ماجد بو طانوس مصمم أزياء وأستاذ جامعي محاضر، يسعى دائماً إلى التجدد في مسيرته. لم يكتف بالتصميم لكبار الفنانين وللمسلسلات التلفزيونية والأعمال المسرحية، إنما إنتقل الى الملابس الدينية، وتمكن من أن يترك بصمة مهمة وصلت الى الفاتيكان. عرض في روما مجموعة أزياء وصفت بـ "دولتشي اند غابانا الشرق"، ولا يزال في جعبته المزيد من الأفكار والمشاريع التي سيبصر بعضها النور قريباً.
وكان لموقعنا لقاء شيق مع المصمم ماجد بو طانوس:
كيف بدأت مسيرتك المهنية؟
درست تصميم وتنفيذ الأزياء، وبعد حصولي على الإجازة الجامعية إنتقلت إلى دبي للعمل لفترة قصيرة وبعدها عدت إلى لبنان، وفتحت مشغلي الخاص. بدأت بتصاميم الـ "Haute Couture" وفساتين الزفاف. كان لدي شغف بالتصاميم التاريخية وعندما بدأت تعليم تاريخ الأزياء في الجامعة كنت مصمماً أن أدرّس تاريخ الأزياء اللبنانية، وفوجئت عندما لم أجد أي مستند يزودني بالمعلومات عن هذا الموضوع فاستغرق تنفيذ هذا الحلم عشر سنوات من العمل ومن الأبحاث لكي أحضّر دراسة عن تاريخ الأزياء اللبنانية، وعندما حضّرتها استهوتني وهي ترتبط بالمسرح والتلفزيون. ولما بدأت الأزمات في الدول العربية حوالى عام 2000 اتجهت أنا ومعظم المصممين إلى تصاميم الـ"prêt-à-porter". بعدها سافرت إلى باريس للتخصص في الأزياء المسرحية وعدت إلى لبنان وعملت في تصميم الأزياء المسرحية مع الأب فادي تابت، ومع الرحابنة في بعلبك وجبيل، ثم انتقلت إلى تصميم الملابس للمسلسلات التلفزيونية.
هل صممت الملابس للمشاركين في برنامج Dancing With The Stars؟
نعم صممت معظم ملابس المشاركين لموسمين من البرنامج.
كيف انتقلت إلى تصميم الملابس الدينية؟
شاءت الصدف أنني دُعيت إلى المشاركة بعيد ميلاد البطريرك الراعي في ٢٥ شباط/نيسان وتزامنت الدعوة مع عرض لمسرحية للأب فادي تابت، وكان آنذاك مطراناً لمدينة جبيل وقلت للمطران الراعي إنني أتمنى أن نحتفل بانتخابه بطريركاً وإنني سأقدم له بدلة دينية كهدية مني. وبالفعل تم انتخابه بطريركاً وصممت له البدلة كما وعدت، ولاقت صدى كبيراً. وبدأ المطارنة يطلبون مني بدلات لهم لأن البدلات كانت تخيطها الراهبات، وكان إنجازها يستغرق وقتاً طويلاً وطريقة العمل بدائية. بعدها عرض علي أحد المطارنة السفر إلى روما ليطلعني على كل ما يتعلق بالملابس الليتورجية. وكانت النتيجة أنني عشقت تصميم الملابس الدينية إلى حد أنني عشت صراعاً داخلياً، فوجدت نفسي مصمماً للملابس الدينية ومصمماً لفساتين جريئة ولا سيما فساتين الأعراس والمناسبات.ولقد تعرض البطريرك لإنتقادات لأنه يلبس من تصاميمي. ولكن قررت أن أتابع في التصاميم التي تجسد طموحي وقناعاتي أي الملابس الدينية. وأنا الرقم واحد بالنسبة للملابس الدينية في لبنان وعلى المستوى العالمي.
التصاميم الدينية تحتاج الى المعرفة والإطلاع على الألوان ورمزيتها، هل كانت زيارة روما كافية؟
عندما درست تاريخ الأزياء اللبنانية، قرأت المئات من الكتب لأجل الأطروحة وأثناء القراءة في الكتب القديمة ومعظمها مراجع دينية مثل البطرك الدويهي والبطريرك عنيسي، لفتني أن الجيش ورجال الدين يتميزون بلباسهم وهناك مقاييس ومعايير يتبعونها. وكنت بحاجة للإطلاع على الملابس المارونية فقررت أن أدرس اللاهوت بتشجيع من المطران عوكر، وبعد حصولي على الليسانس والـ maîtrise تزودت بالمعلومات الدينية. وأوكل إلي البطريرك الراعي إدارة لجنة فنية ليتورجية تجتمع مع كهنة وراهبات من أجل إختيار الألوان والتصاميم الليتورجية.
هل قرارك نهائي بالنسبة لتصميم الملابس الدينية؟
أخذت القرار ولكني لم أتخل كلياً عن التصاميم الخاصة، فأنا ما زلت أصمم لزبائني لكنني لم أعد أقدم عروضاً للأزياء. عام 2019 صممت مجموعة Androgyn في روما لأن ابنتي تدرس تصميم الأزياء، فقررت إعادة إحياء الملابس العادية لأنها لن تهتم بالملابس الدينية، وكانت المجموعة تتضمن العباءة التي فيها مزيجاً من الشرق والغرب. وكنا في صدد إطلاق مشروع مع المصمم الفرنسي ستيفان رولان لكنه أُرجئ ومن الممكن إطلاقه في حزيران/يونيو او تموز/يوليو وهو تعاون بين ماجد وستيفان للعباءة الشرقية الغربية.
من تستهوي هذه المجموعة خاصة أنك قلت إنها تناسب المرأة والرجل ؟
لاقت هذه المجموعة صدى إيجابياً واستهوت الكثيرين لأنها غريبة ومميزة. لكن جائحة كورونا والإقفال الناتج عنها أثرا سلباً ولا سيما أنها ثياب للمناسبات الخاصة.
أخبرنا عن رحلة إيطاليا والنجاح الذي لفت سفيرة لبنان في روما ميرا ضاهر.
كتبت الصحافة الايطالية عن مجموعة Androgyn أنها غريبة وقالت إنها "دولتشي اند غابانا" الشرق. وبعضهم قال إنها تذكرهم بالعصر الفيكتوري.
قلت في إيطاليا إن النجاح تهديه لبلدك لبنان...
لبنان هو تاريخ وأنا فخور بكوني لبناني. خلقت بالحرب وعملت مع الصليب الاحمر واليوم مع الإنهيار الإقتصادي أخشى أن تعيش إبنتي الظروف الصعبة التي عشتها، ولقد رفضت عروضاً للسفر وفضلت البقاء في بلدي وربما أعيد النظر بسبب الاوضاع.
ماذا عن البدلة التي قدمتها للبابا فرنسيس وفيها ذخائر القديس شربل؟
بعد لقائي في روما بالمونسنيور غيدو ماريني المسؤول عن البروتوكول والحفلات والمناسبات في الفاتيكان، أعربت عن رغبتي بتقديم بدلة للبابا، ولما عرّفت عن نفسي وقلت له أيضا أنني قدمت بدلة للبابا بنديكتوس السادس عشر بواسطة البطريرك الراعي، فقال إن البابا يفضل الاشياء البسيطة، ولما عدت صممتها وبما أنه يحب القديس شربل فكرت بوضع ذخائر من الدرجة الثانية في الصليب الموجود عليها. وعندما رافقت البطريرك الى روما مع المطارنة بمناسبة عيد مار فرنسيس، قدمت للبابا بدلة مع تاج لمار فرنسيس وبطرشين ماروني فيه ذخائر القديسين اللبنانيين الخمسة: شربل، رفقا، نعمة الله الحرديني، اسطفان نعمة، ويعقوب الكبوشي وضعتهم علىجنب البطرشين.
هل مشروع إنشاء مدرسة للتصميم الفني سيبصر النور قريباً؟
المشروع جاهز وكنت بدأت بتحضير دراسة له والتنسيق مع اختصاصيين في باريس، لتكون مدرسة تقنية على الطريقة التي تعتمدها فرنسا ولكي يحصل الطلاب عند تخرجهم على شهادة تقنية. الرخصة جاهزة لكن الوضع في لبنان لا يسمح في الوقت الحالي.
في المعرض الذي أقمته في المعهد الأنطوني حوّلت بدلات دينية لاتينية إلى بدلات مارونية لماذا؟ وما الفرق بين الإثنتين؟
كانت البدلات القديمة منذ القرن التاسع عشر أيقونات، لأن الذين عملوا عليها كانوا يرسمون صوراً للقديسين ويضعونها على البدلات. كانوا يرسمون على الحرير وتعمل الراهبات على تطريزها وكانوا يطلقون عليها peinture à l'aiguille. ومنذ عدة سنوات قررت شراء البدلات القديمة وأدخلت الرسمات الى البدلات الجديدة، وجمعتها وعملت على تحويلها الى بدلات مارونية.
هل صممت للفنانة هيفا وهبي؟
نعم صممت لها "كاب" بمناسبة إنتخاب ملك جمال لبنان في أيلول/سبتمبر 2020 ، وصممت ثياب الشباب المشاركين وكان كاب هيفا باللون الأخضر مثل لون ثياب الشباب.
بعد كل التصاميم التي نفذتها هل هناك مشاريع أخرى ترغب بتحقيقها؟
كل جديد يستفزني. والجديد يجب أن يكون إبتكارًا لا نسخاً والتحدي هو دائماً أن اقدم شيئاً جديداً، وأنا حرصت على إصدار كتاب لكل معرض قمت به. أحد المشاريع والذي توقف بسبب الثورة وهو تكريم للرسامين اللبنانيين الذين رسموا أعمالاً دينية، ويقضي بنقل رسومات الفنانين المعروفين مثل صليبا الدويهي، حنا صادق، أسعد رنو، بول غيراغوسيان وتطريز الرسومات على الحرير وتحويلها الى بدلات دينية. وكنت على تواصل مع مونسنيور في فرنسا وإقترح أن يقام المعرض في كنيسة نوتردام دو باري. وكان الهدف أن تزور البدلات كل العالم والإنتشار اللبناني، لكن المشروع توقف بسبب الأوضاع وبسبب كورونا. المشروع الثاني هو فساتين العمادة الذي سيبصر النور قريباً وربما في تشرين الأول/أوكتوبر او تشرين الثاني/نوفمبر في سيدني وأميركا إذا سمح وضع كورونا.والمشروع الثالث هو مشروع القطعة الفريدة أو القطعة الفنية أتركه لتتصرف به العائلة من بعد وفاتي وسيكون لكل قطعة ميزتها وهي مشغولة بدقة وإتقان، كلها قطع فريدة مشغولة بشكل مميز.
هل ترغب أن تصمّم لشخصية محددة؟
المصمم جندي مجهول. صممت لكبار الفنانين مثل الراحلة صباح، الراحلة سلوى القطريب، ماري سليمان، عاصي الحلاني، والراحل ملحم بركات. وكان الإنطباع السائد أنهم يقدمون للمصمم الشهرة بينما المصمم هو الذي يضيف على شهرتهم. يسعدني أن أعمل معهم ولكنه ليس هدفاً بالنسبة لي.