هو أديب ومسرحي سوري إنطلق من بيئة فقيرة في الساحل السوري، ووصل إلى العالمية من خلال كتاباته المسرحية ومساهماته الأدبية، في مرحلة تاريخية مفصلية وقاسية من تاريخ الشرق الأوسط.
إبتدع سعد الله ونوس أجمل ملجأ لكل من حاول التغيير وشعر بالإنكسار، هذا الملجأ الفسيح الأرجاء، اللامحدود الأركان، هو الأمل، فأهم ما كتبه وأصبحت جملة متداولة بكثرة "إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ".
نشأته
ولدسعد الله ونوسفي قرية حصين البحر، التابعة لمدينة طرطوس في سوريا، يوم 27 آذار/مارس عام 1941، ودرس الشهادة الإبتدائية في مدرسة القرية، ثم تابع الدراسة في ثانوية طرطوس حتى الشهادة الثانوية، وفي فترة مبكرة بدأ يقرأ ما تيسر له من الكتب والروايات، وكان أول كتاب إقتناه وعمره 12 سنة هو "دمعة وابتسامة" لجبران خليل جبران، ثم نمت مجموعة كتبه وتنوعت بين طه حسين، عباس محمود العقاد، ميخائيل نعيمة، نجيب محفوظ، يوسف السباعي، إحسان عبد القدوس وغيرهم.
أولى مسرحياته
في عام 1959 حصلسعد الله ونوسعلى الثانوية العامة، وسافر إلى القاهرة في منحة دراسية للحصول على ليسانس الصحافة من كلية الآداب في جامعة القاهرة، وأثناء دراسته وقع الإنفصال في بين مصر وسوريا ما أثر كثيراً عليه، وكانت هذه الواقعة بمثابة هزة شخصية كبيرة أدت إلى أن يكتب أولى مسرحياته، والتي لم تنشر الى الان، وكانت مسرحية طويلة بعنوان "الحياة أبداً" عام 1961.
في عام 1962 نشر في مجلة الآداب مقالاً حول الوحدة والإنفصال، وكذلك العديد من المقالات في جريدة النصر الدمشقية.
وفي عام 1963 حصل على ليسانس الصحافة، وإنتهى من إعداد دراسة نقدية مطولة عن رواية "السأم" لألبرتو مورافيا ونشرها في "الآداب"، وفي المجلة نفسها نشر مسرحيته "ميدوزا تحدق في الحياة".
العودة الى دمشق وأول مجموعة مسرحيات قصيرة
بعدها عاد سعد الله ونوس إلى دمشق وتسلم وظيفته في وزارة الثقافة، وفي عام 1964 تصاعد نشاطه الأدبي ونشر 3 مسرحيات قصيرة في "الآداب" البيروتية و"الموقف العربي" بدمشق، وهي مسرحيات "فصد الدم" و"جثة على الرصيف" و"مأساة بائع الدبس الفقير"، إضافة إلى العديد من المقالات والمراجعات النقدية.
وفي عام 1965 صدرت أول مجموعة له من المسرحيات القصيرة عن وزارة الثقافة، بعنوان "حكايا جوقة التماثيل"، وقد ضمت المجموعة 6 مسرحيات منها "لعبة الدبابيس"، "جثة على الرصيف"، "الجراد" و"المقهى الزجاجية".
نكسة حزيران
في عام 1966 حصل سعد الله ونوس على إجازة دراسية من وزارة الثقافة، وسافر إلى باريس ليطلع على الحياة الثقافية هناك ويدرس المسرح الأوروبي، ولم يكتف بالمشاهدة والدراسة فقد نشر في مجلتي"الآداب" و"المعرفة" وجريدة "البعث" عدداً من الرسائل النقدية، عن الحياة الثقافية في أوروبا.
وقد كانت نكسة حزيران عام 1967 بمثابة الطعنة المسددة في حياته، أصابته بحزن شديد خصوصاً أنه تلقى النبأ وهو بعيد عن وطنه وبين شوارع باريس، فكتب مسرحيته الشهيرة "حفلة سمر من أجل خمسة حزيران"، ثم مسرحية "عندما يلعب الرجال"، وتم نشرهما في مجلة "المعرفة" مع عدد من الدراسات، التي نشرت في مجلة "الطليعة" الأسبوعية السورية.
وفي نهاية ذلك العام، عاد إلى دمشق وعهدت وزارة الثقافة إليه بتنظيم مهرجان دمشق المسرحي الأول في شهر أيار/مايو، وبالفعل أقيم المهرجان وتم تقديم أول عرض مسرحي له من إخراج علاء الدين كوكش، وكانت مسرحية "الفيل يا ملك الزمان"، التي كان قد انتهى من كتابتها عام 1969 قبل بدء المهرجان بفترة وجيزة، كما أخرج رفيق الصبان "مأساة بائع الدبس الفقير"، وتم تقديم العملين في عرض واحد خلال المهرجان.
وفي عام 1970 أجرى حوارين مع المؤلفين برنار دورت وجان ماري سيرو، نشرا في مجلة "المعرفة" وكذلك أصدر بيانات لمسرح عربي جديد، وإختتم العام بنشر مسرحيته "مغامرة رأس المملوك جابر".
أعماله
في عام 1972 كتب سعد الله ونوس مسرحية "سهرة مع أبي خليل القباني"، وعام 1976 ترجم كتاب "حول التقاليد المسرحية" لجان فيلار، وأعد "توراندوه" عن مسرحية لبريخت تحمل العنوان نفسه، وترجم وأعد "يوميات مجنون" لجوجول.
بعدها حصل على منصب مدير المسرح التجريبي في مسرح القباني، وكان عليه أن يؤسس هذا المسرح ويضع برنامجه.
في عام 1977 نشر في ملحق جريدة "الثورة" الثقافي عددين لمسرحية "الملك هو الملك"، التي أخرجها بعد فترة المخرج المصري مراد منير وعرضها في القاهرة ودمشق، حيث حضر ونوس العرض في دمشق وهو يعاني من السرطان.
كما نشر في عام 1977 دراسة "لماذا وقفت الرجعية ضد أبي خليل القباني"، وعرض "يوميات مجنون" في المسرح التجريبي، من إخراج فواز الساجر، وأسس ورأس تحرير مجلة "الحياة المسرحية" عام 1978، وقدم مسرحية "رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة"، وهي إعادة تأليف لمسرحية بيترفايس، ثم ترجم مسرحية "العائلة توت" عام 1979.
إصابته بالسرطان
بعد إصابة سعد الله ونوس نوس بمرض السرطان في أوائل التسعينيات، لم يستسلم له وعاد إلى الكتابة بعد فترة توقف طويلة شملت معظم الثمانينيات، فقدم أعظم أعماله ومنها "منمنمات تاريخية" و"الليالي المخمورة" و"طقوس الإشارات والتحولات"، التي تم عرضها في لبنان ومصر بعد وفاته، من إخراج المخرجة اللبنانية نضال الأشقر والمخرج المصري حسن الوزير.
لعل سعد الله ونوس كان يشكل بالنسبة لعدد لا يحصى من المثقفين والمبدعين الضمير المعلن والقادر على المصارحة والتصريح العلني، في مشهد الصمت، وكان أحد علامات الضمير الشجاع.
توفي قبل تسلمه جائزة نوبل
في عام 1997 طلبت اللجنة المنظمة لجائزة نوبل للآداب من إدارة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم، إبلاغ سعد الله ونوس بنيله جائزة نوبل للآداب، وذلك عن ترشيح المجمع العلمي بحلب، ثم أجمعت على صحة الترشيح الأكاديميتان الفرنسية والسورية، لكن الموت غيّبه يوم 15 أيار/مايو عام 1997 بعد صراع مع السرطان، أي قبل أيام قليلة من هذا الخبر، فلم ينل الجائزة، فرحل مخلفاً إرثاً كبيراً من المسرحيات والروايات والقصص القصيرة، التي ترجم الكثير منها إلى 6 لغات حول العالم.
معلومات قد لا تعرفونها عن سعد الله ونوس
كلف المعهد الدولي للمسرح، التابع لليونسكو، سعد الله ونوس بكتابة "رسالة يوم المسرح العالمي" لعام 1996، وكتب هذه الرسالة التي ترجمت إلى لغات العديد من بلدان العالم، وقرئت على مسارحها.
ذكرت زوجته أنه لم يترك الكتابة والورق والأقلام، حتى في أيامه الأخيرة بالمستشفى، وهو يودع الحياة.
كُرّم في أكثر من مهرجان، منها القاهرة للمسرح التجريبي وقرطاج الدولي.
تسلم جائزة سلطان العويس الثقافية، عن المسرح في الدورة الأولى للجائزة.
تُرجمت الكثير من أعماله إلى الفرنسية والإنكليزية والروسية والألمانية والبولونية والإسبانية.