طوني أبي كرم شاعر غنائي وملحن لبناني مبدع، كتب لأهم الفنانين اللبنانيين وترك بصمة مميزة. تميز مؤخراً بإبتكار شخصية "راجح الثاني" عبر فيديوات. ويقول طوني أبي كرم أن الشاعر في الأزمات يجب أن يتحول إلى شارع، إلى صوت الناس.

وقد خص موقع الفن بهذا اللقاء المميّز:

ما هي قصة راجح الثاني؟ وهل ستستمر مع الأوضاع التي تمر فيها البلاد؟

شخصية "راجح الثاني" ولدت عفوياً، إذ كنت بحاجة لإيصال صرخة الشعب اللبناني بإسم شخصية لبنانية، وخطر على بالي "راجح" الشخصية في "بياع الخواتم" للرحابنة وكان الفنان جوزف عازار يلعب الدور. راجح في المسرحية هو كذبة أو كلمة أصبحت رجلاً. راجح هو فكرة مطبوعة في أذهان الناس وهو إسم لبناني أحببت أن يكون هو الذي يمثل الشعب اللبناني. كنت في استوديو "وايد برودكاست" وطلبت من المخرج عبدو نجّار أن يجهّز الكاميرا، فقال لي أنها جاهزة، وقفت أمامها لمدة 13 دقيقة وكانت صرخة وجع، كانت نوعاً من المواجهة بين أشخاص فاسدين يتحدثون عن جوع الناس، وكيف يشترون الناس ويبيعونهم ويتحكمون بمصيرهم. أنا لا أصرخ فقط إنما أطرح كمواطن لبناني الحلول التي أراها مناسبة. آخر جزء أطلقت عليه اسم "ثورة حقيقية"، بذلك أبحث عن الحلول في الحياة. وطريقة الشعر الذي اتبعتها لم تكن تقليدية وهي مناسبة للجيل الجديد الذي هو بحاجة لأسلوب بسيط من الشعر، فلقد مزجت بين الشعر والنثر ولم أتقيد لا بالقافية ولا بالوزن، إنها حالة تركيبية بالشعر ليكون عفوياً وأنا يريحني هذا النوع بالرغم من أنه أصعب من الشعر الموزون، فأنا بحاجة أن أتبع الفكرة والرسالة بعفوية لكي يشعر المستمع أنه هو الذي يقفل الجمل. لدي صديق وهو مالك لإحدى المدارس معجب جداً بـ"راجح الثاني"، وطلب مني أن أعطي دروساً في الشعر لأن هذا الأسلوب يساعد التلامذة على تحسين التعبير عندهم وعلى استعمال مفردات وقفلها بطريقة جميلة أو المشاركة في ندوة لإلقاء الشعر. بعض الفنانين أعجبوا بأسلوبي ومنهم مروان خوري الذي قال لي "إنه أسلوب رهيب".

تواصلوا معي من الجالية اللبنانية في أستراليا، من أجل أن أحيي أمسية في سيدني لذلك قدمت حلقة عن وضع المغتربين اللبنانيين وعندما تفتح المطارات سأتوجه لإحياء أمسية في أستراليا. وأيضاً تواصلوا معي من الجالية اللبنانية في كندا من أجل إحياء أمسية لديهم، ففي بلاد الإغتراب يتعاطفون بطريقة قريبة من روح المجتمع اللبناني الحقيقي الصادق، بينما في مجتمعنا هنا كلنا فاسدون ومنافقون وكذابون، ربما هذا أسلوب حياتنا لكي نستمر وهذه الحقيقة.

هل انت مع شعار "كلن يعني كلن"؟

في بداية الثورة شاركت بالتظاهرات وكان لي حضور على المسرح وخطبت في ساحة الشهداء وكان عدد المتظاهرين 100000.

وبعد فترة شهدنا الشتم والسباب للسياسيين فغادرت فوراً. أنا ضد الشتم أحب أن أعمم لا أن أخصص، لأنني إذا خصصت شخصاً فهذا يعني أنني برأت الباقيين. أفضل أن أعمم و"كل انسان تحت باطو مسلة تنعرو" أي من يعرف نفسه سيشعر أنه معني، ولدي نظرية تقول إذا قسمنا الناس نصفين نصف سارق وفاسد والنصف الآخر يصرخ ويعترض ولا يستطيع أن يحقق أي شي تبقى الحالة "كلن يعني كلن".

كتبت أغنية للبطريرك صفير هل أنت مستعد لكتابة أغنية للبطريرك الراعي؟

طبعا مستعد، وبامكاني ان أقدم الأغنية نفسها للبطريرك الراعي لأن الخط والأفكار والمقام هو واحد. كتابة الأغنية حصلت بالتنسيق مع صديقة العمر الإعلامية هلا المر، فهي كانت صاحبة الفكرة وفي اليوم ذاته كتبتها ولحنتها وغناها شادي إبراهيم. "سكتت أصوات الحرية ومش باقي غير صوتك طالع"، انطبقت على البطريرك صفير وتنطبق على الراعي وبامكاننا أن نحييها من جديد وأن يتبناها أحدهم.

لماذا لم نر عملاً لـ طوني أبي كرم بعد إنفجار المرفأ؟

طُلب مني مرتين او ثلاث مرات وكتبت ثلاث أو أربع أغانٍ. وللخروج من جو المأساة كتبت ولحنت أغنية "بحبك يا بيروت" وغناها هاني العمري ووزعها بودي نعوم، وهي تحكي عن بيروت الحلوة، بيروت الذكريات، الشوارع، البيوت، الناس الطيبين، جمال بيروت، والفيديو كان من إخراج عبدو نجّار وكانت تجسد بيروت فتاة تلبس الأبيض .

هل تعطي كلاماً أو لحناً لفنان لم تقتنع بموهبته؟

بفضل التقنية الجديدة في الاستوديو التي تسمى "compagnon fidèle" أو "auto tune" لم تعد هناك مشكلة مع النشاز حتى لو كان غير مقبول، وبما أن لكل صوت قياس فما يغنيه ملحم زين لا يقدر أن يغنيه مطرب إمكانية صوته محدودة.

ما رأيك بالأعمال الفنية الجديدة مثل أغنية ميريام كلينك "حط الماسك" وأغاني الحشيشة؟

ما يحدث في الوسط الفني لم نشهده من قبل. أعتقد أن الناس فقدت عقلها وكل منهم يعبر على طريقته، منهم ينتج أعمالاً جيدة والبعض الآخر ينتج أعمالاً سيئة. أنا من جهتي أنتجت "راجح الثاني". وأعتقد أن الشاعر في الأزمات الوطنية يجب أن يتحول الى شارع وليس بالضرورة أن أحرق دواليب، شارع يعني أن أكون صوت الناس، وهذا ما قمت به بكل بساطة وقناعة. كان الأمراء والسلاطين يعينون أول وزير في البلاط الملكي شاعر البلاط، وكان دوره مهماً جداً وغالباً ما كان ينتقد ويهجي، وتكون له دائماً وجهة نظر بما يحدث. تفاعل الناس مع راجح الثاني وأنا بصدد تحديد هدف ما بهذا الخصوص. المحطات التلفزيونية تستضيفني لتسليط الضوء على شخصية "راجح الثاني"، مثل الإعلامي جوزيف حويك على "الجديد" والإعلامية رانيا زيادة على ال "أم تي في" وكذلك لبنان الحر وإذاعة صوت لبنان والمقابلة مع موقع "الفن" مهمة جداً بالنسبة لي، وهذا يعني أن الإعلام يتعاطف معي ويتلقف الرسالة التي أوجهها.

ما الفرق بين أغاني الفنان راغب علامة من كلماتك وأغاني راغب مع كاتب آخر؟

أنا وراغب مشروع صداقة، ونحن نعرف بعض منذ العام 1996 أي حوالى 25 سنة. ولأننا أصدقاء نحضّر أغاني جميلة. وجلسات تحضير الأغاني مع راغب مميزة، ننكب على التلحين ونعدّل لنصل إلى الأفضل. أحب راغب كصديق ومهما كان اختياره للأغاني مع الآخرين لا يزعجني الأمر، المهم أن يكون ناجحاً وتحب الناس العمل. أنا وراغب بفرد روح.

هل تعاملت مع فنانين نكروا الجميل ؟

الوفاء ميزة غير متوفرة في الوسط الفني، المصالح والمصالح المشتركة هي السائدة. أنا مع نظرية المصالح المشتركة من دون استغلال ومن دون اللجوء الى قلة الوفاء.

هناك قول للراحل الموسيقار ملحم بركات يقول إن النقد إن كان سلبياً أو إيجابياً فهو يفيد، ما رأيك؟

أحياناً النقد السلبي ليس مفيداً من أشخاص نقدهم يهدم ولا يبني وهذا ما لا أسمح به، وأنا أؤيد الموقف الهجومي ضدهم لأن الموقف المدافع عن النفس يدل على الضعف.

ماذا تقول عن الفنانين المذكورين بكلمة؟

راغب علامة: رفيق عمري.

فارس كرم: بياخد العقل.

إليسا: بتجنن.

نانسي عجرم: poupée العالم الفني.

نجوى كرم: قمة الاغنية العربية.

وبغض النظر عن الإشكالات التي حصلت مع أي منهم لا يمكنني أن أتجاهل أن لكل منهم جمهوره وحضوره.

ما رأيك بالبيان الذي أصدره مجلس نقابة الفنانين المحترفين والذي يدعي لعدم التعرّض والتجريح بالأحزاب والتيارات والحركات والمذاهب ورموزها؟

لم اقرأ البيان ولا يهمني بيان النقابة لأنني أنتمي الى "sacem paris"، بطاقتي من فرنسا بإشراف المحامي الأستاذ سمير تابت. وفي مجلس المؤلفين والملحنين أنا رئيس لجنة العلاقات العامة برئاسة المؤلف الموسيقي أسامة الرحباني، وأنا لا أؤمن بالمؤسسات اللبنانية أبداً مع احترامي للاشخاص الموجودين في هذه النقابة.