كانت الصدفة عنوان دخوله عالم الفن، والوقوف أمام نجم الكوميديا محمد هنيدي في فيلم "مبروك رمضان أبو العلمين حمودة"، واستطاع بعد ذلك أن يثبّت أقدامه ويصل إلى العالمية التي لطالما حلم بها الممثل الشاب أمير المصري، الذي حصد العديد من الجوائز، فقد فاز فيلمه البريطاني "Limbo" للمخرج بن شاروك، بجائزة أفضل فيلم، من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ 42، وأيضاً جائزة هنري بركات لأحسن إسهام فني، كما فاز بجائزة الاتحاد الدولي للنقاد "فيبريسي". وفي هذا الحوار الخاص فتح أمير المصري قلبه لنا وتحدث عن مواضيع عديدة.
فلنبدأ بكواليس رحلتك إلى العالمية التي لطالما حلمت بها..
درست علم نفس الجريمة ثم اتجهت إلى دراسة التمثيل، وشاركت في الفيلم الأميركي "حرب النجوم"، وهي سلسلة أفلام انطلقت عام 1977 من تأليف وإخراج جورج لوكاس، وكنت مجبراً على العمل في سرية تامة من دون إعلان حصولي على دور في المسلسل الأشهر منعاً لتسرب معلومات عن العمل السينمائي، وصورت الفيلم حتى أني مُنعت أن أقول لأهلي وأصحابي ومدير أعمالي، وكنت أقوم بدور ضابط في الفيلم.
وخلال 8 أشهر لم أستطع أن أخبر أحداً بماذا أعمل، أحفظ السيناريو قبل التصوير بساعات، حتى أني لم أتمكن من قراءة السيناريو إلا في الاستوديو وكان هناك شخص بجانبي يراقبني، وظل الحال هكذا لمدة أسبوعين.
وتلك المشاركة هي التي أهلتني لتقديم دور البطولة في فيلم "LIMBO" البريطاني، وتدور أحداث الفيلم حول شخصية عمر، شاب موسيقي وله مستقبل واعد، يبتعد عن أسرته السورية إلى جزيرة اسكتلندية في انتظار نتيجة طلب اللجوء، الفيلم يكشف كيف هو مؤثر تعدد الثقافات من خلال معاناة أحد اللاجئين.
ما هي الصدفة التي كانت السبب في دخولك مجال التمثيل؟
كانت مسألة حظ، كان والدي في فرنسا وقابل الممثل الراحل عمر الشريف بالصدفة، فألقيت السلام عليه، وسألته كيف أصل إلى هوليوود؟ وبالطبع كان المثل الأعلى بالنسبة لي، فقد قام بأداء أدوار ألمانية وأميركية وفرنسية، ولكنه قال لي:"لازم تبدأ في بلدك لأنهم من سيدعمونك ويبقون وراءك".
وبعدها قدم لي دعوته لحضور عرض فيلم "حسن ومرقص" في فرنسا، وقال لي أنه لا يرغب بالذهاب إلى العرض الخاص لفيلمه وعرض علي أن أذهب، فذهبت وعندما دخلت جلست إلى جانب الأستاذ يوسف معاطي، وبعدما انتهى الفيلم شكرته وقلت له أعجبتني المقارنة بين المسلم والمسيحي، فقال لي معاطي: "أتجيد اللغة الإنكليزية إذ أني أعمل على فيلم وأحتاج إلى شخص يلعب دور شاب اسمه رمزي، فهل ترغب بالدور والقيام بتجربة الأداء "كاستينغ"؟" عندها أجبته: أكيد." ولم أكن وقتها قد درست التمثيل، وقمت بتجربة الأداء، فنلت إعجابهم ووافقوا علي، والأستاذ محمد هنيدي يحب الارتجال، وبعد تجربة الأداء "كاستينغ" قلت له أن يعطيني النص ولكنه أجابني: "دعك من النص أنا أريدك مثلما أنت". لقد رأوا فيّ الشاب الذي يتكلم الإنجليزية والعربية بشكل "مكسر"، والأستاذ هنيدي يحب أن يرفع الذي أمامه في التمثيل، ومن هنا جاءت مشاركتي في "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة".
من أين جاء ترشيحك في فيلم "Limbo"؟
عرض وكيل أعمالي السيناريو عليّ، وفي البداية كنت متردداً في الموافقة ومتخوفاً من أن يُظهر الفيلم شخصية العربي بشكل سيئ كما يحدث في الكثير من الأفلام الأجنبية، إلا أنني تفاجأت بعد قراءة السيناريو، لأن التركيز على الشخصية العربية كان أكثر من البريطانية، وحرص المخرج على أن تكون شخصية "عمر" قوية وجريئة والذي لا ينسى بلده أبدًا، ويحلم دائمًا بالعودة إلى موطنه، ولا يحتاج أو يفكر في البقاء ببريطانيا، وكان ذلك أكثر شيء جذبني للعمل والشخصية.
ما هي العوامل التي جذبتك لشخصية "عمر" في الفيلم؟
تقديم شخصية عربية مؤثرة في الأحداث، على عكس السائد أو المنتشر في الأفلام الغربية التي تميل لاختيار الشخصيات المصرية كمساعد أو داعم للبطل الأجنبي.
ما أصعب المواقف التي واجهتك خلال تصوير "Limbo"؟
تعذبت خلال التصوير لأننا كنا نصور في أماكن بغابات اسكتلندا، ووصلت درجة الحرارة فيها إلى تحت الصفر، وكنت أرتدي "تي شرت وجاكيت" فقط، ولم يكن بمقدورنا إستعمال الهواتف أو الإنترنت لأنه لم يكن هناك أية شبكة للإنترنت. وكنت أعيش وحدي لا أسمع غير صوت الصمت والذي كان مزعجاً أكثر من صوت الضجة بمراحل كثيرة. ولكني أحببت هذه التجربة، لأني في حياتي كلها لم بنتابني هذا الشعور الحقيقي وقد تعلمت من الموضوع أشياء عديدة منها الصبر. والجدير ذكره أن هذه كانت توجيهات المخرج طوال الوقت، أي بأن أشعر بكل شيء وأتعذب لكي تكون النتيجة حقيقية، حتى أنه أوصاني بأن أسافر إلى الجزيرة في السيارة وليس بالطائرة لأرى الحياة وأتأمل فيها.
ماذا تعلمت من تجربتك في الفيلم؟
تغيرت كثيراً واكتشفت أنه من المفترض أن نتحلى بالصبر في كل شيء نقوم به. والحياة سهلة وبسيطة ولا نحتاج لأمور كثيرة لكي نكون سعداء وراضين فيها.
كيف قمت بالاستعداد لشخصية "عمر"؟
تعلمت العزف على العود، وقابلت شخصيات حقيقية للاجئين بمعدل مرة أسبوعيًا، أثناء التحضير لشخصية "عمر"، وبما أني كنت أجلس معهم وكانوا يتكلمون معي بثقة عن تجربتهم فإن ذلك كان بمثابة دفعة قوية لي، كما إنني لاحظت أن العرب دومًا ما يتسمون بخفة الظل حتى في أصعب المواقف والظروف، وهذا ما وجدته في أحاديثهم حتى وهم يحكون قصصاً صعبة تحمل كثيرًا من المعاناة والألم.
إلى أي أدوار ينجذب أمير المصري؟
أبحث في مسيرتي الفنية عن التحدي الجديد الذي أخوضه في كل عمل أشارك به بغض النظر عن هويته، ولا أبحث عن الشهرة، لأن الحياة أبسط من ذلك، وأنا ممثل أحب تقديم قصص مختلفة فقط، لذلك أبحث عن أفضل الشخصيات الدرامية بالنسبة لي.
حدثنا عن مشاركتك في الأعمال الأجنبية؟
أكون سعيداً طبعاً بتجسيد أدوار أجنبية مختلفة من خلال الشاشتين الفضية والذهبية، في اَخر 4 أو 5 أعوام، إلى جانب الشخصيات العربية التي دومًا ما أفتخر بتقديمها.
كيف وصل أمير المصري إلى العالمية؟
وصولي للعالمية جاء بعد صبر وإتقان لعملي، ومشاركتي في الأعمال الأجنبية تكون من أجل عودتي إلى مصر من جديد بخبرات أكثر.
هل قررت الابتعاد عن المشاركة في الأعمال الفنية المصرية؟
أنا أحب العمل في مصر، ولا أهتم إذا كان العمل الذي أقدمه في الخارج أو الداخل، ولكن يهمني المحتوى الذي يقدم للجمهور، وجودي في الخارج والسعي للعالمية لا يمنع مشاركتي في أعمال مصرية، ولكن سوء الحظ دائمًا ما يكون هناك أزمة في جدول الأعمال الذي أرتبط به، حتى أنه عُرض علي مؤخرًا مسلسل مهم لأشارك به، ولكن الوقت لم يكن متاحًا بالنسبة لي، لتعاقدي على أعمال أخرى في الخارج.