يوسف شاهين مخرج سينمائي مصري معروف بأعماله المثيرة للجدل، وكان للتنوع الديني والثقافي في مدينة الإسكندرية تأثيراً كبيراً على تكوينه الفكري وعلى أفلامه.
فتح أبواب العالمية للسينما المصرية، وأفلامه لا تعتمد فقط على المتعة البصرية والإبداعية، لكنها تعمل أيضاً على إنارة العقول وخلق مساحة للتفكير.
يُعتبر من أفضل مخرجي مصر في القرن العشرين، آمن بالسينما كأداة تغيير قادرة على خلق واقع جديد ومختلف، ورغم الجدل والإختلاف على أفكاره تعد أعماله السينمائية مقياساً للنضج والعبقرية.
نشأته
ولد يوسف جبرائيل شاهين في 25 كانون الثاني/يناير عام 1926 في مدينة الإسكندرية، ووالده لبناني كاثوليكي من شرق لبنان في مدينة زحلة، وأمه من أصول يونانية، هاجرت أسرتها إلى مصر في القرن التاسع عشر وكانت عائلته تتكلم 4 لغات، وحرصت أن يتلقى إبنهم تعليماً جيداً.
على الرغم من إنتمائه للطبقة المتوسطة كافحت أسرته لتعليمه، وكانت دراسته بمدارس خاصة منها كلية فيكتوريا، ونال الشهادة الثانوية.
وبعد إتمام دراسته في جامعة الإسكندرية، إنتقل الى الولايات المتحدة الأميركية وأمضى سنتين في معهد باسادينا المسرحي، لدراسة فنون المسرح.
مسيرته الفنية
أول فيلم ليوسف شاهين كان "بابا أمين" عام 1950، وبعد عام واحد شارك فيلم "إبن النيل" في مهرجان كان السينمائي، الذي حصل على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاج عام 1970، وعلى جائزة الدب الفضي عن فيلمه "اسكندرية ليه" عام 1978.
وثّق سيرته في رباعية "إسكندرية ليه"، "حدوتة مصرية"، "إسكندرية كمان وكمان" و"إسكندرية نيويورك".
"إسكندرية ليه" لا يوثق فقط أحلام البطل "يحيى"، الذي سافر لدراسة الفن في الولايات المتحدة الأميركية، مستخدماً مقاطع صوّرها شاهين بالفعل في تلك المرحلة من حياته، بل عبّر عن جيل الأربعينيات أثناء الحرب العالمية الثانية ورؤيتهم للوضع السياسي والإجتماعي، ودمج الوحدة الوطنية التي ظهرت واضحة في قلق اليهود الموجودين في مدينة الإسكندرية من إحتمال دخول الألمان.
عام 1982 إستكمل يوسف شاهين مسيرته مع فيلم "حدوته مصرية"، الذي كان نقطة إنطلاق له، حين سقط أثناء تصوير نهاية فيلمه "العصفور" وأجرى جراحة قلب مفتوح.
وفي الفيلم نشاهد محاكمة البطل "يحيى" أو شاهين وعائلته المحيطة به، وهو تحت تأثير المخدر أثناء الجراحة.
قرر أن يؤدي شخصية "يحيى"، وهي التي تعبّر عنه في فيلم "إسكندرية كمان وكمان"، ويبدأ من واقعة إنفصال ممثله المفضل محسن محيي الدين عنه، وعلاقته بممثليه.
وأخيرا إختار في "إسكندرية نيويورك" موضوع دراسته في أميركا بسرد وقائع حدثت له بالفعل هناك، مثل عشقه وإتقانه للرقص، والفتاة التي وقع في حبها في تلك المرحلة.
إستخدم الموسيقى والغناء كعنصرين أساسيين في أفلامه، وتعاون مع عدد كبير من المؤلفين والملحنين والفنانين، منهم فريد الأطرش وشادية، وقدمهما في صورة مختلفة في فيلم "انت حبيبي"، وقدم مع فيروز والرحابنة فيلم "بياع الخواتم"، واختار ماجدة الرومي لبطولة "الإبن الضال" ولطيفة في "سكوت هنصور"، وكان يشارك في إختيار الأغاني والموسيقى منهم
عام 1997، وبعد 46 عاماً وخمسة دعوات سابقة، حصل على جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان في عيده الـ50، عن مجموع أفلامه.
وقد مُنح رتبة ضابط في لجنة الشرف من قبل فرنسا عام 2006، بمناسبة الإحتفال بمئوية السينما المصرية، وشكّل مركز الفنون التابع لمكتبة الإسكندرية عام 2006 لجنة فنية مؤلفة من النقاد أحمد الحضري، كمال رمزي وسمير فريد، لإختيار أهم 100 فيلم مصري روائي طويل تركوا بصمة واضحة خلال هذه المسيرة الطويلة، واختير 7 من أفلام يوسف شاهين ضمن القائمة، وهي "صراع في الوادي"، "باب الحديد"، "الناصر صلاح الدين"، "الأرض"، "العصفور"، "عودة الابن الضال" و"إسكندرية ليه".
ظهوره في الأفلام
ظهرت لقطة لـ يوسف شاهين يصرخ في أحد مساعديه "يمين إيه ح تخش في الحيط" في فيلم "حدوتة مصرية"، لأنه يؤمن بضرورة التعبير عن رأيه.
وظهر ممثلاً في أفلام أخرى كأدائه لشخصية "قناوي" في "باب الحديد"، ومشاهده القصيرة في "إسماعيل ياسين في الطيران"، "اليوم السادس" و"إسكندرية كمان وكان".
من أقواله
حين أستعرض مشواري مع السينما المصرية بكل سلبياته وإيجابياته.. وبكل ما قدمت من إضافات وبكل ما حصلت عليه من عذابات.. أستطيع القول إنني أخذت من السينما بقدر ما أعطيتها، وأن رحلتي مع السينما المصرية كانت تستحق كل ما قدمته من أجلها.
إذا أردنا أن نعرف الفنان الملتزم فهو الذي يتقبل مسؤوليات إختياره بسلبياته وإيجابياته.
أنا من العالم الثالث ...لا أنت من العالم الثالث فقد كنا هنا منذ ٧ آلاف سنة.
مرضه ووفاته
دخل يوسف شاهين في غيبوبة ونقل إلى المستشفى الأميركي بالعاصمة الفرنسية، ولكن صعوبة وضعه حتّمت عليه الرجوع إلى مصر.
توفي عن 82 عاماً في الساعة الثالثة فجر يوم الأحد 27 تموز/يوليو عام 2008، بمستشفى المعادي للقوات المسلحة في القاهرة، بعد دخوله في حالة غيبوبة لأكثر من 6 أسابيع.
نعاه قصرا الرئاسة في مصر وفرنسا، ووصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالمدافع عن الحريات.