نوستراداموس أو ميشيل دي نوسترادام، ولد يوم 14 كانون الأول/ديسمبر عام 1503، وفقاً للتقويم القديم بسان ريمي دي بروفانس في جنوب فرنسا.
عام 1512 تخلت الأسرة عن الديانة اليهودية وإعتنقت العقيدة الكاثوليكية، وكان نوستراداموس يبلغ من العمر 9 سنوات، وأدرج والده في الجماعة المسيحية الجديدة.
هو صيدلاني ومنجم فرنسي، نشر مجموعات من النبوءات في كتابه "Propheties" أي "النبوءات" عام 1555، وأصبحت منذ ذلك الحين مشهورة في أنحاء العالم.
ويحتوي الكتاب تنبؤات بالأحداث التي إعتقد أنها ستحدث في زمانه وإلى نهاية العالم، الذي توقع أن تكون في عام 3797 م، وكتب توقعاته للأحداث على شكل رباعيات غير مفهومة.
منذ نشر هذا الكتاب الذي نفدت طبعاته، إستقطب نوستراداموس مجموعة من المؤيدين، الذين نسبوا له تنبؤ العديد من الأحداث الكبرى التي حصلت في العالم، كنتائج لتفسير رموز الكتاب المقدس Bible code، فضلاً عن أعمال تنبؤية أخرى مزعومة.
معظم المصادر الأكاديمية تتحفظ على أن الجمع بين الأحداث العالمية وتنبؤات نوستراداموس في الرباعيات هي نتيجة لسوء فهم أو إساءة الترجمة، كدليل على أي قدرة تنبؤية حقيقية. ولا دليل على تفسيرات واضحة لرباعيات نوستراداموس والأحداث المستقبلية.
وهي تنبؤات تم ترجمتها لإثباتها لاحقاً، ولم يُعرف عن طبيعة الأحداث التي تنبأ بها، إلا بعد ما حدثت.
طفولة نوستراداموس
كان نوستراداموس الإبن الأكبر وكان له أربعة أخوة، ولمع بفضل الذكاء الذي كان يتمتّع به وهو لم يزل في أول شبابه، كما إهتم جدّه جان بتعليمه القواعد اللاتينية والإغريقية والعبرية وأصول الرياضيات والتنجيم، الذي يسميه نوستراداموس "العلم السماوي".
عندما توفي جدّه عاد إلى دار والديه في شارع باري، فحاول جدّه الآخر مواصلة تعليمه، وبعد ذلك بوقت قصير أرسل إلى بلدة أفينيون للدراسة، وبسبب إهتمامه بعلم التنجيم أصبح هو الحديث بين زملائه وكل من حوله.
أيد النظرية الكوبرنيكيّة التي تقول "أن العالم كروي ويدور حول الشمس قبل مقاضاة غاليليه -غاليلو بسبب الاعتقاد عينه قبل أكثر من 100 سنة.
وبسبب ذلك، أرسله والده عام 1522 لدراسة الطب في مدينة مونبيلييه، وحين كان في 19 من عمره، ولأنه كان قلق عليه لأن في حينها ساد عصر محكمة التفتيش Inquisition، كان موقع اليهود في السابق ضعيف جداً.
نوستراداموس الطبيب
كان الطاعون متوطناً في جنوب فرنسا في القرن السادس عشر، وبشكل خاص نوع خبيث يعرف محلياً بإسم "الطاعون الأسود"، وإستطاع بفضل شجاعته وإنسانيته مواجهة المرض ومعالجة المرضى والفقراء.
وفي عام 1525 ذاع صيته بإعتباره رجل الشفاءات، وهو لا يزال في بداياته، وإرتحل من مدينة إلى أخرى موزعاً أدويته الخاصة على المصابين. وكشف نوستراداموس عن بعض تركيبات هذه الأدوية في كتاب نشره عام 1552، فإنتقل من ناربون إلى كاركاسون ثم تولوز إلى بوردو ثم عاد إلى أفينيون مسقط رأسه، حيث مكث لعدّة شهور.
وبعد 4 سنوات عاد إلى مونبيلييه لإستكمال الدكتوراه في 23 تشرين الأول/أكتوبر عام 1529، وكان يواجه صعوبة في شرح أدويته وعلاجاته غير التقليدية، وبسبب نجاحه واجه العديد من أعداء بين زملاء كليته، ثم نال شهادة الدكتوراه، لكن نظرياته في ذلك الوقت منها "رفضه استنزاف دماء المرضى"، سببت له المشاكل لذلك بدأ مرحلة جديدة من التطواف.
الى حين تسلم رسالة من جوليوس سيزار سكاليغر، ثاني أشهر فيلسوف في أوروبا، ودعاه للإقامة في بيته الخاص في آغن، وقد أعجب نوستراداموس بهذه الحياة كثيراً.
زوجات نوستراداموس والصدمات
لم يستمر نوستراداموس في حياته وحيداً، فقد تزوج من ماري جورج وهي فتاة من طبقة إجتماعية رفيعة المستوى في عام 1534، تميّزت بقدر كبير من السحر والجاذبية.
وأنجبت له ولد وإبنة، لكن وصول الطاعون إلى "آغن" سلبه زوجته وطفليه، رغم محاولاته العديدة لإنقاذ حياتهم، وخسارته لعائلته تركت أثراً كبيراً في مسار مهنته.
ثم تزوج من إمرأة أخرى في العقد الخامس من عمرها، فتأثرت بالطاعون وماتت هي الأخرى، فتزوج من ثالثة ثم ماتت، وحرّم من بعدها الزواج على نفسه.
لكن حين قرر نوستراداموس الإستقرار في صالون عام 1550، تزوج من آن بونسار غيميل، وهي أرملة ثرية ولا يزال مسكنها الذي قضى فيه بقية حياته بالقرب من بلاس دي لا بواسونيري، وبفضل الحياة الهادئة إستطاع أن يركز أكثر على البصيرة والكتابة.
نوستراداموس والتنبؤات
نبوءة الراهب
رأى في إيطاليا راهباً شاباً اسمه "فيليتش بيرتي"، كان يعمل مربياً للخنازير، فركع أمامه مباشرة وناداه قائلاً: "قداستكم"، وبالفعل أصبح ذلك الراهب بعد وفاة نوستراداموس، سيكستوس الخامس Sextus V عام 1585.
نبوءة هنري الرابع
في عام 1550، إنتقل نوستراداموس إلى مدينة "صالون" الفرنسية، وبدأ كتابة نبؤاته، وطلب رؤية شامات موجودة على جسم صبي في الحاشية الملكية، إلا أن الصبي خجل وهرب.
توجه في اليوم التالي لرؤيته وهو نائم، ثم أعلن بعد ذلك أن هذا الصبي سيكون في يوم من الأيام ملكاً على فرنسا، على الرغم من أن كاترين كان لها ولدان على قيد الحياة وكان ذلك الصبي، هو الذي أصبح فيما بعد الملك "هنري الرابع".
وبعد عام 1550 أنتج "تقويماً سنوياً"، وبعد عام 1554 أنجز "التكهنات" La Prognostications، وبعدهما ألّف كتاب "التنبؤات".
حوّل نوسترادموس الغرفة العلوية من منزلهِ في بلدة صالون إلى غرفة مطالعة، وكان كما يخبرنا في التنبؤات يعمل في الليل بكتبهِ الخاصة بالغيبيات، كما أنه أحرق الكثير منها فور إنتهائه من تأليفها، وتعود الأسباب الى أنه كان يحاول تضليل السلطات الكنسية.
نبوءة موت الملك
تنبأ نوستراداموس بموت الملك، فأرسلت الملكة كاترين دي ميتشي في طلبه إبان الثورة، وتنبأ بمجموعة من التنبؤات تغطي فترة 450 سنة من مستقبل العالم، معظمها عن فرنسا والكنيسة والمقام البابوي بإعتباره كان فرنسياً من ناحية ومسيحياً من ناحية ثانية. إعتبر سنة 1792 بداية لعهد جديد، وذلك في رسالته إلى الملك الفرنسي هنري الثاني، مشيراً بذلك إلى أهمية تلك السنة وخطورتها، وهي سنة إعلان الجمهورية الفرنسية، والتي بداية النهاية لعصر السلطة الكنسية والمسيحية بشكل عام في أوروبا، وهي واحدة من نبواءاته التي تحققت وواحدة من النبوءات النادرة جداً، التي يذكر فيها تاريخاً محدداً لحادثة ما.
توقعات نوستراداموس لعام 2021
كشفت صحيفة "ذا صن" البريطانية في تقرير لها يسلّط الضوء على نبوءات نوستراداموس، التي تقول إن روسيا ستطوّر سلاحاً بيولوجياً ينتج فيروسات قادرة على تحويل البشرية إلى ما يشبه "الزومبي" في أفلام الخيال العلمي، أي "نصف أحياء".
وذكر في نبوءة أخرى: "سيموت الآباء والأمهات من أحزان لا نهائية، وسيعم الحداد".
وأضاف: "ستتعرض الأرض لأضرار جسيمة، حيث ستشهد عواصف شمسية كبيرة.
وتوقع أن يضرب مذنب الأرض أو يقترب جدا من كوكبنا، وهو ما سيسبب زلازلاً وكوارث طبيعية، وقال: "سنرى في السماء نارا وشرارات عديدة".
وقال نوستراداموس أيضاً في إحدى نبوءاته السلبية لعام 2021، إن زلزالاً كبيراً سيضرب كاليفورنيا، والتي وصفها بـ"الأراضي الغربية في العالم الجديد"،.
وحذر من أن 2021 سيكون أكثر خطورة من اعام 2020، إذ قال: "بعد مواجهة مشكلة كبيرة، سيواجه العالم مشاكل أخرى أخطر. مجاعة ودماء ونيران تؤجج السماء".
كتاب "التنبؤات"
في عام 1555 أكمل نوستراداموس الجزء الأول من كتابه الخاص بالتنبؤات، الأشعار مكتوبة بأسلوب مبهم وغامض وتتضمن مفردات من لغات متعددة، منها اللاتينية البروفنسالية والإيطالية والإغريقية.
وقصد ذلك حتى يتجنب مقاضاته على أنه ساحر أو مشعوذ، فقد قصد خلق حالة من الإرباك في تسلسل التنبؤات، فلا تنكشف أسراره للناس العاديين.
وجدت النسخة الاصلية عام 1555، ثم توالت النسخ الأخرى عنها في القرن السادس عشر.
وعادت هذه النبؤات الى الواجهة، بعد ظهور أدولف هتلر، الذي جاء في النبؤات إسمه "هيستر"، وكان نابليون بونابرت يحمل كتاب النبؤات دائما معه، وكذلك هتلر الذي إستعاره من زوجة إعلامه ودعايته غوبلز، كما كان لا يفارق مكتب الوزير الأول لإليزابيث الأولى ملكة بريطانيا، ووجد أيضاً في مكتبة الفاتيكان، وترجم إلى مئات من اللغات المتداولة.
وفاته
عانى نوستراداموس من النقرس حتى تحول إلى داء الاستسقاء، فأدرك بوصفه طبيباً أن نهايته قريبة، فكتب وصيته في السابع عشر من حزيران/يونيو عام 1566. وفي الأول من تموز/يوليو عام 1566، أرسل في طلب القس المحلي، ووجدت جثته في صباح اليوم التالي (2 تموز/يوليو عام 1566)، كما توقع بنفسه، وترك مبلغاً كبيراً من المال علاوة على ممتلكات عينية أخرى.
وعندما توفي دفن واقفاً في جدار في أحد جدران كنيسة كورديلييه في بلدة "صالون"، لكن جثته تعرضت للنبش من قبل الجنود بعد أن أخرجوا نعشه إبان الثورة الفرنسية، فأعيد دفن جثته في الكنيسة الأخرى في "صالون"، وهي كنيسة سان لوران St. Laurent، ولا يزال يمكن رؤية قبره وصورته الشخصية المرسومة هناك.