبل الحرب الأهلية، ربما حصلت تلك الحرب لمنع تكوين هذا الشعب. كان رفيق يدعو اللبنانيين إلى أن يشبهوا بلدهم، اذ كان يقول إن سلسلة جبال لبنان مرتبطة ببعضها البعض. فلم لا يشبه اللبنانيون بلدهم؟
وصلنا الى مكان أصبح فيه تغيير الصيغة ضرورة لكي نتماشى مع العصر، لكي نتخلص من هواجسنا وجب تغيير النظام. نحن نعّول على جيل الشباب لإحداث التغيير.