تعود ذكرى استقلال لبنان ككل عام في ٢٢ تشرين الثاني/ نوفمبر، ولكن يغيب الاحتفال الرسمي هذه السنة بسبب فيروس كورونا الذي حجر الملايين داخل منازلهم، وجعل ملايين آخرين بلا عمل، وحصد أرواح الآلاف.
في مثل هذا اليوم، كانت خالتي مي مرّ المؤرخة والشاعرة والمناضلة، تُمجّد لبنان واستقلاله بمقالات وقصائد تُبرز عظمة بلد الأرز بحضارته الضاربة جذورها في التاريخ، والتي تعود الى ٦ آلاف عام. ولذلك انكبت مي مرّ على دراسة كل تلك الحقبات، ونشرت عشرات الكتب، وكيف لا وقد ورد اسم لبنان ٧٥ مرة في الكتاب المقدس، ورنم المرتلون اسمه في المزامير :"الصديق كالنخلة يزهو، كالأرز في لبنان ينمو".
ولشدة غرامها بأرز لبنان الذي يتصدر علم البلد، سمّت مي مرّ ابنها أرز، وهو بدوره يحمل شعلة الوالدة مي والوالد فريدي اللذين كانا مثل عصافير الحب، وعندما رحل فريدي، رحلت وراءه مي الى دنيا الحق.
تأتي ذكرى الاستقلال هذه السنة حزينة، فالفيروس التاجي حصد أرواح كثيرين في لبنان والعالم، وانفجار المرفأ هجّر نصف سكان العاصمة بيروت، وحصد أرواح ٣٠٠ شخص، وانهارت العملة الوطنية، والتهم الانفجار مدخرات المواطنين وتعويضاتهم. مع ذلك علمتنا مي مرّ أن لبنان لا يموت، وأنه كما نهض من الحروب، سينهض من بين الركام مثل طائر الفينيق.