رولان ديك مهندس لبناني مغترب في كندا، هكذا يحب أن يعرّف عن نفسه، لكنه إختار العمل التطوعي كما يقول ويؤكد، من أجل خدمة بلده لبنان، وإعلاء شأنه وصورته حول العالم.
في رصيده العديد من الإنجازات التي عمل عليها بجهد من أجل تحقيقها خدمة لبلده، أهمها فتح قنصلية لكندا في لبنان من أجل تسهيل معاملات الهجرة للبنانيين، بدلاً من أن تكون في سوريا، إضافة إلى تكريس الوجود اللبناني في كندا، وتحديداً في مقاطعة "كيبيك"، برفع تمثال المغترب اللبناني في مونتريال، وغيرها الكثير من الإنجازات التي خولت رولان ديك نيل جائزة فخر العرب 2020، التي أقيمت فعالياتها مؤخراً في برج العرب في دبي، عن فئة المبادرات المتميزة لأصحاب الكفاءات من المتميزين العرب في بلادهم، أو في بلاد الإغتراب.
في هذه المقابلة، كان لنا حديث مع رولان ديك عن نيله هذه الجائزة، وعن مواضيع عديدة.
بدايةً مبروك نيلك جائزة "فخر العرب"، ماذا تعني لك هذه الجائزة؟
تعني لي الكثير، لأن هذه الجائزة أتت بعد تعب كبير عمره سنين، وهو تعب من أجل لبنان الذي نحبه.
فأنا مهندس لدي مكتبي الصغير، وكل العمل الذي قمت به والمبادرات كانت من منطلق تطوعي، أخذت الكثير من وقتي، والوقت الذي كان يجب أن أعطيه أكثر لأولادي وعائلتي، وكله من أجل بلدي لبنان.
كنت نلت في السابق العديد من الجوائز، منها جائزة الملكة إليزابيث في الذكرى الخمسين لها، ولكن الجائزة لم تعنِ لي بقدر هذه الجائزة، لأنها بوضعي أنا أتت لشخص تعب كثيراً، وضحى كثيراً من أجل هذا البلد.
هل يحزنك كونك لا تُكرَّم في بلدك لبنان، أو لأنك لم تنل هذه الجائزة منه؟
طبعاً يحزنني هذا الأمر، ومعروف أن هذا لبلد لا يكرم فنانيه وكباره، وكل الأشخاص الذين تعبوا من أجله لا يكرمون إلا بعد مماتهم، فهناك الكثير من اللبنانيين المغتربين ضحوا وتعبوا من أجل صورة لبنان الحضارية والمشرقة والمشرّفة بعكس سياسييه، ولكن هم لا يرون فيهم إلى الدولار والـFresh Money.
بالتزامن مع نيلك هذه الجائزة المهمة كلبناني مغترب، لبنان يمرّ بأصعب مرحلة في تاريخه، ما تعليقك؟
لذلك كنت أتحدث عن دور الإغتراب اللبناني، فنحن لم نأخذ مشاكلنا معنا كلبنانيين إلى الإغتراب، وأذكر هنا ما حصل في حرب تموز عام 2006، كنت أنتمي حينها إلى حزب المحافظين الذي كان في الحكم، وحينها قمنا بالمستحيل من أجل إجلاء جميع الناس الذين يحملون الجنسية الكندية من لبنان، وأنا كنت من ضمن مجموعة صغيرة ضغطت على الحكومة الكندية حتى صرفت 80 مليون دولار من أجل هذا الأمر، ولم يكن هناك حينها تمييز بأن هذه المناطق تُقصف وتلك لا، فعندما تقع المصيبة على لبنان، نكون كلنا إلى جانب بعضنا البعض ويداً واحدة، الإغتراب كان له الدور الأكبر في خلاص لبنان، وبكل الأوقات.
ما هو الإنجاز الذي عملت عليه ويعني لك الكثير؟
أكثر إنجاز آلمني، هو إنجاز التمثال اللبناني الذي كنا نريد وضعه، وحينها رفضت بلدية مونتريال، فكرته إنطلقت في العام 2007 تخليداً لذكرى الوجود اللبناني في كيبيك، ولكن البلدية رفضت الأمر رفضاً قاطعاً، بإعتبار أنه ليس هناك ما يسمى بالوجود اللبناني، فحينها إنزعجت وحزنت كثيراً.
وبعدها أخذ مني الموضوع حوالى الـ3 سنوات من العمل والضغط والتعب، وكله عمل تطوعي كما قلت سابقاً، حتى إستطعت أن أصلّح هذا الأرشيف لبلدية مونتريال عن لبنان والوجود اللبناني، وتمّ وضع التمثال، وكرّس الوجود اللبناني، وربحنا أول عضو في بلدية.
والإنجاز الثاني الذي أفتخر به، هو نقل معاملات الهجرة للبنانيين إلى كندا، من سوريا إلى قنصلية لبنان، وطلب مني حينها شرط تعجيزي وهو توقيع 20 ألف لبناني، وهو ما أنجزته بالفعل، وكنا أول مجموعة إثنية في كندا تقوم بإحتفال لتسليم الجنسيات الكندية للناس الجدد، وخلال هذا الإحتفال حضر وزير الهجرة الكندي، وأعلن نقل معاملات الهجرة للبنانيين إلى كندا، من سوريا إلى بيروت.
وأضف إلى هذين الإنجازين، إنجاز إجلاء اللبنانيين الذين يحملون الجنسية الكندية خلال حرب تموز 2006، لأنها لم تكن عملية سهلة، خصوصاً لأنه حينها كان الحزب الجمهوري في الحكم، وكان آخذاً طرفاً مع إسرائيل.
ماذا تقول للشباب اللبناني، خصوصاً في ظلّ ظاهرة الهجرة الكبيرة التي نشهدها؟
أنا من الأشخاص الذين يشجعون الشباب اللبناني على الهجرة، من أجل الخروج نحو العالم لرؤية ومعرفة ماذا يجري من حولهم، من تعلّم وإنضباط وتطور وحياة إجتماعية، ومن ثمّ العودة إلى لبنان من أجل خدمة البلد بالطريقة الصحيحة، ولكن جيلنا حُكم عليه بأن يكون مهجّراً ويخدم من الخارج.
ومن أهم الأمور التي أركز عليها في محاضراتي ولقاءاتي، أنه علينا كلبنانيين أن لا نذوب في المجمتع أو البلد الذي نعيش فيه، بل علينا أن نبقى متفاعلين ونندمج إندماجاً كامل من دون ذوبان.
ما هو أقرب مشروع جديد تعمل عليه حالياً؟
بعد إنفجار المرفأ في بيروت، وعند زيارتي الأخيرة إلى لبنان، شعرت أن هناك عذاباً للشباب اللبناني، وأنا من الشباب اللبناني الذين تعذبوا، وأعتقد أن الضغط الفنسي الذي يعانون منه اليوم، هو أكبر بكثير من الذي عانيناه سابقاً كشباب، وعندما وقع زلزال هايتي الأخير، تكفلت الدولة الكندية بإحضار 10 هايتيين إلى كندا، ونحن لا نطالب بهذا العدد، بل نقول لهم أحضروا 1000 أو 2000 تلميذ، ومن غير المقبول، وفي الوضع الصعب للعائلات اللبنانية اليوم، وتحديداً بسبب أزمة الدولار، أن تفرضوا عليه كفالة قيمتها 45 ألف دولار، وأن تسمحوا له بـ 20 ساعة عمل فقط في الأسبوع وهو يتعلم.
هذا الموضوع أخذته حالياً على عاتقي، ولكن للأسف بسبب وضع فيروس كورونا، والسياسية الداخلية في كندا، هناك صعوبة أكبر، والمطلوب منا أن يكون هناك ضغط لبناني أكبر على الحكومة الكندية، المشكورة على دعم لبنان بـ30 مليون دولار خلال هذه الأزمة، إضافة للمساعدات الغذائية، ولكن الأهم هو العمل على بناء جيل لبناني لمستقبل أفضل.
هل لديك صداقات مع فنانين لبنانيين؟
كلا، كنت صديقاً للفنان مروان خوري خلال أيام الدراسة، ولكن حالياً ليس هناك من تواصل بيننا، وأنا من محبي فن السيدة فيروز والفنانة ماجدة الرومي.
هل تفكر في العودة إلى لبنان؟
طبعاً، فأنا أبني بيتي في لبنان، على أمل العودة إليه يوماً ما، ولكن بقدر ما نحاول أن نفتح هذا الأفق اللبناني المغلق، بقدر ما تفعل الدولة والسياسيون العكس، وكأنهم يقولون لنا إنه ممنوع عليكم العودة مجدداً.