يعبر الممثل بديع أبو شقرا باستمرار عن غضبه من السلطة الحاكمة في لبنان، حتى أنه كان وجهاً بارزاً في الثورة التي انطلقت في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وفي الجزء الثاني من لقائنا معه، عبر عن رأيه بهذه الثورة وبالأوضاع الراهنة في لبنان، وعما إذا كان نادماً على عودته من كندا إلى لبنان.
وعلى الصعيد الفني، تحدث بديع عن كيفية عدم اعتماده صورة نمطية واحدة في الأدوار التي يقدمها، وسبب عدم تأديته أدوار البطولة في الأعمال الدرامية المشتركة التي يشارك فيها، وغيرها من الأمور.
وكنا قد أوردنا لكم الجزء الأول من اللقاء، يمكنكم قراءته كاملاً بالضغط على هذا الرابط .
جسدت خلال مسيرتك العديد من الأدوار، منها العاشق والشرير والمحقق..، ولم تعتمد صورة نمطية واحدة، كيف تمكنت من اثبات نفسك بين المنتجين والمخرجين؟
لا حدود تقيّد الممثل، سواء إنسانية أو ثقافية أو اجتماعية أو سياسية وغيرها، فحين يكون الممثل حراً، يمكنه أن ينسجم مع أي شخصية، وأنا عملت على هذا الطريق الذي درسته في الجامعة، وفي الـWorkshop، وهو كيف يتمكن الانسان من أن يجمع من الحياة التي يراها والحياة التي يعيشها Puzzle، ومن خلال ذلك يقدم أي شخصية معينة، وهذه هي الطريقة الأكاديمية التي يتبعها الممثل.
تجسد أدوار بطولة في الأعمال اللبنانية، في حين أنك لا تجسد هكذا أدوار في الأعمال الدرامية المشتركة، لماذا؟
في الفترة التي انتشرت فيها الأعمال الدرامية المشتركة، كنت غائباً عن لبنان، وفي الدول العريية لا أعرف أحداً، والآن بدأت أتعرف على أشخاص في الدول العربية، وأدخل هذا السوق في الأعمال التمثيلية. عُرضت عليّ أدوار بطولة في الأعمال المشتركة، إلا أنها لم تكن مناسبة لي، فأنا أجسد الأدوار التي تناسبني، والتي حين أقرأها أستطيع أن أحلم بها.
مع أي ممثلة تريد التمثيل؟
لا مشكلة لدي في الموضوع، هناك الكثير من الممثلات اللواتي يلفتنني، منهن الممثلة السعودية فاطمة البنوي، والممثلة المصرية منة فضالي، أرى أنه يمكنهما أن تقدما ما هو خارج الصندوق، غير الدراما التقليدية، وما اعتاد الناس عليه، ولديهما "شعطة" بطريقة التفكير في التمثيل، يلفتي هذا النوع من الممثلات.
لنفترض أن هناك ممثلة أطول منك قامة بكثير، هل تمثل معها؟
أقبل في حال كان الدور يتطلب ذلك بحسب قصة العمل، ولكن إذا الدور لا يتطلب ذلك، فلا داعي للأمر، إلا إذا كان الممثل مضطراً للعمل، أو كانت هناك أسباب أخرى.
تنتقد باستمرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لماذا؟
أنتقد جميع السياسيين.
هل ما زلت مؤمناً بالثورة مثلما كنت مؤمناً بها حين بدأت؟
أنا مؤمن بها أكثر من البداية، الثورة ليست فقط تجمع ناس في الشارع، بل لها عدة أشكال، مقال أو عمل مسرحي وشعر أو مظاهرة أو عنف ثوري أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي، لو الثورة انتهت، لكانت السلطة اتفقت الآن وحكمتنا "بالصرماية".
لكن السلطة لا ترد على أي نوع من أنواع الثورة.
طبعاً، ولن ترد، لكن "عم تِنزِرِك وتنفضح كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه، هل توجد فضيحة أكثر من "تركيب وزراء حسب المحسوبيات، في ظل موت الناس من الجوع؟".
في النظام الشيوعي كانوا يلهون الناس بالخبز والبندورة والبنزين، اليوم عن ماذا تلهينا هذه السلطة؟
تلهينا عن كل ما وعدوا به، ولم ينفذوه على مدى 30 عاماً، طروحات السلطة اليوم هي لتمتص غضب الناس وليس لمساعدتهم، ولكي تعدهم بأنه بإمكانهم أن يقوموا بشيء، حتى جيوبهم لم يعد بإمكانهم أن يملؤوها، بعد أن فقدوا ثقة الناس والدول الإقليمية والعالم أجمع، ففي كل العالم، يحكى أن السلطة اللبنانية أكبر مافيا في تاريخ البشرية.
وقع انفجار المرفأ، ولم يحاسب أحد حتى اليوم، ما تعليقك؟
هذه السلطة تُحتضر، ولدي أمل كبير جداً، فهل يمكن لأحد من السياسيين أن يخرج من منزله ويكون بين الناس؟
لكن ما زال معظم الناس متزلمين لزعماء وسينتخبونهم من جديد.
طبعاً، وهذا الأمر ليس خطأ، بل الخطأ هو أن يكون متزلماً لزعيم فوق القانون وفاسد، حين يصبح هناك قانون ودولة، سيكون هناك أناس لديهم زعماء، لكن يكونون تحت القانون، فحين أتبع زعيماً ويخل بالقانون، عليه أن يحاسب، حتى ولو كان والدي.
هل تتبع زعيماً معيناً؟
لا أتبع زعيماً أو شخصاً، بل أتبع أفكاراً.
هل ستنتخب؟
طبعاً سأنتخب أي شخص بعيد عن هذه السلطة.
وفي حال كان فاسداً؟
إذاً يُحاسب، فهل الإنسان يثق بالجميع؟ هناك الكثير من الأشخاص ننتخبهم، إذا فشلوا نحاسبهم، هذا منطق الدولة.
هل حزنت لأن الممثلين لطيفة وأنطوان ملتقى لم يتمكنا أن يتلقيا اللقاح ضد فيروس كورونا بينما النواب تلقوه، وحزنت على الناس والمشاهير الذين توفوا بالفيروس، منهم الفنان الياس الرحباني والفنان مروان محفوظ؟
زعلان على كل شيء، على الإنسان والشجرة والأرض والأشغال والجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية، لدي حالة من خيبة أمل وغضب لا توصف، يحاولون تغيير كيان بلدنا ووجهته الحضارية بأي شكل من الأشكال، لكي يبقوا موجودين في هذه السلطة. هناك أشخاص في السلطة أوصلونا إلى الوضع إلى وصلنا إليه بسبب جشعهم، ولا يمكن لأحد فتح الملفات كما وعد، فهم يخافون، إذ إنهم مرتهنون للخارج والداخل، اتهمونا بالارتهان وتقاضي المال، ونحن كتاب مفتوح، إذ يطلع جميع الناس على حساباتنا في البنوك، وأنا حزين على كل شاب وصبية لديهم أحلام، لأن من هم في السلطة يحاولون الوقوف في طريق أحلامهم.
هل أنت نادم على عودتك من كندا إلى لبنان؟
أبداً، لو كنت الآن في الخارج لكنت عدت، لا يمكن لأحد أن يقف في وجه أحلامنا، ومن يعتقد ذلك، لا بد أنه لم يقرأ التاريخ، ويعرف أن أي حاكم أو ديكتاتور لو مهما كبر، لن يكون أقوى من الناس.